تعددت لحروزا والغش واحد كعادتي كل صباح أتوجه صوب مكتبة الحي لأقتني جريدتي المفضلة، ولا أخفيكم سرا أن مكتبة حينا ، مالا يخطر على بال بشر يوجد داخلها ( مخدع هاتفي-فوطوكوبي-كاتب عمومي –جرائد- سيبير- صودوكو..) لكن بالأيام الأخيرة تحولت إلى مكتبة من نوع آخر، طوابير من الناس أمام المكتبة جلهم طلبة استغربت ما الذي يحدث،انقلاب على أعرافها وروتينها اليومي صارت مكتبة ...polyvalente انتابني فضول لأعرف ما يحدث ، أخذت مكاني في الطابور وأخيرا حان دوري إذا بصاحب المكتبة يسألني : الأخت أش باغية باك آداب ولا علوم؟جميع المواد ولا مادة محددة ؟... ذهلت من هول ما سمعت أجبته على مضض وأنا مصعوقة لأعرف ما يحدث بالضبط!!!، الذي حز في نفسي ليس التحضير المسبق للمواد من قبل صاحب المكتبة في شكل ملخصات(لَحْرُوزَا) لتسهيل المأمورية على الطالب المقبل على اجتياز امتحانات الباكالوريا حسب ادعائه ،لكن ماآلمني هو إدارة هذا المكتبي للغش بطريقة فنية: حينما سألني عن التقنية التي أود أن أخزن بها الملخصات الجاهزة؟ ، دقة وإتقان غير مشهودين: حكامة جيدة في إدارة الغش مع غياب كل آليات الرقابة لمنع هذا التسيب من طرف مرتزقة، شغلهم الشاغل الربح السريع، بشراكة مع طالب مهمل غافل عما يجري حوله، غارق في دهاليز الإدمان على أشياء صارت معتادة بمجتمعنا المغربي المخدرات، ومشاهدة الأفلام الإباحية... الهدف المجمع عليه من كل تلاميذ الباكالوريا: الغش في الامتحان للحصول على شهادة هم في قرارة أنفسهم يعلمون أنها لا تسمن ولا تغني من جوع والذي يؤسف له هو أن وزارة اخشيشن منهمكة في تفعيل مواثيق الإصلاح والتكوين لسنا ندري ماجدواها؟... ظاهرة الغش المحكم صار متفشيا في صفوف المدارس ،غش يتماشى والانخراط في مسلسل العولمة وتقنيات المعلوميات الجديدة فما على الطالب إلا الضغط على رابط موقع الشامل وتصبح كل ملخصات الدروس بين يديه ، والقيام بتصغيرها بشكل فني غير ملفت لأنظار الأساتذة، المفترض فيهم حراسة الطلاب والقضاء على ظاهرة الغش ، ناهيك عن دروس الهدم وتقوية الجيوب ... دروس الهدم وتقوية الجيوب سألوني هل أن هاته الدروس تساعد على تقدم التعليم في بلادنا، وعلى تحسين المستوى المعرفي لأبنائنا، وهل هي قدر محتوم لا تستقيم الحياة بدونه ولا مفر منه لبلوغ أهدافنا؟ أجبتهم والألم يعتصرني أنها نفق مظلم ،انجر له التلميذ والولي والأستاذ...،فالتلميذ البريء تعلم الاتكال والتكاسل، منذ سنواته الأولى في التعليم وهو ينتظر الملخصات المريحة من مدرسه الخاص ولا يهتم الا بالاجابات الضرورية لنيل ما تيسر من النقط التي يتبرع بها عليه أستاذه الكريم، ولا يحسن حتى تصفح الكتاب المدرسي ولا ضرورة عنده للانتباه ولا للتركيز في القسم لم لا وهو يقضي وقته خفيفا كالنسيم . دروس الهدم الذي يطلق عليها البعض" الدعم "ساهمت في خلق نمط جديد من الشباب، فاقد القدرة على التفكير والمبادرة والاعتماد على النفس يعيش مدمنا على السيليسيون والقرقوبي ولا يحسن التأليف ولا النقد... لا ينطق بكلمة تعبر عن رأيه الرافض أو المؤيد، فقط يتلقى جرعات من المعلومات تتبخر مباشرة اثر الامتحان ارضاءا لوالده الذي أنهكه بتكرارالعبارة ذاتها( نوض تمشي للسوايع راه مشى الحال؟ مابقى الامتحان ديال الباك والو؟ جيل يحمل أوهام الشواهد دون أن يملك ما تتطلبه من كفاءة ذهنية ومعرفية،ولا غرابة في ذلك فقد عاش حياته المدرسية محفوفا بالدلال وال "فشوش الخاوي" لا يستطيع أن يخطو خطوة واحدة مدروسة دون ملقن يساعده ولم يسمع قط عبارة الاعتماد على الذات. هذا التواطؤ السلبي المسكوت عنه بين الولي والأستاذ والادارة وكل من له علاقة بالتعليم... يُبْقي الشباب الذي يتخرج من المعاهد العليا والجامعات حاملا شواهد من ورق:" باكالوريا ورقية،دكتوراة ورقية..."ضحايا التيه في سوق الشغل المفعمة بالمخاطر والمنعرجات،والمعارف والوساطات ولن يجد آنذاك أستاذه الملقن المنقذ الذي طالما أطعمه السمك لكنه لم يعلمه كيف يصطاد ولا كيف يصنع لنفسه قارب النجاة يحميه ذُل الشوماج وهوان التوسل للوساطات... شبابنا اليوم يدفع ضريبة أخطاء الآباء حين لم يعودوهم منهجية البحث ولم يغرسوا فيهم عقلية المثابرة ومجابهة كل الاحتمالات...،ناهيك عن التجاوزات التي يقوم بها بعض الساهرين على عملية "الهدم وتقوية الجيوب "حتى أصبحت حديث المقاهي في كل المناسبات،كالظغوط التي تمارس على التلامذة ويدخل تحت اطارها تحرش الأساتذة بالمراهقات مستغلين طيش هذه الفترة الحرجة التي تكون فيها الفتاة مستسلمة كليا لعاطفتها مقابل نقاط معدودات ، الا اني أحمل كامل المسؤولية لأولياء الأمور الذين تعودوا على دفع أموال طائلة شهريا،وبدرجات متفاوتة،مقابل دروس الفيزياء والرياضيات وعلوم الحياة والأرض هدفهم الوحيد هو حصول أبنائهم على باكالوريا حتى لو كانت فارغة المحتوى البيداغوجي والعلمي... رجعت بذاكرتي إلى تسعينيات القرن الماضي لعمل مقارنة بين طالب الأمس وطالب الألفية الثالثة فوجدت بونا شاسعا بين الجيلين على الأقل على مستوى العقليات :فالجيل السابق لم يكن يعتمد على المعطى الجاهز، والغش الالكتروني ،للحصول على شهادة فارغة من محتواها البيداغوجي ، تكرس قيم منبوذة شرعا وقانونا وعرفا ، فما جدوى أوراش الإصلاح في التعليم وسط بنية تحتية هشة تعتمد على بعد ثلاثي هش : (معطى جاهز، غش الكتروني ، رقابة وهمية... )بالتالي باكالوريا فارغة في محتواها رغم التهويل والتهليل لقيمتها المعدومة أصلا؟... الله ياخذ الحق فأبناء الميسورين اللي كانوا حيلة وسباب؟ وانضم اليهم المحظوظون من الطبقات الوسطى حتى امتدت كالنار في الهشيم وجرت الويلات على الفقراء المساكين؟ ويبقى التحسر واسترجاع الذكريات سيد الموقف كل سنة، في غياب ميثاق حقيقي لمحاربة الغش ودروس الهدم وتقوية جيوب بعض عديمي الضمير من الأساتذة... [email protected]