تحركت عبر وسائل الإعلام قضية العلاقات المغربية مع فرنسا، وحاولت الأوساط المخزنية تحويل موضوع شكاية أمام القضاء ليصبح الموضوع دبلوماسيا، وهو في الحقيقة موضوع قضائي يهم العدالة المغربية والفرنسية ولايهم الدبلوماسية، وسكتت عنه وزارة العدل المغربية ورئاسة الحكومة، مما يفيد أنها استفادت من تجربة وأخطاء قضية دانيال كالفان، وذلك أن الموضوع الذي يهم الشعب المغربي يدور حول ما يعرف لدى الناس جميعا بمعتقل تماره، أي مركز جهاز المخابرات السياسية المعروفة ب DSTهل كان فعلا مركزا للاعتقال السري والتعذيب أم لا؟ ويهم الموضوع أيضا قضاء التحقيق الفرنسي الذي بعث بالاستدعاء الى مقر إقامة سفير المغرب بفرنسا يطلب فيها حضور مدير المخابرات السياسية الى مكتبه قصد الجواب عن شكايات تنسب اليه المشاركة في التعذيب، وتدخلت دبلوماسية شكيب بنموسى ومباركة بوعيده ومن وراءهم في شؤن القضاء (مع ملاحظة سكوت مزوار) واتجهت الى الجهاز التنفيذي للدولة الفرنسية والسفارة الفرنسية تطلب على ما يظهر وقف القاضي عن مهمته في البحث القانوني في موضوع الشكايات، وتدخل السياسيون والمستشارون المعروفون بسوء تدبير المشاكل السياسية والقانونية العليا للمغرب، وكتبت الصحافة السخيفة مقالات تذهب الى تحريف الموضوع وتسييسه، ولإيهام الشعب بأن الموضوع يتعلق بالمغرب كله كشعب ودولة وهو في الحقيقة محصور في شكاية أشخاص يدعون أنهم تعرضوا للتعذيب ويحاولون تطبيق القوانين الدولية المتعلقة بمناهضة التعذيب، ويتحملون مسؤوليتهم الفردية عن نتائج الدعاوى التي تقدموا بها، وتقدمت معهم كطرف مدني جمعية المسيحيين من اجل إلغاء التعذيبL'ACAT وجهاز DST قادر على الدفاع عن مديره. ولكن لا أحد يجهل أن الموضوع سبق أن طرح بالمغرب من طرف شباب حركة 20فبراير سنة 2011عندما قرروا تنظيم زيارة للمعتقل بتمارة، ومنعوا وتعرضوا لأنواع العنف والمطاردة، ولم يجدوا بالمغرب عدالة تنصفهم مما تعرضوا له، ولا شك أن المغاربة سوف يستعملون العدالة الدولية حول التعذيب والإفلات من العقاب سواء بفرنسا وغيرها ضد عنف السلطة إذا استمر العنف والإفلات من العقاب داخل البلد، لأن التجاء المواطنين الى عدالة دول أجنبية يدل على عدم ثقتهم بعدالة بلادهم، وهناك منظمات دولية متخصصة في مناهضة التعذيب مستعدة لمساعدتهم كما فعلت هذه الجمعية الفرنسية، وهي جمعية تكتب التقارير السنوية وتنشرها عن التعذيب في جميع أنحاء العالم وتوجد لها فروع في عدة دول بالقارات الخمس، ويمكن أن تقود حملة ضد المغرب حتى لو تفاهمت الحكومة الفرنسية مع سلطات المغرب، وهي منظمة مسيحية كبرى لا يبعد أن تكون تقوم برد الفعل ضد إجراءات طرد المسيحيين من المغرب منذ سنة 2010، واعتقال بعض المغاربة بتهمة التبشير...وأيضا لا أحد يجهل المطلب الإصلاحي الذي يروج لدى كل أحرار المغرب، وهو اعتبار جهاز DST شرطة قضائية عادية متخصصة في الملفات السياسية، لكنها يجب أن تخضع للرقابة القضائية وأنظمة الاعتقال الاحتياطي وقوانين السجون..