في الصورة مقدمة برنامج "الخيط الأبيض" تبث القناة الثانية البرنامج الاجتماعي " الخيط الأبيض " ، ويسعى هذا البرنامج إلى محاولة تحقيق الصلح بين أطراف متنازعة من مختلف طبقات المجتمع المغربي ، وهي بادرة لايسعنا إلا أن نثني عليها بكل تقدير ، وتستضيف منشطة البرنامج " نسيمة الحر " في كل حلقة طرفي النزاع بالإضافة إلى الأخصائي النفسي وناشطة جمعوية و حقوقية للإدلاء بآرائهم ونصائحهم ، والجدير بالذكر أن مثل هذه البرامج عهدنا مشاهدتها في بعض القنوات العربية ولكن بصياغة مختلفة كما هو الحال لبرنامج " افتح قلبك " للإعلامي " جورج قرداحي " ، لكن برنامج الخيط الأبيض يمكن القول أنه عرى الواقع الأسود للمجتمع المغربي ، فكم من مرة شاهدنا نزاعا لايستطيع الأخصائي النفساني ولا الناشط الجمعوي ولا أي سوسيولوجي حله أو لم شمله ، يستطيع المحلل النفساني توجيه ومساعدة زوجين أو طرفين ساءت بينهما العلاقة الودية التي كانت تربطهما في مرحلة سابقة وتحولت إلى علاقة عدائية لأسباب نفسية أو جنسية أو عائلية ، مع ضرورة تيسر الظروف المادية بينهما ، لكن الأمر سيستعصي عليه إذا كان السبب يرجع لثغرات في القانون ، أو لضعف الحالة المادية ، أو لهشاشة البنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ... في إحدى حلقات البرنامج ، كان نزاع رجل وأخته حول أهلية وأحقية السكن في منزل ( براكة) ، ينتظران استفادتهما من شقق السكن الاجتماعي بدل دور الصفيح ، الأخت بحالة صحية مزرية وفقر مدقع والأخ مدمن خمر بدون بطاقة هوية لأنه بدون عنوان ، تصوروا مواطنا بدون عنوان وبدون هوية ، لذلك يجب أن نتساءل عن مفهوم المواطنة ، وبطاقة الهوية تستلزم وثيقة شهادة السكنى ، مع أنه متزوج ويطمح لسكن قار له ولزوجته ، أما الأخت فحالتها الصحية المتدهورة ووضعيتها المادية المزرية لاتمكنانها من البحث عن عمل أو إعالة نفسها وأبنائها ... ويبقى الحال على ماهو عليه ... فهل استطاع المحلل النفسي معالجة الوضع أم يكفي مشاهدة عناق مصطنع وابتسامة مبتذلة في نهاية البرنامج لكي نتحدث عن صلح حقيقي ؟ ألم يكن من الأجدر استضافة المقدم الذي تغاضى الطرف لبناء البراكات ومسؤول عن وزارة الإسكان وآخر من وزارة الداخلية ؟ ...وفي حلقة أخرى تم استضافة سكان من حي" لابيطة " بفاس يتحدثون عن معاناتهم الصحية والنفسية كل يوم لما يحدثه صناع الميكانيك وهياكل السيارات واللّحّام (السودور) وغيرهم ومايحدثونه من ضجيج وفوضى ونفايات سامة ، وكان رد ممثل الصناع أنه حي نصف صناعي لذلك يبقى الوضع على ماهو عليه وتمت المصالحة بالابتسامة المصطنعة ، ولنتأمل عبارة حي نصف صناعي ؟؟؟؟ مع العلم أن أغلبية المناطق في المغرب لاتعرف تنظيما من حيث هيكلة الشوارع أو الأحياء الصناعية والسكنية ، أصبحنا لانعرف بعض الأحياء إن كانت سكنية أم صناعية ، لذلك لقبت بنصف صناعية ونصف سكنية .... هل تستطيع الناشطة الحقوقية معالجة الوضع ؟ ماذا بإمكان المحلل النفسي القيام به لحل الأزمة ؟ هل تطرق العالم النمساوي " سيجموند فرويد " عن معالجة ثغرات القانون وفصام المواطن ؟ ألم يكن من اللائق استدعاء أحد ممثلي بلدية فاس للتحدث عن الوضع ؟ وهل سيتم استدعاء المسؤولين الفعليين القدامى الذين سلموا الرخص ؟ أم سنكتفي باستدعاء الممثلين الجدد ليجد ألف مبرر ليتنصل من المسؤولية؟ ... ويبقى الوضع على ماهو عليه ... وفي إحدى الحلقات كانت محاولة فض النزاع بين امرأة متزوجة وشقيقها حول الإرث ، وفي عرف المنطقة تحرم الأنثى من الإرث ، ليصرح الأخ أنه مستعد لتقديم نصيب أخته إذا تم تعديل القانون والمدونة المعمول بهما منذ سنوات ... ويبقى الوضع على ماهوعليه ... لقد أبرز برنامج الخيط الأبيض بعض مشاكل هشاشة البنية الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين وثغرات القانون التي يستغلها البعض ، لذلك يجب أن يكون عنوان البرنامج : الخيط الأبيض والواقع الأسود ، ونتمنى ظهور برنامج تتم فيه المصالحة بين المواطن والمسؤولين الحكوميين دراسة حول حرب الطرقات موجهة إلى السيد وزير النقل.