تندوف على صفيح ساخن.. صدامات دامية بين الجيش الجزائري والبوليساريو    العيون تحتضن المؤتمر العربي الأول حول السياسات العمومية والحكامة الترابية    أربع نقابات تطالب وزير التربية الوطنية والتعليم بتنزيل اتفاقي 10و26 دجنبر 2023    مطالب برلمانية بفتح تحقيق في اختلالات تدبير مديرية التّعليم بتيزنيت    معرض "أليوتيس" بأكادير : الدريوش تعقد سلسلة لقاءات ثنائية مع عدد من الوزراء ومسؤولي قطاع الصيد البحري    خدمة كوبرنيكوس: "شهر يناير" الماضي كان الأعلى حرارة على الإطلاق    وزير الدفاع الإسرائيلي يأمر بالتخطيط ل"هجرة طوعية" من غزة بعد مقترح ترامب للسيطرة على القطاع    شرطة ألمانيا تتجنب "هجوم طعن"    "قناة بنما" تكذب الخارجية الأمريكية    إبراهيم دياز يتعملق مع الميرينغي ويقوده لنصف نهائي كأس الملك    رئيس أولمبيك مارسيليا يشيد بمهدي بنعطية    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    تعبئة أكثر من 40 مليون درهم لبناء وتهيئة الرّئة الخضراء المستقبلية لأكادير    أستاذ مغربي في مجال الذكاء الاصطناعي يتويج بجامعة نيويورك    كأس انجلترا: نيوكاسل يؤكد تفوقه على أرسنال ويتأهل للمباراة النهائية    7 أطعمة غنية بالعناصر الغذائية للحصول على قلب صحي    طنجة وبرشلونة.. شراكة متجددة وآفاق واعدة استعداداً لكأس العالم 2030    الرجاء الرياضي يعين التونسي لسعد جردة الشابي مدربا جديدا للفريق    اجتماع موسع بعمالة إقليم الجديدة لتتبع تموين الأسواق والأسعار (بلاغ)    عقبات تواجه "مشروع ترامب" بشأن غزة.. التمسك بالأرض ومعارضة العرب    مسؤولون وجامعيون ينعون لطيفة الكندوز رئيسة "جمعية المؤرخين المغاربة"    بنعلي تبرز تحديات الماء والطاقة    تعيينات أمنية في مناصب المسؤولية    عمالة إقليم الجديدة تعقد اجتماعا موسعا للاستعداد لشهر رمضان    استهجان واسع لتصريحات ترامب بشأن غزة والفلسطينيين    حادثة سير تودي بحياة امرأة وتتسبب في عدة إصابات    إنتاج الصيد البحري يتجاوز 1.42 مليون طن والصادرات تفوق 31 مليار درهم (رئاسة الحكومة)    الرجاء يعين التونسي لسعد جردة الشابي مدربا جديدا للفريق    رسميًا.. الجيش الملكي يفسخ عقد مدربه الفرنسي فيلود    الجيش الملكي يعلن انفصاله عن مدربه فيلود ويعين مساعده مدربا مؤقتا    حجزعدد من الدراجات النارية بسبب القيادة الاستعراضية الخطيرة    السكوري: جرمنا طرد وتنقيل المضربين .. والإضراب العام من حق النقابات    أحكام قضائية مشددة في قضية "أنستالينغو" في تونس.. تفاصيل الأحكام وأبرز المدانين    إطلاق نار في بروكسيل.. المهاجمون لا يزالون في حالة فرار (فيديو)    التاريخ والذاكرة.. عنف التحول ومخاضات التشكل    نقابات بالناظور تستجيب للإضراب الوطني احتجاجا على حكومة أخنوش    مؤشر "مازي" يسجل تراجعا في تداولات بورصة الدار البيضاء    وفاة المغنية الشعبية غيثة الغرابي    تهريب المخدرات يطيح بثلاثة أشخاص    الإضراب يشل النقل الحضري بوجدة    غياب اللقاح بمركز باستور بطنجة يُثير استياء المعتمرين    بلال الخنوس يتوج كأفضل موهبة لعام 2024    أخنوش يستعرض المؤشرات الاقتصادية والمالية للمغرب ويؤكد مواصلة الإصلاحات    أجراس الحداثة البعدية في مواجهة منابر الحداثة    تأجيل أم إلغاء حفل حجيب بطنجة؟ والشركة المنظمة تواجه اتهامات بالنصب    كعكتي المفضلة .. فيلم يثير غضب نظام المرشد في إيران    منصة "واتساب" تعلن عن تحديث جديد لتشات جي بي تي داخل تطبيقها    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    جامعة عبد المالك السعدي تعزز البحث العلمي في مجال القنب الهندي باتفاقية جديدة مع الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المرتبطة بالنبتة    ماذا يعرف الأطباء عن أعراض وعلاج الاحتراق النفسي؟    الرباط.. العرض ما قبل الأول لفيلم "الوصايا" لسناء عكرود    خبراء يؤكدون أن جرعة واحدة من لقاح "بوحمرون" لا تكفي للحماية    الرباط: تنصيب الأعضاء السبعة الجدد بأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دبلوماسية " لبراهش "
نشر في هسبريس يوم 15 - 12 - 2009

مَنَحَ اثنان من رجالات النظام المغربي، هما وزير الشؤون الخارجية الطيب الفاسي الفهري، وصديق الملك "عراب" حزب "الأصالة والمُعاصر "فؤاد علي الهمة" الفرصة مرة أخرى لأوساط الديبلوماسية الأوروبية، لتشمئز من الدرك الهابط، الذي بلغه تدبير ملف علاقة المغرب بالاتحاد الأوروبي.