وهذه مناسبة لتجديد مشاريع دمقرطة هذا الجهاز الأمني وملاءمة وجوده مع القوانين الدولية، وليس لتأزيم العلاقات مع فرنسا وتضليل الشعب، وجدير بالذكر أن بعض الناس يريدون اغتنام هذه الفرصة للضغط على فرنسا حول قضايا تهم مصالحهم الشخصية، لأنهم لم يعودوا يرتاحون لاستقرار أموالهم وعائلاتهم بفرنسا، مثل الشقق والأملاك العقارية بفرنسا والأموال المهربة التي افتضح أمرها، وقد يكونون وراء تلفيق الملفات ضد الأجهزة الأمنية التي أشيع بأنها تتعقب الأموال المهربة الى فرنسا في هذه الفترة الحرجة، وكان الناس قد فوجئوا بكون إدريس البصري يملك شقة فاخرة بباريس سكن بها بعد مغادرته للمغرب ولم يستطع أحد أن يثير حولها نفس الضجة التي أثيرت ضد ياسمينة بادو وزوجها الفاسي الفهري.. وتتعلق أغلبية أموال المغاربة بفرنسا بنخب نافذة معروفة، وكون فرنسا بدأت تأوي معارضين مغاربة ينظمون الاحتجاجات وينشرون الكتب الممنوعة في المغرب ويتكاثرون.. وهي قضايا لا يعلم عنها عموم الشعب شيئا من التفاصيل والأخبار سوى قلة تطالع الأخبار على مواقع الأنتيرنيت، كما لا يخفى على أحد أن سفارة المغرب بفرنسا أصبحت تسند في زمننا المتأخر لقدماء وزراء الداخلية غير المنتمين لميدان السياسة والدبلوماسية، من مصطفى الساهل الى شكيب بنموسى.. الشئ الذي يضفي عليها صبغة أمنية وصبغة امتياز عائلي ونخبوي، ولم تمض سوى عدة أسابيع على قضية الملحق بالسفارة المغربية بفرنسا المسمى رياض رمزي (17يناير2014) حول ما عرف ب L'affaire Dassaultلتضاف إليها قضية الحموشي، وقضية نهب محتويات سيارة القبطان السابق أديب اللاجئ السياسي بفرنسا ضيف اللاجئ السياسي علي عمار أمام بيته بفرنسا (منتصف يناير2014)،والتشويش على محاضرة خديجة الرياضي ببلجيكا، وتصريح سفير فرنسا بالولايات المتحدة بكون المغرب هو مجرد عشيقة لفرنسا تنام معها كل يوم ولا تحبها ولكنها تدافع عنها.. لتصبح دبلوماسية الأمنيين والتقنوقراط في الدول الأوروبية موضوع تساؤلات وملفات تنذر بما هوا سوأ.. ولاشك أن شكيب بن موسى والطيب الفاسي الفهري كانا وراء تدبير ملف اميناتو حيضر عندما منعت من الدخول بمطار العيون قادمة من جزر كناريا، وحولت قضيتها وخطأ التدبير الى شهرة عالمية لهذه المرأة، وربحت المعركة ضد هم، وتذكرنا قضية الحموشي بقضية محاكمة احمد الدليمي في ملف اغتيال بنبركة بفرنسا حيث اختار المستشارون القانونيون في ذلك الزمان أن يقدم رئيس المخابرات المغربية (الدليمي) نفسه للعدالة الفرنسية ويحصل على البراءة من التهم الموجهة إليه ولو بعد اعتقاله احتياطيا لمدة ستة شهور، وكان التدبير القانوني ناجحا ولو مظهريا، لأن تلامذة القانون الفرنسي الذين كان منهم أحمد رضا كديره والحسن الثاني وكثير من أطر ذلك الزمان مثل مجيد بنجلون ومحمد ميكو وأحمد عصمان وإدريس السلاوي وإدريس المحمدي.. يعرفون أن فرنسا تتوفر على قوانين الفصل بين السلطات القضائية والتنفيذية، وجمعيات المجتمع المدني مستقلة عن أوامر السلطة التنفيذية، وتظهر مباركة بوعيده وشكيب بنموسى والعمراني ومن يتستر من ورائهم من تلامذة القانون الفرنسي الحاكمين اليوم ومعهم الكثير من المراكز التي تتحدث كأبواق للسلطة، وكأنهم يعتبرون القاضي يطبق أوامر السلطة التنفيذية بفرنسا كما لو أنهم يتصورون فرنسا هي المغرب...