"شاب يحمل حقيبته ويصعد للطائرة٬ مهاجرا إلى الولاياتالمتحدة. خلال سنة أو اثنتين يعود وفي رصيده البنكي أموال طائلة. تمسك بيده شقراء نحيلة، ويرسل والدته إلى الحج، ويهدي والده مشروعا يؤمن له دخلا يستطيع به أن يشتري فيلا وسيارة. الشاب نفسه يساعد إخوته على استكمال دراستهم في أحسن الجامعات الخاصة. ولم لا يتمكن من مساعدتهم للهجرة ليعيشوا معا هناك٬في بلد الحريات والحقوق والأحلام المشروعة". القصة أعلاه لا تمت للواقع بصلة وأي تطابق في الأحداث أو الشخصيات٬ غير مقصود٬ لكن القصة بالتأكيد تلخص أحلام العديد من الشباب المغربي الطامح في الهجرة إلى الولاياتالمتحدة، ويتخيل نفسه بطلا للقصة أعلاه في كل مرة٬ بل إن العديد منهم ينتظر قدوم شهر مايو بفارغ الصبر لكي يتمكن من المشاركة في "قرعة أمريكا" التي تنظمها وزارة الخارجية الأمريكية في العديد من بلدان العالم. انتظار الحلم الوجوه كثيرة والسؤال وحيد: متى ستبدأ المشاركة في "قرعة أمريكا"؟ والجواب واحد لا يتغير: "في شهر مايو" . كثرة السؤال جعلت فريد صاحب مقهى للإنترنت يكتب الجواب على ورقة بخط عريض ويعلقها في واجهة المقهى. فريد يجعل من المشاركة في القرعة عملا موسميا٬ إذ يساعد الشباب الراغب في ملأ استمارة المشاركة مقابل 20 درهما (حوالي دولارين). يقول إنه يملأ المئات من الاستمارات للراغبين في تحقيق الحلم الأمريكي ويعترف بأن أول الاستمارات التي يملأها يكون اسمه عليها، ثم أسماء بعض أصدقائه وبعض أفراد أسرته. أحلام لا تشيخ رغم بلوغه الخمسين لا يزال حلم الهجرة إلى الولاياتالمتحدة يراوده. يخطط لحياته بعد أن ينزل من الطائرة بعد الوصول٬ يقول محمد الناصيري ل"هنا صوتك" إن مستقبله هناك سيكون أفضل بكثير من حاضره هنا، وإن بناته الأربع سيعيشون في ظروف أفضل". لا يتردد محمد في المشاركة في القرعة سنويا منذ أزيد من عشر سنوات٬ بل إن مواعيد المشاركة والإعلان عن النتائج أصبحت تتصدر لائحة أهم أحداث السنة. الناصيري وبناته وزوجته يعيشون كل سنة على أمل أن يحالفهم الحظ ويفوزوا بالبطاقة الخضراء: "الجرين كارت". الحلم لم يكتمل سارة (22 سنة)٬ تدرس الإعلام في معهد خاص، والأدب الانجليزي في جامعة "بنمسيك" بالدار البيضاء تقول إن قصتها مع الحلم الأمريكي تصلح أن تكون فيلما سينمائيا. بدأت القصة بمشاركة والدها في قرعة أمريكا بالصدفة ثم اختياره من بين الفائزين . "لكن الأحلام لا تكون كاملة دائما٬ فالقنصلية سمحت له باصطحاب الأسرة كاملة إلا أنا٬ لأنني ببساطة كنت قد تجاوزت العمر المسموح به". تضيف سارة: "تردد والدي كثيرا، لكنني أقنعته بالسفر واستغلال الفرصة. أما أنا فسأواصل المشاركة في القرعة ٬ليس طمعا في الحلم الأمريكي الذي تسوقه لنا العديد من الأفلام السينمائية، بل طمعا في دفء الأسرة". * ينشر هذا التقرير بالاتفاق مع هنا صوتك