الأول (الفاسي الفهري) قال جوابا على أسئلة برلمانيين أوروبيين، خلال مُناقشة مضمون مسألة منح المغرب وضع "الشريك المُتقدم" في علاقته بالإتحاد الأوروبي، أن هناك ثلاثة أمور في المغرب لا تقبل المُناقشة: الملكية والإسلام والوحدة الترابية.. وبطبيعة الحال صمت نواب البرلمان الأوروبي، ولم يُعلقوا على سذاجة الجواب.. كيف لا وهم كانوا ينتظرون دفاعا موضوعيا، عن قضايا شائكة في مغرب اليوم، وعلى رأسها المأزق الخطير الذي أعقب اندلاع قضية الناشطة الصحراوية "أميناتو حيدر" والظرفية العصيبة، التي توجد فيها الصحافة المستقلة، ومتاعب نُشطاء المجتمع المدني، سيما في مجال حقوق الإنسان.. وتندرج هذه المجالات، كما تعلمون، في صلب معايير البرلمان الأوروبي، للذهاب قدُما، أو النكوص، في مُناقشة وضع "الشريك المتقدم للمغرب" حيال مجموعة الإتحاد الأوروبي.
كان جزء من جواب ديبلوماسية الإتحاد الأوروبي، قد وصل قبل بدء الجلسة العلنية، حيث لم يُكلف أي واحد من وزراء خارجية الإتحاد الأوروبي، نفسه عناء حضور الجلسة المذكورة، بالنظر إلى النتائج المغربية السلبية، المُتراكمة، في سجلات الدبلوماسية الأوروبية والرأي العام الغربي عموما.
وثمة مخاوف من أن تتكفل أجوبة "الفاسي الفهري " الغبية، بدق آخر مسمار في نعش مصالح المغرب، اتجاه مجموعة الإتحاد الأوروبي، لتكون من نتائجها على الأقل، تأخير استفادة المغرب من أوجه الدعم المادي والمعنوي، في ملفات اقتصادية وسياسية، هو في أمس الحاجة إليها.
أما الثاني (فؤاد علي الهمة) فلم يجد أدنى حرج، في التطويح من مدينة العيون، التي حل بها على "عجل" بتهديد اتجاه اسبانيا، ومن خلالها مجموعة الإتحاد الأوروبي مفاده: إذا ما تماديتم في الإضرار بمصالحنا في قضية الصحراء، والضغط علينا في قضية "أميناتو حيدر" فسوف نتقاعس في التعاون معكم، في قضايا المخدرات والهجرة السرية والإرهاب.. وهو ما معناه، كما لاحظ ساخرا، الصحافي أبو بكر الجامعي، أن إيران الرئيس أحمدي نجاد، تتوفر على السلاح النووي لتهديد الغرب، أما نحن (في مغرب محمد السادس وفؤاد الهمة - إضافة من كاتب هذه السطور-) فنتوفر على المخدرات والهجرة السرية والإرهاب لتهديد إسبانيا.
هكذا إذن "تتكالب" ذهنية استسهال أمور الدولة الدقيقة، والتعاطي معها بطريقة "لعب الدراري" بل بما هو أفدح: التبرهيش بأسوأ معانيه الزنقاوية.
نوجد اليوم، فيما يتعلق بأدق ملفات الشأن العام، في مآزق خطيرة سيكون لها ما بعدها، ففي قضية الصحراء مثلا، لم يتم إنجاز أي تقدم، منذ أن ارتخت يد الحسن الثاني عنها، عقب رحيله صيف سنة 1999، ومُخطىء مَن يعتقد أن فكرة مشروع الحُكم الذاتي في الصحراء، هي بنت عُشرية حُكم محمد السادس، بل تعود إلى آخر مرحلة من حكم الحسن الثاني، والدليل منحه دبلوماسي أمريكي رفيع هو "مارتان إينديك" الممثل الشخصي السابق للرئيس الأمريكي الأسبق "بيل كلينتون" الذي صرح في حوار مع مجلة "لوجورنال" (عدد 2 أكتوبر 2009): "لقد أقنعنا جيمس بيكر بفكرة الحكم الذاتي في الصحراء الغربية، وبالعودة إلى الحسن الثاني، يجب أن أوضح أنه كان خائفا من أن تتسبب فكرة الحكم الذاتي، في صراع سياسي داخلي، وقد حدث يوما (في غضون سنة 1998) حيث كنتُ بمعيته أن نادى على عبد الرحمان اليوسفي وابنيه وإدريس البصري، وقال لهم بحضوري: لقد قررتُ تغيير الاتجاه بصدد قضية الصحراء، باقتراح طريق ثالث هو الحكم الذاتي. لقد مات الحسن الثاني زمنا قليلا بعد ذلك".
