أشكر جزيل الشكر موقع هيسبرس وكذا الإمام سعيد الهبطي الذي وجه إلي شخصيا عدة أسئلة بمقال نشر في الثاني من ماي 2014 تحت عنوان “هل يمكن تقويم الدين.. ؟!”. بهذا النقاش الصريح لربما نشارك جميعا في رسم ملامح مجتمع جديد وفهم آخر للخلل الذي يشوب تصوراتنا للدين الإسلامي. إنني لسعيد جدا ومستعد كل الإستعداد للمشاركة ولو بخطوة بسيطة في سبيل البحث عن حل لمعضلة أخواتي وإخواني المسلمين رغم أنني أصبحت أومن بشكل مختلف جذريا عما كنت عليه في بداية السبعينات، لما كنت شابا أصوم رمضان وأقيم الصلوات وأقرأ القرآن كعامة الناس أو بالأحرى أردده دون دراسة محتواه بدقة وبتمعن. لو لم أدرس إدارة المؤسسات الصناعية واستعمال الحاسوب لربما كنت سأسبق السيد سعيد الهبطي إلى منبر الإمامة بألمانيا التي اكتشفتها في بداية السبعينات ثم هاجرت إليها في منتصف ذلك العقد. لو لم أحظ بذلك التكوين لربما كان بإمكاني أن أتفق مع السيد الهبطي على الرؤية النمطية لماهية الدين ولشاركته الإعتقاد بأنه يتعذر علينا تقويم أسس عقيدتنا الإسلامية. لكن شغفي بالمطالعة شاء أن يتوسع فهمي لظاهرة تدين البشرية عامة وللإسلام خاصة. إن تعلمي للقرآن بدأ ب 'لَمْسيد' في الخمسينات. أما فهمي له حق فهمه فيعود إلى سنوات دراستي العليا بألمانيا حيث اكتشفت أعمال سلسلة من المستعربين المتخصصين في دراسة وتدريس تاريخ الإسلام، نشروا ثمرات جهودهم فيما بين القرن التاسع عشر وبداية العشرينات من القرن الماضي. لقد حللوا ودرسوا القرآن بمنتهى الدقة والإتقان (خصلتان ألمانيتان) ليقفوا على ما يشوب نصه من نقائص نحوية وإنشائية كان المسلمون أنفسهم قد سجلو بعضها في كتب وبمخطوطات متفرقة لم تكن بمتناولي بالمغرب. لم ينبهني فقهاء 'لمسيد' ولا أساتذة التربية الإسلامية ولا العربية بالثانوية العصرية المغربية أن القرآن سجله المشرفون على كتابته وعلى جمعه بخط إختزالي يتسم بقلة الوضوح. إكتشفت أن سلفي من الجيل الأول لم يضع النقط المستعملة هنا فوق وتحت الحروف ولا عرف الحركات ولا كانت له فواصل أو علامات للإستفهام أو للتعجب إلى غير ذلك من نقائص الكتابة العربية في القرن الأول للهجرة. لذا كان من الطبيعي أن يختلف المسلمون الأوائل حول قراءة مصاحف ملؤها الألغاز والإبهام. والمسلمون من تلك النقائص التأسيسية براء إذ المسؤولون عن كتابة وجمع القرآن كانوا يجهلون الكتابة بوضوح وإتقان ولم يطوروا كتابة مكتملة ومُبَيِّنة كتلك التي استعملها جيرانهم من الروم والإغريق منذ أكثر من عشرة قرون قبل الهجرة. إنه لا يمكنني أن أكون صادقا ولا عادلا إن أقدمت، كجمهور غفير من أئمتنا ومفتينا ومفكرينا، على إتهام بشر من إخواني المسلمين بسوء فهمهم للقرآن وأنا أعلم أنهم براء من الخلل التأسيسي الذي يشوب تاريخ القرآن. فالمسؤولون هم من : أَمْلاه - لا يهمنا أهو أقرب للمخلوقات المخترقة لأجواء الفضاء أم القاطنة بأرضنا خَطَّهُ دون اختيار أو تطوير كتابة مكتملة واضحة وبالتالي مُوضِّحة جَمَعَه