تعيش نساء معتقلي السلفية الجهادية في المغرب، المتهمين بالتورط في اعتداءات 16 (مايو) 2003، أوقاتا عصيبة جدا بعد أن رفضهن المجتمع والأسرة، وكبلت تحركاتهن بأغلال عيون الناس التي لا ترحم بسبب "تمسكهن بأزواجهن وبحياتهن". "" وألقت هذه المعاناة النفسية بظلالها الثقيلة حتى على الأبناء الذين لجأوا إلى "الانعزال" في بيوتهم، هربا من ملاحقة المجتمع والأمن لخطواتهم، وذلك بعد انقطاعهم عن الدراسة، ما جعل فاعلين جمعويين، ينشطون في هذا المجال، يحذرون، في تصريحات ل "إيلاف"، من "تحولهم في المستقبل إلى قنابل بشرية أشد خطورة من آبائهم". وأبدت المصادر ذاتها تخوفها من أن "يسقط هؤلاء الأطفال في براثين الإرهاب بسبب رفض المجتمع لهم"، مشيرة إلى أن "فكرة الانتحار قد تسيطر عليهم للتخلص من الضغط الذي يولد الانفجار"، محذرا "تذكروا هذا الكلام جيدا".وليست هذه المشاهد إلا صورة مصغرة لما تكابده نساء معتقلي السلفية الجهادية من معاناة عاطفية شديدة وصعوبات مالية، حسب مصدر وثيق الصلة بجمعية النصير لمساندة المعتقلين الإسلاميين.ويقول لإيلاف حول هذه المعاناة"، أن "بعضهن لجأن إلى بيع أثاث منازلهن من أجل زيارة أزواجهن، وحمل بعض الوجبات الخفيفة إليهم"، هذا في الوقت الذي يشكون فيه "قصر اليد" لكونهن يمتهن نشاطات موسمية.وتبدأ معاناة زوجات المعتقلين من داخل البيت، إذ تنشب صراعات كثيرة حول تربية الأبناء ورفض تطليق الزوج، ما يضطر عدد منهن إلى "الاستقلال بذواتهن" من خلال اقتناء منازل بعيد عن ضغط أسرهن. وقاد تدهور حال نساء معتقلي السلفية إلى إقدام أزواجهن على الدخول في سلسلة من الإضرابات التحذيرية، خلال الأسبوع الجاري، قبل أن يقرر 35 منهم بالسجن المركزي في القنيطرة، خوض، بداية الأسبوع المقبل، إضراب لا محدود عن الطعام، ستكون نهايته إما بموت منفذيه أو رضوخ الإدارة إلى مطالبهم المتمثلة في "نقلهم إلى سجون قريبة من مساكن زوجاتهم"، على حد تعبير المصدر نفسه.وجاء إقرار معركة "الالتحاق بالزوجة" أو"الموت"، يوضح المصدر، بعد أن "تزايدت حدة غليان المعتقلين داخل السجن بسبب المضايقات التي تتعرض لها "الزوجات على يد الحراس عند كل زيارة وحتى خلال الخلوة الشرعية"، إلى جانب تفاقم سوء حال عائلات السجناء.وأبرز أن المعتقلين وجهوا رسائل احتجاج إلى محمد بوزبع وزير العدل، وشكيب بنموسى وزير الداخلية للمطالبة بتحقيق مطالبهم، التي يصفونها ب "المشروعة".وطالبت أمهات المعتقلين وزوجاتهم، في وقفات احتجاجية سابقة، برفع الظلم الذي لحقه بهن طبقا لأقوالهن بعد إدانة ذويهم عقب تفجيرات الدارالبيضاء. وكانت حملة الاعتقالات التي نفذت في صفوف السلفية الجهادية عقب اعتداءات 16 آيار (مايو)، التي هزت خمسة مواقع بالعاصمة الاقتصادية الدارالبيضاء، خلقت تفككا كبيرا وسط عائلات الموقوفين. وكانت أولى ضحايا تلك الاعتقالات من النساء نعيمة، زوجة محمد العماري، الانتحاري الوحيد الذي لم يفجر نفسه في أحداث الدارالبيضاء، إذ أقدمت على فعل ما عجز عنه زوجها المحكوم عليه بالإعدام في سجن القنيطرة بالرباط، وأنهت حياتها بانتحارها. واختلفت مبررات إقدامها على الانتحار، فنعيمة التي كانت تتمتع بجمال فتان، عاشت معاناة نفسية كبيرة، حوصرت من قبل أبناء حيها الصفيحي دوار السكويلة. وكانت زوجة العماري متهمة، من خلال زوجها، بالتسبب فيما عرفه الحي الصفيحي من اعتقالات ومحاكمات، فأقدمت على وضع حد لحياتها تاركة ابنا يتميا يدعى الزبير وراءها.وتتطلع عائلات المعتقلين، في كل مناسبة دينية أو وطنية، إلى عفو ملكي يحرر دفعة جديدة من ذويهم، الذين يصل عددهم إلى حوالي 3000 سجين.وكان أغلبية السجناء وضعوا بداية في سجون مدن سلاوالدارالبيضاءوالقنيطرة وسيدي قاسم، ولكنهم بعد إضراب جماعي عن الطعام، خاضه نحو 1500 معتقل تحت شعار إطلاق "السراح أو الموت" ودام 25 يوما، إلى جانب وفاة أحدهم أثناء الإضراب، قررت إدارة السجون توزيع المعتقلين على السجون المغربية الأخرى.