محمد يتيم الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب ل"التجديد" : البلاغ الحكومي انتكاسة في الحوار وانقلاب على منهجيته ورجوع به إلى ما قبل ماي 2008 أكد محمد يتيم الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب أن البلاغ الحكومي حول ما يسمى بنتائج الحوار الاجتماعي يمثل خرقا و إخلالا خطيرا بالمنهجية المتوافق عليها كما يمثل انتكاسة جديدة في التعامل مع الشركاء الاجتماعيين إذ أنه يمثل عودة إلى نفس الأسلوب الذي كان وراء تغذية الاحتقانات التي عرفتها السنتان الماضيتان . وأشار يتيم إلى أن الاتحاد متشبث بأهم المطالب التي تهم الشغيلة المتعلقة بتحسين الدخل والزيادة في الأجور ووضع سقف لسنوات الانتظار مع إقرار ترقية استثنائية تنصف الأكثر تضررا من أفواج 2003 إلى 2009 في انتظار مراجعة شاملة لمنظومة الأجور وعن ردهم على مبادرة الحكومة أكد المسؤول النقابي أن الأجهزة المقررة ستجتمع كي تقيم مسار الحوار الاجتماعي مع السعي إلى تفعيل التنسيق النقابي من أجل إيجاد الرد المناسب وتسطير البرنامج النضالي من أجل الضغط على الحكومة للرجوع عن هذا النهج الذي يمس بمصداقية الحوار الاجتماعي . صدر أول أمس عن الحكومة بلاغ منفرد يتحدث عن نتائج وإنجازات الحوار الاجتماعي لسنة 2009 ما تعليقكم على البلاغ وما ورد فيه؟ البلاغ الحكومي للأسف الشديد يمثل خرقا يمثل إخلالا خطيرا بالمنهجية المتوافق عليها كما يمثل انتكاسة جديدة في التعامل مع الشركاء الاجتماعيين إذ أنه يمثل عودة إلى نفس الأسلوب الذي كان وراء تغذية الاحتقانات التي عرفتها السنتان الماضيتان . وهو يمثل ببساطة صورة مصغرة عن عدم الجدية في التعاطي مع الحوار الاجتماعي وهروبا إلى الأمام من استحقاقاته . وأنا لا أتكلم الآن عن النتائج ولكن عن انقلاب الحكومة على المنهجية المتوافق عليها والتي وقعنا عليها مع الحكومة في السنة الماضية والتي تنص على أن تختم كل جولة من الجولات على اتفاق مشترك يتوج جولات الحوار الاجتماعي ، وعلى الخروج بمحضر متوافق عليه يلخص النقط التي حصل فيها التقدم والاتفاق والنقط التي لا تزال موضوع اختلاف في وجهات النظر ، وهو ما لم تلتزم به الحكومة . من جهة ثانية صيغة البلاغ توحي بأن المركزيات النقابية ليس لها تقييم آخر أو ملاحظات ، هي صيغة اعتمدت للأسف التلبيس من حيث أنها توهم حصول توافق أو اتفاق بين الحكومة والمركزيات النقابية ومنها نقابتنا في مجمل القضايا المعروضة ، وهو الأمر الذي لم يحصل ما اقتضى التوضيح . ما هي أهم تحفظاتكم وانتقاداتكم للبلاغ الحكومي ؟ البلاغ الحكومي يعتبر انتكاسة في الحوار ورجوعا به إلى ما قبل ماي 2008 يوم أعلنت الحكومة من جانب واحد عن عرضها المنفرد على المطالب الأساسية للشغيلة . فمنهجية الحوار المتوافق عليها تقتضي أن يتم التوصل بعد نهاية كل جولة إلى توقيع اتفاق مشترك حول ما تم التوصل إليه ، كما أن كل مرحلة من مراحل الحوار ينبغي أن تتوج بمحاضر تجمل النقاط التي حصل فيها توافق والنقاط التي حصل فيها خلاف وإصدار الحكومة لبلاغ منفرد هو دليل على رفضها لهذه المقاربة وإصرارها على تقديم الجانب المملوء من الكأس وهو الجانب الأصغر في نظرنا . من جهة ثانية في الأسبوع الماضي توصلنا بدعوة من السيد الوزير الأول للحضور إلى لقاء بمقر وزارة التشغيل جمعنا بلجنة حكومية من كل الوزارات المعنية وذلك من أجل تدارس إصدار بلاغ حول نتائج الحوار الاجتماعي ، كي نفاجأ خلال اللقاء بأن الحكومة قد عدلت عن هذه الصيغة لصيغة إصدار بلاغ من طرف