سلم عمدة مرسيليا جان كلود غودان أمس الجمعة بشكل رمزي تصريح البناء الخاص بمشروع أكبر مسجد في أوروبا يتسع لنحو سبعة آلاف مصل بكلفة 22 مليون يورو . "" ماكسيم ريبو، مدير مكتب الهندسة الذي تقرر أن يشرف على تنفيذ المشروع مع مهندسين عرب، قال لصحيفة "جورنال دو ديمانش" إن المسجد سيكون الأكبر في أوروبا، وإن صالة الصلاة فيه صممت لتستقبل سبعة آلاف مصلٍّ، وإن المنارة ستبنى على ارتفاع 25 مترا، بالإضافة إلى مطعمين ومدرسة قرآنية ومدرج كبير. أما المبنى كله فسيقوم على مساحة 2400 متر مربع، وسيكون مزيجا من الخرسانة والزجاج الملون والحجر الكرواتي، على غرار نوع الحجر الذي بني منه البيت الأبيض الأميركي، مع الاعتماد على تصاميم العمارة العربية الإسلامية بشكل مميز. ولعل الجديد في المشروع أن المناداة إلى الصلاة ستكون من خلال أشعة ضوئية بدل مكبرات الصوت المعتادة وغير المسموح بها في فرنسا. ولم تكن ولادة المشروع سهلة، بل قيصرية ومتعسرة من كافة الوجوه. وبعد مفاوضات صعبة بين مسلمي المنطقة التي تقع على الساحل الجنوبي للبلد تم الاتفاق على تأسيس "جمعية مسجد مرسيليا"، وهي كيان ينضوي تحت قانون فرنسي قديم لتنظيم عمل الجمعيات صدر عام 1905 وما زال ساريا، أي أنها جمعية لا تبغي الربح وتتولى إدارة مشروع بناء المسجد. وتم انتخاب نور الدين بن شيخ رئيسا لها، وهو رجل أعمال متقاعد عمل في تجارة البضائع الغذائية المتفقة وشروط الشريعة. وفي عام 2006 تبنى أعضاء مجلس بلدية مرسيليا قرارا بإعارة قطعة أرض في المدينة، لمدة 99 عاما، لكي تكون موقعا للمسجد مقابل إيجار رمزي لا يتجاوز 300 يورو في العام. وصوّت على القرار ممثلو اليمين واليسار وعارضه ممثلو اليمين المتطرف، وخصوصا الحركة القومية الديمقراطية بزعامة برونو ميغريه، أحد الذين انشقوا عن حزب الجبهة الوطنية المتطرف وعن زعيمه جان ماري لوبين. وبعد التصويت على القرار بأغلبية مطلقة اعترض اليمين المتطرف لدى المحكمة الإدارية، معتمدا على نص قانون 1905 الخاص بإجازة تأسيس الجمعيات، والذي يفصل في مادته الثانية بين الدين والدولة. وكان الرأي أن الدولة لا تعترف بالتقسيمات المذهبية ولا تقدم لها الدعم المادي. واعتبر المعترضون أن إيجار قطعة الأرض التي سيبنى عليها المسجد لا يتناسب وأسعار سوق العقارات، إلا أن المحكمة الإدارية حكمت لصالح بلدية مرسيليا و«جمعية مسجد مرسيليا»، ولكن مع خفض مدة الإيجار إلى خمسين عاما ورفعه إلى 24 ألف يورو في العام. كان رأي عمدة مرسيليا جان كلود غودان يقوم على أن لمسلمي المدينة الذين يبلغ عددهم نحو 200 ألف مسلم من مجموع 900 ألف هم عدد سكان المدينة، الحق في بناء مسجد كبير تعود فكرته الأولى إلى عام 1937 في زمن رئيس البلدية آنذاك، فانسان غيلسر. وعلى الرغم من أننا في عام 2009 فإن مسلمي مرسيليا ما زالوا يصلون في مساجد مرتجلة وأماكن لا تليق بهم، والسبب هو تردد السياسيين في إعطاء الضوء الأخضر والتصويت لبناء جامع يتسع للغالبية منهم. وهو ما حصل أخيرا. وإذا كانت المراحل الصعبة قد اجتيزت والمعارك القضائية قد انتهت وأصبح بناء المسجد في حكم التنفيذ، يبقى التحدي الأهم وهو كيفية تدبير نفقات البناء الذي سيكلف، بحسب تقديرات رئيس جمعية المسجد نور الدين بن شيخ، 22 مليون يورو. ويستعد بن شيخ، بعد حصوزله على رخصة البناء أمس، للسفر إلى العاصمة باريس للقاء السفراء العرب هناك وطلب المساهمة في التمويل من حكومات بلادهم، حيث أبدت أكثر من دولة، مسبقا، رغبتها في تمويل مسجد مرسيليا الكبير، وأولها دول المغرب العربي التي ينتمي إليها غالبية مسلمي فرنسا، وكذلك عدد من الدول الخليجية بالإضافة إلى إندونيسيا وماليزيا. هذا مع الأخذ في الاعتبار تبرعات المسلمين المحليين من منح وزكاة. وحسب قانون 1905 فإن التمويل الأجنبي يجب ألا يتجاوز 40 في المائة. متى يوضع حجر الأساس لأكبر مسجد في كل أوروبا؟ الموعد في الحادي والعشرين من أبريل 2010، وبعده سنتان لإكمال البناء وتحقيق حلم أجيال من المسلمين في مرسيليا. فيديو حول تصميم مسجد مارسيليا الكبير