بشكل عشوائي حسب الطول وليس حسب تاريخ النزول. هؤلاء الثلاثة هم المسؤولون عما ورثناه بسببهم من تناحرات ومن مشاجرات عقيمة تظلم البشر إتقاء لتسمية مسببي قلة فهمنا وتعدد شروحاتنا حسب ميزان قوتنا أمام معارضينا. نعلم حق العلم أن السماوت نفسها هي التي كانت تأمر بشيء ثم بنقيضه في مناسبات أخرى ولا تثبت على مبدإ راسح، بل تنسخ ما سبق حفظه من القرآن وتنسي المسلمين بعضه وتأتي بجديد وتامر بإقحامه داخل سور كانت قد تنزلت من قبل لأرض الواقع. فالمسؤول عن هذا الخلل التأسيسي، ثم الوراثي، هي تقلبات أحوال السماء وليس نحن بنو البشر. من حقنا ومن واجبنا إذن، إن كنا صادقين وغير معتدين على الأبرياء من بني البشر، أن ندافع عن براءتنا البشرية وأن نعيد النظر فيما قام به المسؤولون خلال حقبة التأسيس. الجرأة على مساءلة ومحاسبة المسؤولين عوض اللجوء إلى التضحية بأكباش فداء، كما في قصة جدنا إبراهيم، هاته هي العدالة والشجاعة الفكرية التي تنقص تربيتنا الإسلامية والتي تؤسس لقلة العدل ولإنعدام المسؤولية بكل طبقات المجتمعات الإسلامية. نعم أنا مدين أولا لكتب العجم من الألمان الذين ساعدوني على اكتشاف ما لم أكن أعلمه عن تاريخ القرآن. وفي الثمانينات وقفت كذلك على كتب ريجيس بلاشير بالفرنسية التي علمتني كيف يمكننا، مثلا، تصحيح جمل أقحمها كتبة القرآن الأولون ثم التابعون في غيرمواضعها. فحرية البحث والتنقيح والنشر هي التي ساعدت جزءا من بني البشر (الأوروبيين منهم خاصة) على فهم تراث البشرية بأكملها دون أحكام مسبقة. فالفرنسيون والألمان الذين واتاني الحظ للإطلاع على بعض كتبهم دققوا دراسة الديانات، ليس التوحيدية فحسب، بل تجاوزوا ذلك بكثير ليهتموا بفك ألغاز كتابة أجدادنا القبطيين القدامى بمصر (الهيوروغليفات) وكذا الكتابات المسمارية بالهلال الخصيب ورموز المايا والآنكا بأمريكا ودراسة القصص الشفوية التي كانت تتداولها قبائل قد نعتقد أنها همجية وبدائية بأدغال الآمازون وبصحاري أستراليا وغابات إفريقيا... بعدما تحرروا من رقابة الكنيسية والحكام الموالين لها، فَهِم علماء أوروبا وما زالوا يُفْهمون قراءهم عبر تحقيق نصوص عريقة هي من تراث البشرية أن النظرة المزدرية للثقافات وللديانات الأخرى، المصرية منها والسومارية والكلدانية ومن كان الأقدمون يَسِمُونها بالبدائية، ما هي إلا نظرة متعجرفة وخاطئة لشعب اعتقد أنه المختار دون العالمين ولبني عمهم، وإليهم ينتمي بعض أجدادي، ما زالوا يعتقدون أنهم خير أمة أخرجت للناس بينما هم أمة جاهلة ومتجاهلة لثقافات ولحضارات راقية سبقتنا ولديانات لا تختلف في آخر المطاف عن عقيدتنا الإسلامية. لقد عد أجدادنا العرب والمسلمون كتابة تلك الحضارات في عداد السحر وازدروا معتقدات أهلها واتهموهم بعبادة الأصنام وبتعددية الآلهة بينما نعلم حق العلم أنهم كانوا يحترمون ما ترمز إليه وما تمثله التماثيل من صفات مختلفه. نعم لقد اكتشفت خلال الأربعين سنة الماضية أن عددا من قصص بني إبراهيم من اليهود