واحد ، فأبدينا تحفظنا على ذلك على اعتبار أننا نؤكد على الصيغة التي تم الاتفاق عليها في السنة الماضية والتي التزمنا بها ووقعنا عليها كما وقعت عليها الحكومة أي اتفاق موقع من الطرفين ومحاضر للحوار تحدد الجوانب التي حصل فيها تقدم والجوانب التي لم لا تزال موقع خلاف . الطرف الحكومي أخبرنا أيضا بأن السيد الوزير الأول سيوافيننا بمحضر حول نتائج الحوار سنة 2009 لنفاجأ برسالة أو كتاب هكذا جاء في تسميته من السيد الوزير الأول تصف مجريات ونتائج الحوار أي تقدم الرواية الحكومية فقط . من جهة ثانية تم وعدنا بأن الحكومة ستوافينا بمسودة البلاغ التي ستصدره في الموضوع كي نبدي رأينا فيه ، ونحن في الاتحاد الوطني قلنا بوضوح أننا نحتفظ بحقنا في رفض البلاغ والتحفظ عليه كما سنرفض أن ينسب إلينا تزكية ما ورد فيه إذا لم يكن متوازنا ولم يشر إلى مواقفنا وتحفظاتنا ، لكن الذي حدث هو أسوأ سيناريو يمكن تصوره ، فلا الحكومة التزمت بما وعدت به من إطلاعنا على مشروع بلاغها ، ولا ما وصلنا من السيد الوزير هو محضر، والفرق واضح بين المحضر والكتاب ، بل الأدهي من ذلك أن الحكومة حاولت تسويق رؤيتها وتقييمها الأحادي لنتائج الحوار مع الإيحاء بموافقة النقابات ومنها نقابتنا . بغض النظر عن الخلاف في صيغة إعلان نتائج الحوار ، الحكومة تتحدث عن عدة مكاسب للشغيلة وعن تحسين ملموس في دخل عدد من الفئات ، ما هو موقفكم ، ألا يعتبر موقفكم هذا تجنيا على الحكومة وعدم اعتراف بجهدها في المجال الاجتماعي ؟ نحن لا نقول بأنه لم يتحقق أي شيء على الإطلاق ، ولكننا نؤاخذ على الحكومة من جهة عدم الالتزام بالمنهجية أولا ، وهذه مسالة أساسية تتعلق بالمصداقية والدليل أننا كنا على استعداد لتوقيع بلاغ أو تصريح بالشكل والمواصفات التي تمت الإشارة إليها وهي قضية يمكن أن تفضي إلى فقدان الثقة بين الفرقاء وهي مسألة أساسية في الحوار . المسألة الثانية أن ما تحقق ضئيل جدا ولا يرقى إلى تطلعات الطبقة الشغيلة وإلى مطالبها الأساسية . المسألة الثالثة إن ما جاء في بلاغ الحكومة من أرقام ونسب مع التشكيك في موضوعيتها ونزاهة طريقة عرضها هو في الجوهر نفس العرض الذي كانت قد تقدمت به في أبريل 2008 إذ لا جديد في المطالب الجوهرية مثل تحسين الدخل ومطالبنا بزيادة في الأجور تعادل التراجعات التي عرفتها القدرة الشرائية للشغيلة تكون ذات أثر وملموس على القدرة للشغيلة ، ولا جديد في مجال إقرار إصلاح جبائي حقيقي يخفف من الضغط الجبائي الفاحش على الشغيلة الذي يبقى كبيرا بالمقارنة مع دول قريبة ، ولا إصلاح شامل لمنظومة الترقية وهي النقطة التي أصر الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب على تضمينها في جدول العمل المتوافق عليه مع الحكومة ،عوض الاقتصار على زيادات طفيفة في الحصيص لن يكون لها تأثير على حل معضلة التراكمات المتتالية عبر السنوات كما أثبتت نتائجها مؤخرا ، بتسقيف سنوات الانتظار ومطالبته المتواصلة إلى إقرار ترقية استثنائية تنصف الأكثر تضررا من أفواج 2003 إلى 2009 في انتظار مراجعة شاملة لمنظومة الأجور . هذه المطالب الجوهرية لا تزال الحكومة مصرة على ترحيلها إلى ما بعد 2010 وتربط بعضها بدراسة منظومة الأجور وهي الدراسة التي قد تأتي ولا تأتي ، ومبدئيا كان ينبغي إشراك النقابات في وضع دفتر تحملاتها كما حصل في الدراسة الاكتوارية لأنظمة التقاعد حتي تكون نتائجها ذات مصداقية ولا تتحول إلى موضوع للخلاف في المستقبل أيضا . فعلا نحن نقر بحصول بعض التقدم في نقطتين : ترقية الأعوان