في ظل ضغوطات صندوق النقد الدولي وبروكسيل والأسواق قرر رئيس الوزراء الاشتراكي الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو الاربعاء الماضي إدخال إصلاحات جوهرية على سوق العمل بهدف تنشيط قطاع التوظيف. و في هذا الإطار يقوم المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس كان بزيارة عمل يوم الجمعة المقبل إلى اسبانيا للتباحث مع رئيس الحكومة الاشتراكية حول نوعية الإصلاحات المراد اتخاذها من طرف المسؤولين الإسبان, وكيف يمكن مواجهة الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها سوق الشغل الذي يفتقر إلى المرونة الكافية والمطلوبة لاسترداد مستوى معقول من العمالة. وقال ثاباتيرو الذي سيحضر القمة الأوروبية الأخيرة في فترة الرئاسة الاسبانية الدورية للاتحاد أن بلاده "قوية وصلبة وتملك رصيدا دوليا"، مضيفا انه "كما يحدث في العديد" من الدول الاخرى، فان اسبانيا كانت "مجبرة" على اتخاذ "اجراءات سريعة (...) لانقاذ النظام المالي، والتحفيز الضريبي، وخفض العجز".. وترى الحكومة الاشتراكية أن من شأن هذا الإصلاح الأخير حول سوق الشغل ، أن يشكل عاملا مهما لحل مشكلة البطالة، التي شهدت منذ بداية الأزمة الاقتصادية في أواخر سنة 2007، ارتفاعا مهولا بعد أن بلغ عدد العاطلين حوالي أربعة ملايين ونصف شخص. وينص قانون إصلاح سوق العمل الذي كثرت مطالبات المؤسسات الدولية بتطبيقه على إمكانية قيام الشركات التي تخسر خلال ستة أشهر متتالية بالاستغناء عن العاملين مقابل دفع تعويض براتب 20 يوما من العمل عن كل عام . لكن يبدو أن هذا المشروع لم يقنع المعارضة و المركزيات النقابية التي لم تتقبل مشروعا يشجع على تسريح العمال على طريقة “لوو كوست”, وفور إعلان موافقة الحكومة على القانون , دعت نقابات اسبانية إلى إضراب عام في 29 سبتمبر المقبل احتجاجا على هذه الخطوة، في أول إضراب من نوعه منذ العام. وتواجه اسبانيا منذ 2008 أزمة اقتصادية رغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للتصدي لها. وما ساهم في تفاقم هذه الأزمة تراجع قطاع العقار الذي شكل خلال العشر سنوات الأخيرة دعامة قوية للاقتصاد الإسباني، حيث تراجعت مبيعات المنازل بأكثر من 40% مما يعني تراجع كل المهن المرتبطة بالعقار, مما أدى إلى ارتفاع معدل البطالة الذي يعتبر الأعلى بين دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية والأكبر من نوعه خلال العشر سنوات الأخيرة بنسبة تصل إلى 20%. ويرى بعض المحللين والمراقبين الدوليين, أنه في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية المتردية سوف تتراجع نسبة المهاجرين الوافدون إلي اسبانيا باستثناء أولئك الذين سيعملون في قطاعات يصعب العثور على اليد العاملة لتغطيتها مثل حرفة جني المحاصيل الزراعية في بعض الأقاليم الأسبانية. كما يرى الخبراء الاقتصاديين أن المرونة في سوق الشغل والتسريحات التي ستنتج عنها سيكون لها انعكاسات سلبية على المهاجرين المقيمين باسبانيا خاصة المغاربة. وقد سبق للباحث في علم الإجتماع ميغيل باخاريس أن كشف في تقرير أعده بدعم من وزارة التشغيل والهجرة الإسبانية والمرصد الدائم للهجرة،عن أرقام مرعبة ومخيفة حول نسب البطالة في صفوف الأجانب المقيمين باسبانيا حيث تمس المغاربة أكثر من غيرهم من المهاجرين، فقد تصل لدى المغاربة إلى 35 %، في حين وصلت لدى المهاجرين الجزائريين الى 24.5%.