حل علينا صيف 2010 بحمد الله ، وأضحت جالياتنا المغربية تعود إلى أرض الوطن من كل أنحاء العالم، وبالموازاة مع المكالمات الهاتفية لحجز مقاعد على متن الطائرات والبواخر، تصاعدت وثيرة المكالمات الهاتفية نحو الجمعيات والمن!مات المهتمة بالعنف على المرأة. بهذه المناسبة، اتصل بنا مركز الاستماع والمساعدة التابع للرقم الأخضر ضد العنف على النساء والذي تسهر على تسييره واحدة من أكبر جمعيات النساء المغربيات بإيطاليا ، ليطلعنا على حقائق وتقارير مهولة. ففي حين يتلقى الرقم الأخضر سنويا حوالي ستة آلاف مكالمة لطلب المساعدة والتشكي على العنف من قبل نساء مغربيات من كل أنحاء إيطاليا، هناك ثلث المكالمات تتركز في الفترة ما قبل العطلة الصيفية والعودة إلى الوطن. وتبقى وراء هذه الظاهرة هو خوف ويقين تلك النساء من التطليق أو حرمانهن من أوراق إقامتهن بالمهجر سرعان ما يطأن تراب الوطن ليُجبرن على القعود هناك فاقدات بذلك كل الحقوق التي يمكنهن الحصول عليها بدول المهجر كالنفقة و ما غير ذلك في حالة الفراق. أما الحقيقة الثانية والمفزعة و خاصة ببلد إيطاليا، تتشابك خيوطها بعوامل تاريخية و اقتصادية و اجتماعية : فهجرة المغاربة إلى إيطاليا بدأت في أواخر الثمانينات ، لتثمر اليوم جيلا ثانيا من شباب و شابات ازدادوا و ترعرعوا بالمهجر حاملين الجنسية الإيطالية وغيرها، خصوصا شابات لحقن في السنوات الأخيرة بسن الزواج، ليبدأ الصراع بينهن وبين آبائهن حول الحرية الشخصية ، متابعة الدراسة وأحاسيسهن الإنسانية ، لينتهي الأمر إلى معاقبتهن بإجبارهن على الرجوع النهائي إلى أرض الوطن، أو أكثر من ذلك تزويجهن إجباريا بفرد من العائلة بالمغرب أو لمن يدفع أكثر من أجل الحصول ، من خلال هذا الزواج، على إذن الإقامة أو الجنسية الإيطالية. هذه الظاهرة أصبحت أكثر شيوعا مع تداعي الأزمة الاقتصادية ، ناهيك على قرارات خاطئة لأفراد يعاملون الزوجة و الابنة كملكية خاصة يبيعها متى يريد. ولم يقف الأمر على هذا فقط ليصل إلى حد القتل و الأمثلة كثيرة هذه السنة لآباء قتلوا بناتهم لأنهم أحسوا بعصيانهن سوى لأنهن ازددن وكبرن في مجتمع مختلف معزز بقوة الشخصية و تعلمن من المدارس الأوروبية معنى الحرية و اتخاذ القرار وتحمل مسؤوليته، لكن في المقابل هناك المهاجر الأب الذي لم يتخذ قرارا صحيحا من الأول وهو أن يهاجر لوحده فقط لجمع المال أو الهجرة لبناء أسرة تنسجم مع المجتمع المضيف. نود في هذا العمود تنبيه الرأي العام إلى هذه الآفة التي تنخر جسد مجتمعنا سواء بالمهجر أو داخل الوطن ، وأن لا يقف العمل والمجهود لمحاربتها فقط خلال أيام الحملة ضد العنف، بل حبذا أن تعقد معاهدات بين المغرب والدول الأوروبية حول توفيق مدونة الأسرة المغربية مع قوانين المهجر ليتم حل النزاعات بين الزوجين حتى داخل الهيئات القنصلية ليضمن سواء حق المرأة الأبناء و حتى الرجل دون انتظار العطلة الصيفية.