نشرت مجموعة من وسائل الإعلام المغربية، أخبارا تدين فيها انتساب مجموعة من الشبان المغاربة للديانة المسيحية. انتساب أصبح، اليوم، يطرح نقاشات سياسية و اجتماعية مختلفة. "" إن التحرر الديني والإجتماعي الذي يعرفه المغرب في الفترة الآنية، دفع بالمغاربة إلى تبني أفكار جديدة ومختلفة في آن. أن أكون مسيحيا أو مسلما أو يهوديا أو غير ذلك، ليس هذا هو المشكل، بل المشكل هو كيف لي أن أكون كأي مسيحي أو يهودي أو مسلم بالمعنى الحقيقي لهذا الدين. نعرف أن المغاربة يعتنقون الإسلام، لكن السؤال الذي يطرح أي إسلام يعتنق المغاربة؟ وأي مسيحية يعتنق هؤلاء المغاربة الذين يرقصون في كنيستهم؟ لاشك أن الأمر يحتاج إلى تفكير جديد. شيأ فشيأ بدأ المغاربة يتخلون عن الإسلام، ويتبنون أفكارا جديدة وديانات جديدة، هي في نظرهم، أكثر حداثة من الإسلام. نتجول في الشوارع الكبرى لمدينة الرباط، ونرى تلك الحداثة المعطوبة التى يتبناها كل مغربي ومغربية. إنها حداثة تمزج الإسلام في كل الديانات. تمزج المساجد بحانات الخمر والرقص. تمزج شخصا ملتحيا، يبدوا أنه مسلم، بفتاة عارية أو شبه عارية. حداثة تتجاوز الممكن واللاممكن. مساجد كثيرة، متنوعة ومختلفة الأشكال، منتشرة في كل أحياء الرباط بل في كل أزقة الرباط. أينما اتجهت تجد مسجدا صغيرا أوكبيرا. المهم أنه موجود. المساجد موجودة في كل مكان. هنا وهناك. علامة على أصالة وعراقة ديانة المغاربة. والكنيسة واحدة في الرباط، هي في قلب مدينة الرباط. المسلمون كثيرون في الرباط، تمتلئ المساجد عن أخرها في أوقات الصلاة. والكنائس شبه فارغة.. إذن ما هو مشكل المغاربة مع هؤلاء الشبان الذين أرادوا اعتناق المسيحية؟ أينما وجدت المساجد تجد بجوارها حانة وملهي لشرب الخمر، أو مرقص خاص بالشبان والشابات الذين لا يتجاوز سنهم 22 سنة. تتعدد المساجد بتعدد المراقص والحانات، ومثلما تمتلئ المساجد، تمتلئ الملاهي والمراقص. بالليل و النهار. يكفي أن نقوم بجولة سريعة في الشوارع الكبرى لمدينة الرباط، نتأمل المشهد لنعرف هذا الخراب الذي يعيشه المجتمع المغربي في هذا القرن الملعون. حداثة لاشك أنها معطوبة. كل الشوارع الكبرى والصغرى، في الرباط، ممتلئة بحداثة تجاوزت زمنها وانفتحت على زمن مجهول، تحقق في غير زمنه. حداثة تتعدد و تختلف من مكان لآخر ومن حي إلى آخر. أقصد، طبعا، الحداثة الإجتماعية والثقافية التي ترتبط بالشارع فقط، ولا أقصد الحداثات الأخرى. كل شيء موجود في هذه الشوارع، الحداثة واللاحداثة. بهذا المعنى لن يختلف اثنان في عد المغرب بلدا حداثيا. لكن أي حداثة هذه التي يعيشها المغاربة ؟ حداثة تجاوزها الأروبيون والأمريكيون، أو بالأحرى لم يعيشوا هذا النوع من الحداثة. حداثة هؤلاء غير معطوبة، تنبني على قيم ومبادئ منتظمة. أعطي مثالا بالأربيين والأمريكيين لأنهم أصحاب حضارة عصرية كبرى، ولأن المغرب بلد حداثي معاصر، يجب أن يقارن نفسه بالكبار، ليعرف هل فعلا ينتمي إلى الدول الحداثية الكبرى أم لا ؟ وإذا كان لاينتمي إلا هذه الدول فأي نوع من الحداثة الإجتماعية يعيشها المغرب؟ شيأ فشيأ بدأ المغاربة يستشعرون بهذا النوع من الحداثة التي يعيشونها، صغارا وكبارا، شبانا وشابات. لاحديث إلا على هذا النوع من الحداثة، وعلى هذا الإنحلال المكشون الذي أصبح يتجاوز كل ما هو أخلاقي وديني، بالمعنى الكوني للدين. يئس بعض المغاربة من هذا الوضع، ولم ييئس البعض الآخر معتبرا ما يحدث في المغرب الآن، هوحداثة يفرضها علينا الزمن الذي نعيشه، إذ لا يمكن أن نعيش في 2009 إلا بهذا النوع من الحداثة. لكن الواقع يقول أن الحداثة التي يعيشها المغاربة تجاوزت كل الحداثات الآخرى. تنعكس هذه الحداثة الإجتماعية على أفكار أصحابها. مستوى ثقافي وعلمي بسيط وضعيف، لا يتجاوز ما هو مغربي وعربي، وإذا تجاوز ذلك فالفهم يكون خاطأ. وبالتالي نسقط في هذا النوع من الحداثة، التي أخطأنا في فهم مبادئها وقوانينها. كشفت بعض المنظمات والجمعيات العالمية عن ضعف المستوى التعليمي في المغرب، وهو مايؤكد انتشار مثل هذه الأفكار البسيطة داخل الشارع المغربي، المتمثلة في تبنى بعض الأفراد لديانة هي غير الإسلام، في غياب وعي بهذا الدين الجديد. يعتمد هؤلاء في نشر أفكارهم على ثقافة شفوية منتشرة بين نخبة معينة من الناس، متخدين من الشارع والمساجد البسيطة وبعض الأماكن الشعبية مكانا لطرح أفكارهم الشفوية. هي ثقافة غير عالمة. *باحث مغربي