لم يكن مدير الجرائد الأسبوعية الأكثر انتشارا في المغرب يدري أنه سيجد نفسه مطالبا بتوزيع اعتذار علني علي الصحف ويقوم بسحب كل نسخ العدد الأخير من السوق(الصورة أعلاه)، بعدما اكتشف أن انفرادا صحافيا خاطئا سيجر عليه غضب السلطات، ويقوده الي جلسات التحقيق مع الشرطة القضائية، ومنها الي ردهات المحاكم. "" القصة بدأت بنشر جريدة الأسبوع التي يديرها مصطفي العلوي مقالا ناريا وحافلا بالغرابة حول الوفد المغربي المفاوض في نزاع الصحراء، حيث قالت الجريدة إنها اقتحمت الكمبيوتر الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لتقرأ مراسلة شخصية وجهها لأحد أصدقائه. وزعمت الجريدة أن مون اتهم أعضاء الوفد المغربي بسرقة بطاقته البنكية، وأنه وقع ضحية ضحك المغاربة عليه، حيث كان التقرير الأول الذي أنجزه حول قضية الصحراء في صالحهم، علي حد زعم الصحيفة نفسها، ونسبت له قوله: ربما كنت سكرانا عندما أيدت الموقف المغربي . لم يمر الموضوع بسلام لما فيه من اتهامات تجاه الوفد المغربي وأيضا تجاه الأمين العام الأممي، إذ سرعان ما استدعت الشرطة القضائية مدير الجريدة مصطفي العلوي لاستجوابه في جلسات ماراثونية، وأصدرت وزارة الخارجية المغربية بيانا نفت فيه نفيا قاطعا ما نشرته الجريدة المذكورة، ونبهت نقابة الصحافة الي خطورة تلك المزاعم التي تسيء لقضيتنا الوطنية المصيرية حسب تعبير الوزارة. ومن جهته، عمم مصطفي العلوي علي الصحف رسالة اعتذار موجهة الي الوزير الأول المغربي إدريس جطو، مما جاء فيها أن الأسبوع لا تقبل الإساءة في حق واحد من رموز الدولة، ولا في واحد من خُدّام القضايا الوطنية العليا، وأنها عندما نشرت التصريحات المنسوبة للأمين العام الأممي لم تكن أبدا تقصد الإساءة الي أعضاء الوفد المغربي . لكن السؤال الذي طرح نفسه هو: هل فعلا تسللت الأسبوع الي كمبيوتر بان كي مون؟ وكيف؟ صحيفة الأحداث المغربية نفت ذلك، وقدمت الإفادة التي وصلت إليها في الموضوع: محتويات المقال الذي جر علي صاحبه كل هذه الضجة منقولة من موقع إلكتروني هزلي باللغة الإنكليزية تابع لجبهة البوليزاريو، اعتاد علي نشر مجموعة من المواضيع الساخرة تحت عنوان ملاحظات يبعثها بان جوزا الي مساعديه تتعلق بموضوع الصحراء . ويمكن الوصول الي الموقع المشار إليه عن طريق أحد محركات البحث علي شبكة الإنترنت. ردود الفعل الإعلامية حول قضية الأسبوع اختلفت من منبر لآخر. وإذا كان البعض أثني علي قيام الصحافي والمدير مصطفي العلوي كونه قدم اعتذارا للوفد المغربي المشارك في مفاوضات الصحراء، فإن أخري نحت باللائمة والتقريع علي جريدة الأسبوع ، وخصوصا صحيفتي لوماتان و الصحراء المغربية المقربتين من السلطات، اللتين اعتبرتا أن الأسبوع مارست القذف في حق شخصيات سامية تفاوض في قضية المغرب الأولي، وتدافع عن المقترح القاضي بمنح الأقاليم الصحراوية حكما ذاتيا في إطار السيادة المغربية. أما الصحافي المعني بالأمر، فتساءل في عموده الأسبوعي الجديد الذي حمل عنوان: التنكيل بالصحافة هو الإساءة الحقيقية لسيادة المغرب : هل سنستدر عطف المنظمات العالمية أو القوات النافذة أو الدول المؤثرة، لكي تؤمن بمصداقيتنا، بدءا بالساكنين في عمارة الأممالمتحدة، عندما توزع عليهم منظمة حماية الصحافيين منشورات تفيد بأن الأجهزة المغربية أطلقت بوليسها علي واحد من قدماء الصحافيين المغاربة . إذن، بدأ فصل جديد من شد الحبل بين السلطات والصحافة في المغرب، مع الإعلان عن ثاني (غشت) تاريخا لمثول مدير الأسبوع أمام المحكمة الابتدائية في الرباط بتهمة نشر وترويج أخبار زائفة.