في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين المغرب وإسبانيا وقع وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، ونظيره الإسباني، فيليكس بولانيوس، على إعلان نوايا مشترك في مجال التعاون القضائي، وذلك خلال لقاء رسمي عقد اليوم الثلاثاء في مدريد. وتأتي هذه الخطوة ضمن الجهود المبذولة لتطوير التعاون القانوني بين البلدين، خاصة مع التحضيرات الجارية لاستضافة كأس العالم 2030، الذي يُنظم بشراكة بين المغرب وإسبانيا والبرتغال. ويرى خبراء أن هذه المبادرة تعزز الثقة المتبادلة بين الرباطومدريد، إذ تتماشى مع التطور الإيجابي الذي شهدته العلاقات المغربية الإسبانية خلال السنوات الأخيرة، ولاسيما بعد الموقف الإسباني الداعم لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية. كما أن تنظيم كأس العالم 2030 لا يمثل فقط حدثًا رياضيًا، بل يعد فرصة لتعزيز العلاقات الثنائية، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، أو الأمني، أو الثقافي، بما يعكس دور الرياضة كأداة لتعزيز القوة الناعمة بين البلدين. وفي هذا الإطار قال لحسن أقرطيط، الباحث في العلاقات الدولية، إن "التعاون بين المغرب وإسبانيا في مجال العدالة يُعد جزءًا من الشراكة الواسعة التي تجمع البلدين، التي تتعزز بفضل الروابط الجغرافية والسياسية التي تجمعهما". وأشار أقرطيط، ضمن تصريح لهسبريس، إلى أنه "بحكم موقعهما الجغرافي كدولتين جارتين يجد المغرب وإسبانيا نفسيهما معنيين بمواجهة تحديات مشتركة، سواء في منطقة البحر الأبيض المتوسط أو المحيط الأطلسي، أو حتى منطقة الساحل الإفريقي، ما يستدعي تنسيقًا أمنيًا وقانونيًا وقضائيًا لمواجهتها بفعالية". وأورد الباحث ذاته أنه "إلى جانب ذلك يبرز الاستعداد المشترك لتنظيم كأس العالم 2030 كعامل إضافي يفرض تعزيز آليات التنسيق والتعاون القضائي بين البلدين؛ فخلال هذه الفترة ستشهد المنطقة حركة مكثفة للأشخاص والبضائع بين المغرب وإسبانيا، ما يستوجب تنسيقًا فعالًا لضمان سلاسة المبادلات وتأمين التظاهرة الرياضية على المستويين القانوني والأمني". وخلص المتحدث إلى أنه "بناءً على هذه المعطيات يصبح من الضروري بلورة مذكرة تفاهم بين البلدين تعزز التعاون في المجال العدلي والقضائي، بما يضمن تنسيق الجهود بين الأجهزة القضائية المغربية والإسبانية، ويعزز القدرة على مواجهة التحديات التي قد تفرضها هذه التظاهرة الدولية، سواء على المستوى القانوني أو الأمني". من جانبه قال إدريس لكريني، الخبير في العلاقات الدولية، إن "العلاقات المغربية الإسبانية عرفت خلال الآونة الأخيرة تطورًا ملموسًا، خاصة بعد التصريح الواضح لرئيس الحكومة الإسبانية بشأن تأييد الطرح المغربي في قضية الصحراء المغربية، ولاسيما مشروع الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب كحل للنزاع". وأضاف لكريني، ضمن تصريح لهسبريس، أن "هذه المواقف السياسية عززت الثقة المتبادلة بين البلدين، وهو ما تُرجم إلى زيارات رسمية مكثفة إلى المغرب، رافقها عقد مجموعة من الاتفاقيات في مختلف المجالات، ما أعطى زخمًا جديدًا لهذه العلاقات وأرسى أسسًا لاستدامتها وتطويرها". وأشار الخبير ذاته إلى أن "تظاهرة كأس العالم تعد محطةً بالغة الأهمية بالنسبة للبلدين، إذ يدرك كل منهما أهمية هذا الحدث الدولي وتأثيره على تعميق العلاقات الثنائية؛ فيما يعود ذلك إلى القرب الجغرافي بينهما، الذي يفرض بطبيعته ضرورة التعاون على عدة مستويات، سواء من الناحية الأمنية أو الاقتصادية، أو الثقافية". ونبه المتحدث إلى أن "استضافة حدث عالمي بهذا الحجم يستدعي تنسيقًا دقيقًا لضمان نجاحه في أجواء آمنة وسليمة، وهو ما يسعى إليه الطرفان، إلى جانب البرتغال، لإنجاح هذه التظاهرة الرياضية"، مردفا: "لا تقتصر رهانات البلدين على إنجاح كأس العالم كمناسبة رياضية فحسب، بل يُنظر إلى هذا الحدث باعتباره فرصة لتعزيز العلاقات الثنائية، وإعطاء الجوار الجغرافي بعدًا إستراتيجيًا يدفع نحو تعزيز التعاون في مختلف المجالات، خصوصًا على المستويات الاقتصادية والثقافية والأمنية. كما أن الرياضة، باعتبارها إحدى أدوات القوة الناعمة، يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في دعم مسار الشراكة بين المغرب وإسبانيا". وأكد لكريني أنه "في هذا السياق يُعد انخراط المؤسسات القضائية والأجهزة الأمنية في تأمين التظاهرة الدولية عاملًا حاسمًا لإنجاحها، إذ يساهم التنسيق الأمني المشترك في ضمان مرور الحدث في ظروف جيدة، وهو ما سيكون في صالح البلدين، ليس فقط على مستوى تأمين كأس العالم، بل أيضًا في إطار تطوير العلاقات الثنائية نحو آفاق أوسع وأكثر استقرارًا".