تبرعُ إنسانٍ مَا بأعضائهِ لتعينَ شخصًا آخر بعد وفاته، لا زالَ يطرحُ أسئلةً فِي المغرب، بعد الخطوة القانونيَّة، لكن من زاويَة الشريعة، وهو ما كانَ أرضيَّة للبحث على مدَى أيَّام ثلاثة، فِي ندوةٍ علميَّة ببركان، نظمت بين عمالة الإقليم والمجلس العلمِي المحلِي، وكذَا وزارة الصحَة. رئيس المجلس العلمي المحلي لوجدة، مصطفى بنحمزة، قال فِي مداخلةٍ لهُ إن التبرع بالأعضاء من أجل الانتفاع بها بعد الوفاة، يشكلُ عملا إنسانيا كبيرا، إذْ بإمكان صاحبه أن يساهم في إنقاذ حياة إنسان ويكون سببا في سعادته وسعادة أسرته، مردفًا أنَّ لا مانع من أن تنتقل ثقافة التبرع بالدم التي تعرف إقبالا كبيرا في المغرب والجهة الشرقية على وجه الخصوص، إلى التبرع بالأعضاء سيما حينما يعرف الإنسان أن مصيره هو "القبر والتحلل". من جهته، رأى عامل الإقليم، عبد الحق حوضي، في افتتاح اللقاء، إنَّ عمليات زرع الأعضاء في المغرب تظلُّ محدودة، ويقتصر هامشها في الوقت الحالِي على زرع الكلي والقرنية والنخاع العظمي، معتبرًا إثارة الموضوع مدخلًا إلى تحقيق التكافل والتضامن الاجتماعيين والتحسيس بالانخراط في العمل الإنساني، الذِي وصفهُ بالنبيل ولازال يسمهُالتردد من قبل أفراد المجتمع. أمَّا الرمضاني بنيونس، رئيس مصلحة طب الكلى بالمستشفى الجامعي ابن رشد وأستاذ في كلية الطب بالدار البيضاء، فبسطَ مضووع زرع الكلى من الناحية القانونية والتنظيمية والطبية، متوقفًا عند المقتضيات والشروط التي جاء بها قانون 16 98 الصادر في 1999 المنظم لعمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية، لافتًا إلى أن القانون وإن كان متأخرا مقارنة مع الدول المغاربيَّة، كان جريئا ومتطورا، سيمَا أنه وسع بشكل كبير من قاعدة الأشخاص الذِين يحقُّ لهم أن يتبرعُوا بأعضائهم. الدكتور بنيونس أوضحَ أنَّ بعض مزايا زراعة الكلي مقارنة مع عملية تصفية الدم تكمنُ في العيش لحياة أفضل وطول العمر ونقص الأمراض والوفيات القلبية بأزيد من 75 في المائة مقابل 50 في المائة بالنسبة لتصفية الدم، علاوةً على تقليص مصاريف الصحة العمومية حيث تكون تكلفة عملية الزرع ابتداء من العام الثاني أقل من تكلفة التصفية بنسبة 50 في المائة. في غضون ذلك، تطرقَ محمد زامد، الأستاذ بكلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء واختصاصي في أمراض الكلي، إلى المرض الكلوي المزمن وانعكاسه على الشخص والاقتصاد والمنظومة الصحية في المجمل، ذاكرًا التدابير التي يحبذ اتخاذها لتقليص عدد المرضى الذين يصلون إلى مستويات الفشل الكلوي المزمن التام والنهائي، الذي يتطلب العلاجات البديلة من تصفية الدم أو زراعة الكلي. إلى ذلك، يشملُ برنامج التظاهرة الأولى حول الصحة زيادةً على الندوة، تنظيم دورة تكوينية للأطر الشبه طبية بالجهة الشرقية، ولقاء تواصليًّا مع مرضى يعانون القصور الكلوي، وكذا فحوصات طبية لفائدة العاملين بالمحكمة الابتدائية ونزلاء السجن المدني ببركان، بالإضافة إلى حملة للتبرع بالدم وتظاهرة رياضية.