حذرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، الدول العربية ومن بينها المغرب، من خطر "عودة الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية"، بسبب "شعور قوي يتملك الطبقات الاجتماعية المتوسطة بالضعف والتهميش. وأعطت لاغارد، اليوم بالرباط، في مداخلة لها بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول موضوع "بناء المستقبل: الشغل والنمو والإنصاف في العالم العربي"، وصفة للبلدان العربية التي تطمح لتحقيق رهان التنمية، تتكون من شقين اقتصادي واجتماعي، الأول دعم وتشجيع الاستثمار الخاص وإحداث المقاولات، والثاني دعم الطبقة المتوسطة، وتمكين الجميع من فرصة ركوب المصعد الاجتماعي. وأكدت لاغارد في هذا الصدد، على ضرورة وجود طبقة متوسطة قوية للدفع بعجلة الاقتصاد ودعم الاستهلاك والاستثمار في المستقبل وتعزيز تلاحم واستقرار المجتمع. وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي "إن الطبقة المتوسطة تحفل بالمقاولين الذين نحتاجهم اليوم لتغذية الاقتصاد الحديث"، داعية بالتالي جميع بلدان العالم العربي لتمكين مواطنيها من سبل الارتقاء في السلم الاجتماعي للخروج من الفقر والالتحاق بالطبقة المتوسطة، والسهر على أن يتم تقاسم ثمار الازدهار بشكل أوسع وأكثر إنصافا. وانتقدت مديرة صندوق النقد الدولي النسبة الكبيرة للقطاع غير المهيكل بالدول العربية، وغياب توزيع عادل للثروات رغم تحسنها، مضيفة أن "النقاش حول قضايا النمو والتشغيل والإنصاف في العالم العربي يندرج في أفق مليء بالتنمية في هذه المنطقة". من جانبه، أكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي نزار بركة أن هذا اللقاء يؤكد ثقة صندوق النقد الدولي في قدرة المغرب على الانخراط في الإصلاحات الهيكلية اللازمة وتقوية استقلالية قراره الاقتصادي. وبخصوص المغرب، الذي تزوره حاليا المديرة العام لصندوق النقد الدولي، قالت لاغارد إنه "بلد حقق تقدما هائلا"، حاثة السلطات المغربية على "مواصلة السير في النهج نفسه لتحقيق استقرار مالي أفضل، وإطار ماكرو اقتصادي جيد". وفي سياق متصل أردفت لاغارد، في تصريح للصحافة عقب مباحثات مع وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد، أن "خط الوقاية والسيولة" الذي حصل عليه المغرب من صندوق النقد الدولي يشكل "نوعا من التأمين" لمواصلة تطوير الاستقرار المالي، وإصلاحات الأنظمة التي انطلقت". ومن جانبه لم يفوت وزير المالية والاقتصاد، محمد بوسعيد، فرصة تواجد مديرة صندوق النقد الدولي بالمغرب، ليؤكد أن "الانتعاش المالي" في المغرب جار، موضحا أنه ما زال يتعين القيام بجهود كبيرة، خاصة في ما يتعلق بمواصلة الإصلاحات المرتبطة بالمالية العمومية. وشدد بوسعيد على أن تحقيق نمو شامل كفيل بخلق فرص للشغل" لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال تطوير استراتيجيات قطاعية بدأت الآن تعطي ثمارها"، معربا عن ارتياحه للإستراتيجية الجديدة لتسريع التنمية الصناعية التي تمكن من دعم النمو وخلق فرص الشغل. وأشاد بوسعيد بمواصلة المغرب الإصلاحات الاقتصادية والمالية، مضيفا أن المغرب يتموقع الآن كنموذج في المنطقة بفضل تصميمه على مواصلة الإصلاحات التي انطلقت تحت قيادة الملك محمد السادس". ووصف المسؤول الحكومي، في تصريحات صحفية عقب محادثاته الثنائية مع المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، العلاقات التي تربط المغرب بصندوق النقد الدولي بكونها "عريقة وتتسم بالصراحة والثقة والاحترام المتبادل". ومن المقرر أن تجري لاغارد مباحثات مع عدد من المسؤولين المغاربة، ضمنهم رئيس الحكومة، ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ووالي بنك المغرب .كما ستزور الجامعة الدولية للدار البيضاء، و"تكنوبارك" بالدار البيضاء.