سبق و أن نشرت يوم الخميس 15 مارس 2007 مقالا بجريدة المساء المغربية تحت عنوان "الحكم الذاتي... الخيار الأوروبي بالقانون" آنذاك لا زالت وثيقة الحكم الذاتي المقدمة من طرف المملكة المغربية لم تخرج بعد إلى العموم. حينما أصدرت هذا الحكم على مشروع الحكم الذاتي المغربي و اعتبرته خيار أوروبي بالقانون كنت في واقع الأمر احتكم إلى محتويات وثيقة "الحكم الذاتي المحلي الأوروبي" و كنت استند إلى الدوافع التي جعلت الأوروبيين يتبنون هذا النوع من الحكم ولم يختاروا غيره. بعد صدور نسخة مشروع الحكم الذاتي المغربي لم يخب ظني في ما يخص تقديراتي الفكرية، لآن مشروع الحكم الذاتي المغربي جاء تقريبا على المقاس انه فعلا، إن لم يكن خيار أوروبي بالقانون فهو خيار غربي بالقانون وهذا ما ينصص عليه مشروع الحكم الذاتي المغربي حينما يحدد احد عناصره الأساسية قائلا بأنها مستلهمة من " المقتضيات الدستورية المعمول بها في البلدان القريبة من الغربية جيوسياسيا و ثقافيا". المشروع المغربي لم يستلهم فقط المقتضيات الدستورية الأوروبية بل قد استلهم حتى شكل صياغة الوثيقة التشريعية حيث ميثاق الحكم الذاتي الأوروبي يتكون من ثلاثة أقسام و نفس الشيء بالنسبة لمشروع الحكم الذاتي المغربي. كما يتكون المشروع المغربي من 35 فقرة تشريعية و المشروع الأوروبي ليس بعيدا عن هذا العدد حيث يتكون من 31فقرة تشريعية. هكذا هي حتى الأفكار التشريعية مثلها مثل الشركات و رؤوس الأموال إنها عابرة للقارات. "" على المستوى الدولي و المستوى الجيوسياسي مشروع الحكم الذاتي في الصحراء مشروع جيد لأنه ترك كل شيء للتفاوض. لم يحدد المناطق الصحراوية المشمولة بالحكم الذاتي كما لم يحدد نسب الاختصاصات ما بين السلطات المركزية وسلطات الحكم الذاتي بالإضافة إلى هذا فانه يتماشى و التوجهات الجيوستراتيجية للقوى الممثلة بداخل مجلس الأمن. لهذه الأسباب جبهة البوليساريو مخطئة حينما تتهم فرنسا و قوى أوروبية كثيرة بالانحياز للمملكة المغربية... مهما كان زعماء البوليساريو صريحين مع أنفسهم، فإنهم سوف لن يكونوا أكثر صراحة من الأمناء العامين للأمم المتحدة الذين عايشوا مشكل الصحراء منذ بداياته الأولى. كل هؤلاء، خصوصا الأخيرين منهم، أكدوا بأنه لا حل في الأفق غير الحل السياسي المتفاوض عليه. قالوا هذا و لا زالوا يقولونه لأنهم ملزمين باحترام ميثاق الأممالمتحدة الذي يلزمهم هم الآخرين. في الفصل الأول المادة الثانية الفقرة الرابعة لميثاق الأممالمتحدة:" يمتنع أعضاء الهيئة(هيأة الأممالمتحدة) جميعا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق و مقاصد "الأممالمتحدة". هذا الفصل هو نفسه الفصل الذي اعتمدت عليه الولاياتالمتحدةالأمريكية سنة 1970للتصويت ضد استعمال الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة لمعالجة قضية الأقاليم الجنوبية المغربية التي كانت لا تزال آنذاك ترزح تحت الاستعمار الاسباني الولاياتالمتحدةالأمريكية رفضت و لازالت ترفض تطبيق الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، أما الجامعيون الجزائريون الذين توكلهم حكومة بلدهم للترويج لموقفها الذي يخص قضية الصحراء فإنهم يتباكون على عدم اعتماد هذا الفصل. هذا ما يعبر عنه موقف الجامعي الجزائري يحيى.ه. الزبير الذي سبق له أن درس في الجامعات الأمريكية و غيرها فهذا الجامعي يتباكى في معظم مقالاته و استجواباته الصحفية عن عدم تطبيق هذا الفصل، و يذهب حد نعت القرار الاممي الأخير الحامل لرقم 1871 بأنه قرار لا جدي،لأنه بالنسبة إليه، لا يحمل أي جديد و لا يرى فيه إلا تمديد لحالة الجمود لمدة سنة أخرى هذه الحالة التي حسب رأيه يتضمنها كذلك القرار الأممي الذي سبقه و الذي يحمل رقم 1813 لسنة2008. بكائيات الجامعيين الجزائريين جد مفيدة للمملكة المغربية لأنها تكشف للمحللين و المتتبعين الدوليين المسار المنحرف الذي تريد الحكومة الجزائرية دفع المنتظم الدولي إلى السير فيه . لقد ذهب مثلا هذا الجامعي الجزائري إلى حد مطالبة مجلس الأمن العدول عن تطبيق محتوى قراره الأخير الذي يشيد فيه بجهود المملكة المغربية المتمثلة في تقديمها لمقترح الحكم الذاتي، و يقول بالحرف:" أتأسف لعدم إعطاء أدنى اهتمام للمقترح الانفصالي الذي قدم بالموازاة مع المقترح المغربي."