بعد أزيد من سنة من البحث والتحري تمكنت مصالح الدرك بخنيفرة من القبض على "القبطان المزيف" المدعو ح. لحسن، بعد سلسلة من عمليات النصب والاحتيال التي قام بها عن طريق انتحاله لصفات متعددة، مثل مسؤول سام في الدرك الملكي ومسؤول بالسكرتارية الخاصة في الديوان الملكي بالرباط، بغرض إثبات قدراته وعلاقاته الواسعة، كما كان يقدم نفسه باسم "الضابط حسن اليوسفي" بدل اسمه الحقيقي بغاية تضليل الباحثين عنه وإتلاف أثار جرائمه، وقد راح ضحيته العشرات من المواطنين بعدة مدن مغربية، وأفادت مصادرنا أن توقيف هذا الشخص، المبحوث عنه، والمنحدر من صفرو، جاء إثر معلومات مؤكدة قادت إلى الإيقاع به. ومنذ منتصف عام 2008 لم يكن الدرك الملكي بخنيفرة ينتظر أن يجد نفسه في دوامة لغز محير يتعلق ب "قبطان لا وجود له على قائمة رجال الجنرال حسني بنسليمان"، كما جاء في تعليق لأحد الظرفاء، وبذلك استطاعت سيرته أن تدوخ الجميع عندما حل بإقليم خنيفرة بزيه الدركي وكتفيه المزينين بالنجوم اللامعة، حيث نجح في النصب على العشرات من المواطنين بانتحاله لعدة صفات قبل أن يصبح شبحا بطريقة لم يكن أي أحد يتصور أن مثلها قد يحدث خارج ما يعرف بسلسلة جيمس بوند أو روايات أرسين لوبين، ولم يستبعد بعض المعلقين أن يكون بعض رجال الدرك قد قدموا التحية العسكرية للرجل في يوم من الأيام دونما أن يفطن أي فرد منهم لهويته المزيفة. وعلاقة بالموضوع لم يتوقف البحث عن الرجل بشكل مكثف، كما أفادت مصادر متطابقة أن القيادة العليا للدرك، بمعية أجهزة أمنية مختلفة، دخلت كلها على خط التحري، وتابعت تفاصيل القضية بحثا عن بصيص ضوء من شأنه المساهمة في الإلمام بما يكفي من المعلومات حول بطل واحدة من القضايا المثيرة انطلاقا أولا من الجواب عن الطريقة التي حصل بها "القبطان المزيف" على البذلة الرسمية للدرك و"النجوم" أو أصداف الرتبة التي تزين كتفيه بصورة جريئة للغاية. وأكدت مصادر عليمة أن"القبطان المزيف" الذي كان ينجح في "غاراته المخادعة" ويعود إلى قاعدته سالما في كل مرة، قد استطاع الإيقاع بعشرات الضحايا بعدد من المناطق بفاسوخنيفرة ومولاي بوعزة ومريرت، وربما بكثير من المدن المغربية حسب معلومات أخرى، حيث ينتحل صفة قبطان في صفوف الدرك تارة، وتارة أخرى صفة مسؤول بالقيادة العامة للدرك الملكي أو بالديوان الملكي، وعضو مؤثر بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وبالمندوبية الإقليمية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير. وكل عمليات الرجل في "اصطياد" ضحاياه البسطاء كانت تتم بطرق احترافية وتتوزع بين أوهام قدرته على حل الملفات العالقة وتوفير عقود عمل بالخارج ومناصب شغل بوظائف عمومية داخل البلاد، والحصول على رخص نقل (لاگريمات)، وبطاقات الصفة لقدماء المقاومين، وبعد أن يحصد الملايين من السنتيمات يختفي عن الأنظار تاركا ضحاياه من الحالمين بتغيير وضعيتهم الاجتماعية، أو بتسوية مشاكلهم الإدارية، ينتظرون ما لن يأتي، وجميع هؤلاء الضحايا لم تكن تنتابهم أدنى ذرة شك في الرجل الذي عرف كيف يحافظ على "هيبته" وثباته "المغلف" بزيه الدركي النظيف على الدوام، وبمجرد علمهم باكتشاف أمر الرجل، خلال أواخر العام الماضي، حتى هرع العديد منهم لتسجيل شكاياتهم لدى مصالح الدرك والقضاء في محاولة لاسترجاع أرزاقهم التي اشتروا بها أوهاما في ظل ظروف دفعت بهم إلى حيث هم فئة من المغفلين تنتظر من القانون أن يحميهم ولو مرة واحدة، ولعل البعض الآخر من الضحايا فضل التستر على خيبته عوض التيه في دوامة المحاضر والمحاكم وأحاديث الناس، وقد وُضعت بخصوصه مذكرة بحث وطنية. ومن "حسنات" أحد الضحايا أنه قدم لسلطات الدرك صورة ل"القبطان المزيف" كان قد "اقتنصها" بهاتفه النقال، وإلى جانبها حصل المحققون من طرف أحد الضحايا أيضا على رقم سيارة، سبق لصاحبنا أن استعملها في تنقلاته، وعندما نقر المحققون هذا الرقم على حاسوبهم الخاص اكتشفوا أنه لا يتعلق سوى بسيارة ضحية من فاس. وبينما اعتبرت مصادر مقربة من المحققين أن توقيف مغامرات "القبطان المزيف" جاء بمثابة "صيد ثمين"، علم أن مصالح الدرك اقتحمت منزل هذا الشخص بفاس وعثرت به على عدة أزياء وقبعات وربطات عنق تخص الدرك، وبناء على ذلك فتحت تحقيقا بهدف الكشف عن مصدر هذه الأشياء واحتمال تورط المعني بالأمر في قضايا أخرى قبل إحالته على القضاء لتقول العدالة كلمتها في أمره، وفي ذات السياق علم أن التحقيق جار مع خياط متهم بخياطة زي دركي ل"القبطان المزيف"، ولعل الخياط ليس إلا حبة في عنقود ضحايا الرجل.