المرتبين في السلالم من 1 إلى 4 لكن تنبغي الإشارة إلى أن هذا الاستحقاق قد تأخر كثيرا إذ أنه من نتائج اتفاق يعود إلى سنة 2000 كما أن المرسوم الخاص به يرجع تاريخ صدوره إلى سنة 2006 ، وقد أدى تأخير أجرأته إلى حرمان أفواج من المتقاعدين المستحقين ومن المؤسف حقا أنه كان ينبغي انتظار 10 سنوات على اتفاق لتسوية وضعية هؤلاء وما يزيد على أربع سنوات بصدور المرسوم الذي يضع هذه الفئة في طور الانقراض علما أن هناك محاولة ق للالتفاف على هذا المكتسب في قطاع الجماعات المحلية . لتأتي الحكومة وتجعل الموضوع تقدما باهرا وانجازا كبيرا في مسار الحوار. النقطة الثانية التي نسجل بإيجابية حصول تقدم فيها إقرار تعويض عن العمل في المناطق النائية والصعبة في مرحلة أولى وإلى الإسراع بشموله للعاملين من القطاعات الأخرى في نفس الظروف لكننا نخشى أن تعمد الحكومة إلى محاولة لإفراغه من محتويات من خلال معايير تحديد المستحقين ، وتعمل على تعطيله وتحمل النقابات مسؤولية ذلك الحكومة تتحدث عن نتائج للحوار في القطاع الخاص ، ما تقييمكم لنتائج الحوار على هذا المستوى ؟ ما ورد من حديث عن نتائج الحوار في القطاع الخاص مسالة أخرى وحكاية أخرى. الحقيقة أن جولة 2009 كانت هزيلة جدا ليس على مستوى النتائج بل على مستوى انعقاد لجنة القطاع الخاص التي لم تنعقد أصلا كما أن انعقاد اللجن الفرعية عنها كان قليلا ، وما نسب من إنجاز للحوار الاجتماعي ليس سوى مبادرات أو مقترحات سابقة وأحادية من قبل وزارة التشغيل أو المجلس الإداري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو مبادرات للوكالة الوطنية للتغطية الصحية ، وهي الملاحظة التي سبق أن أبديناها ورغم ذلك فرغم بعض التقدم الضئيل المتمثل في العزم على إحداث صندوق للتعويض عن فقدان الشغل وتوسيع سلة العلاجات فينبغي انتظار طريقة أجرأة التعويض المذكور للحكم على نجاعة الإجراء . لكن تبقى قضية الحريات النقابية و الحقوق الأساسية للعمال مثل الحق في التصريح في الصندوق الوطني وخاصة التصريح بالأيام الحقيقية للعمل والتعسفات اليومية التي تطال النقابيين والتسريحات التعسفية هي السمة الغالبة في القطاع الخاص وضعف نجاعة البرامج الحكومية في مواحهة هذا الواقع هو السمة المميزة للوضع في القطاع الخاص والتي لا يمكن أن تغطيها الانجازات التي عددها البلاغ الحكومي وبخصوص الاستحقاقات النقابية سجلنا رفض الحكومة خلال جلسات الحوار الاجتماعي لأية مراجعة أو إصلاح لمنظومة التمثلية بالإدارات العمومية والقطاع الخاص ، وهو ما أساء إلى سلامة العمليات الانتخابية في عدد من القطاعات . كما سجلنا عدم التزام الحكومة بتفعيل اللجنة الوطنية المشتركة لتتبع والإشراف على الانتخابات مما قاد إلى تدبير أحادي للعمليات الانتخابية في القطاع الخاص يفتقر إلى مبادئ الشفافية والديمقراطية مما كان له تأثير واضح على مجمل النتائج وأساء إلى حقيقة التمثلية ، وكل هذه الجوانب تدل على طريقة تدبير الحكومة للحوار الاجتماعي وتدفع إلى الاعتقاد أنها تفتقد إلى الجدية فيها ، وتسعى من خلاله إلى ربح الوقت وفرض رؤيتها الأحادية وليس إلى الشراكة الحقيقية كما تقول بلاعات الحكومة . - كيف سيكون ردكم كمركزية نقابية أكدت مرار دفاعها عن مطالب الشغيلة ؟ نحن سنستدعي الأجهزة المقررة كي نقيم مسار الحوار الاجتماعي كما سنسعى إلى تفعيل التنسيق النقابي من أجل إيجاد الرد المناسب وتسطير البرنامج النضالي من أجل الضغط على الحكومة للرجوع عن هذا النهج الذي يمس بمصداقية الحوار الاجتماعي .