والمسيحيين والمسلمين كانت مخطوطة بشكل مسماري منذ غابر الأزمان. واللوح المحفوظ أو بالأحرى الألواح المحفوظة تحت الأطلال كانت وما زالت مكتباتها الزاخرة تنتظر العرب والمسلمين ليطلعوا على محتوياتها وليكتشفوا تاريخ قصصهم التي روتها التوراة ثم الأناجيل ثم القرآن مع إضافة تعديلات ظرفية أملتها ما نعرفه من “أسباب النزول” المتقلبة، خلاف القيم والمبادئ الإنسانية السرمدية. هذا هو ما اكتشفته من جهل وتجاهل لليهود ولورثتهم من المسلمين للحضارات التي سبقتهم. من واجبنا إذن التخلص من هذا الجهل والتجهيل والتجاهل الذي ورثناه لنفهم حق فهمها حضاراتنا البشرية العريقة التي حرمنا آباءنا وأجدادنا من قراءة نصوصها الأصلية، أكانت بلوحات السوماريين والبابلين أم بمآثر المصريين أم بتوراة بني عمنا إسرائيل أو بأناجيل إخوانهم المسيحيين. إن المغرب لقادر اليوم على إقامة ثورة فكرية وسلمية حقيقية إن قرر أبناءه وبناته، حاكموه ومحكوموه، تجاوز واختراق حدود الأجداد المقيدة للأذهاننا ولبصيرتنا، لنفتح أعيننا على جمال وعلى ذكاء وعطاء البشرية بأكملها والإطلاع على مخطوطاتها وكتبها بكل لغاتها القديمة والحديثة. واجبنا الملح هو تنشئة جيل جديد عالم حق العلم وليس كأجدادنا الذين كانوا يتحدثون عن التوراة والأناجيل دون أن يقرأوها ودون أن يعرفوا ما استقته من حضارات شرقية عريقة في القدم. كفانا اليوم تربية لجهلة يتشدقون بمعرفتهم لعلوم الدين. هاته هي الثورة السلمية والحقيقية التي أدعو إليها إخواني وأخواتي المغاربة ليتجاوزوا حدودا ضيقة رسمها الأجداد لعقولنا فبقينا جاهلين ومتجاهلين لتاريخينا ومزدرين لإخواننا من بني البشر وكذا لأجدادنا ولعصورنا الموسومة بالجاهلية. إنفصام وشرخ عميق في الشخصية بات من اللازم علينا علاجه بالمعرفة وبالوقوف على النصوص الأصلية بلغاتها الأصلية. وإنني لا أشك أن المغاربة على العطاء العلمي الرصين لقادرون. فلنكن السباقين إلى هاته المغامرة الشيقية من بين كل المسلمين. بعد هذا التقديم لتربيتي الإسلامية المغربية ثم الألمانية ثم الفرنسية ولقناعاتي الحالية، أود أن أنتقل إلى الإجابة على تساؤلات الإمام سعيد الهبطي. يعتبر السيد الهبطي أن "تقويم الدين" الذي أفضله إنما هو خيار “تبسيطي وساذج، لأنه غير واقعي، ويفتقر إلى الشروط الموضوعية للنجاح”. ويضيف السيد الهبطي في مكان آخر “لم يحدد حيلوط المفهوم الذي يقصده من مصطلح "تقويم الدين"، ولا قدّم تصورا واضحا عن كيفية ذلك”. أعترف أن خياري تبسيطي وساذج ومن المحتمل ألا ينجح في إقناع المسلمين بسهولة كي يتأهبوا ويغيروا ما بأعماق أنفسهم ليستجيب القدر لتطلعاتهم. لكن المهم هو أن أساهم باقتراح حلول مبسطة وسلمية قد تؤدي (من يدري ؟) بإخواني وأخواتي إلى الخروج غدا أو بعد غد من حلقة مفرغة طاف داخل نطاقها عدد غفير ممن فضلوا، مثل السيد الهبطي، تقويم إعوجاج بعض المسلمين عندما ينضجون عوض تقويم أسس التربية الإسلامية ومفاهيمها المحورية التي يتلقنها كل مسلم