إذن، فكرة مشروع الحكم الذاتي، كانت من عمل الحسن الثاني، وما تم بعد ذلك، كان نوعا من إدارتها، ومحاولة أجرأتها على أرض الواقع، ومن ذلك مثلا، اعتبار ما اصطُلح عليه ببوليساريو الداخل، عينة من الأشخاص "المقبولين" في المغرب، تمهيدا "لإقناعهم" بالعدول عن قناعاتهم باستقلال الصحراء، غير أن هؤلاء أبانوا عن ذكاء، وحس براغماتية ملحوظين، حيث استفادوا من "رشاوي" المخزن وظلوا على قناعاتهم، بل وحققوا خطوات مهمة جدا، في إفشال ترتيبات المخزن، وعلى رأسها خُطاطة مشروع الحكم الذاتي، حيث قبِل الوفد المغربي الجلوس إلى طاولة أشواط مُفاوضات "مانهاست" مع وفد للبوليساريو، دون شروط مُسبقة.
وحينما اكتشف المخزن الجديد "المقلب" طفق يُنكل ببوليساريو الداخل، تحت أنظار العالم، مُقدما الدليل تلو الآخر، على "قلة نية" المغرب، في تطبيق مشروع حكم ذاتي حقيقي. واليوم تشرئب قضية الناشطة الصحراوية "أميناتو حيدر" لتدق آخر مسمار في نعش مشروع الحكم الذاتي، والبداية مع تعليق الأمم المتحدة للمفاوضات غير الرسمية، بين المغرب والبوليساريو، إلى أجل غير مُسمى، وفي ذلك انتصار باهر للدبلوماسية الصحراوية والجزائرية.. انتصار للدبلوماسية الاحترافية، حُيال دبلوماسية "التبرهيش".
وزير الشؤون الخارجية "الفاسي الفهري" ومُدير المخابرات العسكرية "لادجيد" ياسين المنصوري، ذهبا إلى "نيويورك" ليقولا لأعتى مُحترفي النظر في النزاعات الإقليمية والدولية، كلاما يقتل من الضحك.. كلام من قبيل: "إن حالة أميناتو حيدر مُحاولة جديدة من الجزائر والبوليساريو لتحريف مسلسل المفوضات حول الصحراء المغربية" أو أيضا: "إننا نتهم الأطراف الأخرى بالعمل جاهدة، على اختلاق المشاكل من أجل تحويل اهتمام الرأي العام الدولي، عوض التركيز على ما هو أهم، وهو الالتزام بالمفاوضات" إلى غيرها من ل بلا بلا بلا..
يُمكن للمخزن أن يُجيش، كل الأحزاب، وملايين الدهماء، في المغرب، وراء أُنشودة "الوحدة الترابية" لكنه لن يُقنع أبدا مُنتظم الأمم المُتحدة، الذي أُحيلت عليه القضية منذ أواسط عقد سبعينيات القرن الماضي (وكان في ذلك واحدا من أفدح أخطاء الحسن الثاني بعد مؤتمر منظمة الوحدة الإفريقية بنيروبي).. والرأي العام الغربي، لأن هذا الأخير لديه مُواطنون كاملو المُواطنة، بحقوقها وواجباتها، يُغيرون بأصواتهم، مصير الحكم في بلدانهم، وبالتالي سياساتها الخارجية ( ألم يُنتخب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، أقوى دولة في العالم، بسبب سياسة بوش الخارجية الكارثية؟) وليس رعايا يُجَيَّشُون كما القُطعان العمياء وراء القضايا الخاسرة.
معايير فض النزاعات الإقليمية، في المنتظمات الدولية، السياسية والقانونية والحقوقية، تقوم على القوانين، وحُسن الإدارة الدبلوماسية وذكائها، وليس التعبئة الغوبلزية (نسبة للجنرال غوبلز) وفي هذا المُعترك يخسر "المخزن الجديد" كل ريشه، حيث يمنح الدليل المدوي في كل مرة أنه يخبط خبط عشواء، في مُعترك دقيق يتطلب حس نظر، من عيار عيني زرقاء اليمامة.
[email protected] mailto:[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.