الصين والمغرب: ضرورة تعزيز العلاقات بعد يومين يحل وزير الخارجية الصيني بالمغرب في إطار زيارة له للمنطقة. وهي مناسبة للتذكير بأن العلاقات الصينية المغربية لا ترقى بعد إلى المستوى المفترض لها بالنظر لمكانة الصين الجديدة في المشهد الدولي وإلى حجم حركة التجارة بين المغرب والصين. إن الصين تتجه إلى أن تصبح المصدر الأول للمغرب، بالنظر إلى تحول المزيد من الشركات إلى الشراء مباشرة من المزودين الآسيويين بدل الشراء من وسطاء أوربيين. ولو أخذنا بالاعتبار بلد المنشأ بالنسبة لكافة السلع التي نستوردها فليس من المستبعد أن تكون الصين، حاليا، المصدر الأول للمنتجات الواردة للسوق المغربي. فما أكثر ما نشتريه من أوربا ومن الخليج من السلع المصنعة في الصين. ونسبة كبيرة من منتجات الشركات الأوربية والأميركية المسوقة في المغرب تشحن من الصين و تؤدى لحسابات الشركات في بلدانها الأصلية. ما الذي يمكن أن نستفيد من الصين؟ و لم يجب أن نعزز تعاوننا معها؟ الإجابة يمكن أن تلخص في المحاور التالية: تحسين وضع الميزان التجاري مع الصين بالتعرف على السوق الصيني الذي يتحول يوما بعد آخر إلى سوق مستهلك بفضل حجم الفائض المالي الهائل الذي يروج فيه. هناك الكثير مما يمكن تصديره للسوق الصيني إذا حصلنا على تعامل تفضيلي لمنتجاتنا و إذا قمنا بالمجهود الكافي لاستكشاف الفرص المتاحة. جلب الاستثمارات حيث تمتلك الصين احتياطيا هائلا من العملات الصعبة و ترغب بقوة في الاستثمار بإفريقيا. والمغرب المطل على أوربا يمكن أن يستفيد من تجربة المكسيك التي جلبت الشركات الصينية للتصنيع في أراضيها من أجل سوق الولاياتالمتحدة الأميركية. الشروط في المغرب مماثلة: تكلفة إنتاج منخفضة في المغرب، و سهولة و سرعة في وصول شحنات السلع إلى سوق الإتحاد الأوربي. الاستفادة من الخبرات الصينية: مساحة الصين الشاسعة و تنوع عرقياتها و ثقافاتها و مناخها يجعلها بلدا مناسبا للاستفادة من التجارب الإدارية والتدبيرية والاستثمارية. هل تعرف أن الصين تحتوي خمس صحارى مثلا؟ و أنها رائدة في تدبير البنية التحتية في المناطق ذات المناخ الصحراوي؟ نحن في حاجة لأن يتجه المزيد من الطلبة المغاربة إلى الصين، و أن نتوفر على متحدثين أكثر باللغة الصينية من أجل الاستجابة لحاجيات السوق المتزايدة لهذه اللغة. يجب أن نفهم كيف تحولت الصين سريعا من بلد على هامش التجارة الدولية إلى عاصمة لكل أنواع المنتجات. و كيف استفادت من تحرير التجارة بدل أن تخاف منه. و كيف مارست الانفتاح في إطار الضبط. جلب السياحة: بينما تتاسبق البلدان لاجتذاب السواح الصينيين يضع المغرب أمامهم حاجز التأشيرة. الشروط التعجيزية للحصول على التأشيرة المغربية، الأصعب حتى من تأشيرة الولاياتالمتحدة تجعل تكلفتها للفرد تصل إلى مبلغ عشرة آلاف درهم تقريبا عند وكالات السياحة مع أسابيع من الانتظار والوثائق التي لا تنتهي. يقال إن هذه السياسة تستهدف حماية السوق المغربي من اجتياح التجار الصينيين. لكنها سياسة يجب أن توازن المصالح بدل أن توصد الباب بالكامل. دعم الجالية المغربية بالصين: مع تزايد أعداد المغاربة المقيمين بالصين والذي يمارس أغلبهم التجارة أو يمثلون مصالح شركات مغربية، تمس الحاجة إلى خدمات قنصلية في الجنوب الصيني. فالسفارة المغربية بعيدة عن هونغ كونغ مثلا ثلاث ساعات طيران. مما يدعو إلى التوفر على قنصلية في غوانجو للتعامل السريع مع قضايا المقيمين والزوار المغاربة وطالبي التأشيرة الصينيين. والسفارة نفسها في حاجة لتعزيز إمكانياتها وطاقمها من أجل التعامل بكفاءة مع هذا البلد الشاسع، والاستفادة من كل أقاليمه بدل الانحسار الاضطراري في العاصمة بكين. الفرصة متاحة لتطوير علاقاتنا بالصين التي تتعامل بدون عقد استعلاء أو ماض استعماري ولكن بالندية وعلى قدم المساواة. فهل يعطي المغرب لهذا الأمر ما يستحقه من عناية و اهتمام؟ أم أن أنظارنا و تركيزنا ستظل دائما مركزة شمالا؟ *مدير شركة داماس المحدودة شين جين - الصين الشعبية [email protected] mailto:[email protected]