إبتداء من المهد. أعتقد أننا لن ننتج أبدا نساء ورجالا يحترمون الإنسان، كل إنسان دون إستثناء، بتلقينهم مرارا وتكرارا كتابا وسيرة لا احترام بهما لا لأمهات المومنين ولا لحرمة ولكرامة الإنسان بغض النظر عن إيمانه أو كفره مع الإشهار بهذا أو ذاك. رغم كل هاته القرون فأنا طفل ساذج من سذاج مكة، أعبد ما تمثله الأصنام وجمالياتها وأقدر الله حق قدره كما أقدر في نفس الوقت اللات والعزة ولا أطيق أن يتسلط أحدهم على الآخرين. لم أسفه ولم أتهكم أبدا من معتقدات الحنفيين أو من ملة ورقة بن نوفل، ولا أزدري مخطوطات بني عمي اليهود المتواجدين بجزيرتنا العربية. بسذاجة جاهلية أتساءل : لماذا أرسلت يا رب من يفرق بين المكيين والمكيين ويسفه أحلامهم وعقائدهم بينما هم لك محترمون ومقدسون ؟ ولماذا تأمر بالمنكر وتملي على المسلمين ”كتب عليكم القتال وهو كره لكم” بينما تعلم أن لا أحد يحرمهم من إقامة شعائرك، لك وحدك، أو من الطواف بالكعبة رغم اختيارهم لبيت المقدس كقلبة ؟ لماذا سمحت لهم بأن يزدروا وأن يتهكموا من عقائد الآخرين ويبثوا بهذا الضغينة والبغضاء بين القبائل ؟ هل كنت تريد تأجيج الخلافات لتحملهم على سل السلاح بينما تعلم أن بجزيرتنا عرب متسامحون يأمرون بالمعروف وينصحون بتقديم الوجنة الثانية عندما يلطمنا أحد على الوجنة الأولى. أليس هذا رجعة إلى الوراء لزرع بذور الفتن بين بني البشر باسم الدين والعقيدة ؟ أسألك اللهم فهل هناك من يجيب بصدق وبصراحة ؟ هذا تأكيد لما قال به الإمام الذي أشكره على شرحه الجيد حيث كتب : “التقويم يعني في ظاهره تسديد شيء معْوجّ في جوهره وبِنْيته”. نعم هذا هو ما أقصده عندما أكتب رسميا لأئمة فرنسا وللإمام سعيد الهبطي القاطن بألمانيا. لقد بينت مرارا وتكرارا أن الإسلام يحرم على المسلمة الزواج بغير المسلمين، مثله كمثل سابقته اليهودية بفرنسا وبأوروبا التي كانت شريعتها تحرم على اليهود واليهوديات الزواج بغير اليهوديات واليهود. هذا التشريع الإسلامي واليهودي عنصرية وتفرقة وتمييز بين بني البشر. فالديانات التي تنص على العنصرية معوجة في جوهرها وفي بنيتها. وبإمكاننا بل من واجبنا تقويمها لكي تتماشى مع مبادئنا وقيمنا الإنسانية الراسخة التي تجلنا نمقت التفرقة والتمييز بين بني البشر. نعم لقد أرسلت للسيد الهبطي رسالة إلكترونية لم أسبه فيها وإنما عنونتها “ولعنة الله واللات على المنافقين أجمعين”. وبالطبع طلبت منه أن يجيب بكل صدق ودون أي نفاق عن سؤال عملي بسيط : "أنت الذي تنادي للتأسيس للمجتمع المدني، هل نددت يوما بتحريم تزوج المسلمات بغير المسلمين من الألمان، كما كان شأن اليهوديات الفرنسيات المحرم عليهن التزوج بغير اليهود؟ وهل أصدرت فتوى تحل تزوج المحجبات بمن تحببن أم أنك إمام ككل أئمة المسلمين تتشدقون بما لا تفعلون ؟" فكيف يمكن لأئمة المسلمين أن يأكدوا علنا، بلا حيا وبلا حشما، أن عقيدة الإسلام لا تفرق بين بني البشر وفي نفس الوقت لا يتبرأون مما أمرت به الشريعة الإسلامية من تمييز عملي ويومي يجري به العمل بضواحي مدننا الأوروبية ؟ لقد طلب نابولينون من اليهود التخلي عن عنصرية شريعتهم ليصبحوا مواطنين بكل معنى الكلمة فساعد بذلك اليهود على التحرر من قيود دينهم. ولم نجد بعد نابوليونا جديدا ليساعد المسلمين على التحرر من عنصريتهم. فالديانتان اليهودية ووارثتها الإسلامية معوجتان أصلا ولا يسعنا سوى حث المسلمين على تقويم إسلامهم. “تقويم الدين” ليس هو نسفه أو “الإنسلاخ الكلي من مبادئه وشرائعه” كما كتبت أيها السيد الهبطي وإنما الجرأة على الإعتراف بنقائصة وتقديم البديل. وأنت تعلم أن كثيرا من مبادئ وقطعيات الشريعة اليهودية والإسلامية قد انتهى بها العمل عند عدد كبير من اليهود ومن المسلمين ولم تندثر لا اليهودية ولا اندثر الإسلام. ولقد كتب الإمام الهبطي سؤالا يوجهه ا إلي وأجاب عليه بنفسه ليستنج من قوله أن ما إقترحه هو معقول وما أدعو إليه من تقويم للإسلام ولمنطلقاته ليس كذلك. وهذا هو نصه : “وماذا لو عكسنا السؤال ووجهناه لك السيد حيلوط، لماذا لا تروم أنت الصدق وتعترف بأن ما فعله إبراهيم عليه السلام كان بأمر من الله تعالى، وأن ذلك منتهى الإيمان والخضوع لله تعالى..إلخ ؟ لا شك أنك لن تستجيب لهذا الاقتراح ؛ وكونك لن تستجيب له، فاعلم أن الطرف الآخر، أي المؤمن ، لن يستجيب لهذا الخيار الذي تدعوه إليه .. إلخ. وعليه فإن الخيار المعقول والأوفر حظا، هو أن نعترف جميعا بالآخر كما هو، لا كما نريده نحن ، وهذا الاعتراف بالآخر هو المنطلق الرئيس ، والأرضية الصّلبة التي يتأسس عليها المجتمع المدني”. لقد رُمتُ الصدق، كل الصدق، لما بينت أن الله أمر إبراهيم باقتراف المنكر وأن إبراهيم أسلم أمره لله وامتثل لرؤياه كما امتثل إبنه. وأستنج من ذلك أن جدنا إبراهيم قدوة “للمسلمين أمرهم لله” وأنهم بسبب ذلك مستعدون للتضحية بالنفس والنفيس في سبيل الله عوض مساءلة ربهم. وبكل صدق تساءلت كيف يمكن لربنا أن يغتصب ضمائرنا عندما نقرأ بمصحفنا “كتب عليكم القتال وهو كره لكم” ؟ أليس الصدق والمعقول هو أن نطرح هذا السؤال عوض أن نلقن أبناءنا، مثلما فعل أجدادنا، أنه من واجبهم الجهاد في سبيل الله بالأموال والأنفس ؟ وليس معنى هذا أنهم لن يجدوا أسبابا أخرى للتقاتل فيما بينهم ولربما بشراسة تفوق شراسة الحروب الدينية. هذا هو البديل لنستعيد ضمائرنا التي فطرت على كره القتال وبهذا سيمكننا أن نقول بكل صدق : إسلامنا الذي سنقومه بأيدينا سيتخلص من السيف ومن سورته ليصبح مسالما لأننا قررنا ألا نسكت عن المنكر كما فعل جدنا إبراهيم وعدد غفير من ذريته ومن المبهورين ب”إسلامه وجهه لله” عوض التمييز بين الخير والمنكر. لذا أقول بصراحة للسيد الهبطي : لن يمكنك أبدا أن تغالط لا نفسك ولا من يقرأونك بأنه يمكنك أن تشارك في بناء مجتمع مدني دون أن تروم الصدق وتعترف أن الشريعة الإسلامية عنصريية مثلها مثل اليهودية إذ حرمت وما زالت تحرم على بناتنا الزواج بغير المسلمين. وسِلْم وسلام على الصادقين أجمعين.