رغم أن شكايات التعذيب حسب الجمعية الفرنسية قدمت في نفس الوقت الى لجنة حقوق الإنسان لدى الأممالمتحدة وسوف تكون ضمن القضايا المستقبلية التي ستظهر عند مناقشة مهمة المينورسو في شهر ابريل المقبل، وأقيمت من طرف زوجة أحد المشتكين مثل ما فعلت الزوجة الأمريكية للقبطان الطويل التي أدت الى اكتشاف المعتقل السري تازمامارت السئ الذكرسنة1993... وقد برز أناس للدفاع عن الخطة الدبلوماسية لشكيب بنموسى ومباركة بوعيده ومن معهم من مستشاري السياسة ومفسري الأحلام السياسية بالمغرب لإطلاق ألسنتهم ضد فرنسا ووصفها بأبشع الأوصاف، بل وحتى تعبئة بعض الناس للتظاهر والاحتجاج، ولم تمر سوى بضعة شهور على بروز هؤلاء الطويلي الألسنة لمدح فرنسا أثناء زيارة رئيسها إلى المغرب، وتفريش مآت الزرابي بالدار البيضاء لترفسها أقدام فرانسوا هولا ند ومن كلن معه من الوفود، وفتح المجال له ليلقي الخطب الرنانة في البرلمان والمؤسسات العلمية..،وهم الآن يستغربون من توجيه القاضي الفرنسي للاستدعاء إلى محل إقامة بنموسى، وماذا يساوي ذلك بالنسبة لكل ما فعلته فرنسا من شرور بالشعب المغربي لأكثر من مائة عام حيث نشرت عساكرها الاستعمارية عبر المدن والقرى والجبال والبحار؟ وبنت الدولة المخزنية الحديثة التي يصعب معها الإصلاح وربطتها بالمصالح الفرنسية، وورث المغاربة عنها تقسيم شمال إفريقيا الى دول متناحرة نتجت عنه حروب ونزاعات لازالت تدق طبولها. وكان مطلوبا من فرنسا أن تعتذر عن آلام الاستعمار التي لحقت الشعب المغربي كما فعلت في الجزائر.. وبالنسبة لملف مدير المخابرات السياسية فان اسم DST منقول عن أنظمة المخابرات الفرنسية عند تأسيسه، أي أنه نسخة ونموذج فرنسي، ولا تغيب صغيرة ولا كبيرة عن المخابرات الفرنسية بالمغرب حيث يوجد طاقم من الأتباع والجواسيس يدعون "Les franco-marocains " ينتشرون في البيوت والإدارات والمؤسسات المالية وغيرها، ويحملون الجنسيات المزدوجة، والأسر المختلطة بالزواج وهم في أعلى مراكز النخب المجتمعية، وإذا أرادوا فعلا إغراق جهاز من أجهزة المخابرات وغيره في ورطة قانونية وسياسية فلديهم الوسائل والمعلومات الكافية، وكان من المفروض لو كانت هناك كفاءة لدى السفارة المغربية أن تعلم بالخطر المحدق برئيس الديستي وتتلافى العواقب قبل وصول الاستدعاء إليها وتعالج شكايات المهاجرين المغاربة وعائلاتهم قبل أن تصبح شكايات لدى القضاء الأجنبي، حيث تفيد الأخبار التي نشرتها ACATفي موقعها على الانترنيت أن شكاية المطالسي وضعت لدى قضاة التحقيق في شهر مايو سنة2013 بواسطة زوجته الفرنسية وتضامنت معها الجمعية فهل كان من يتحركون الآن مطلعين حتى على أخبار الشكاية حين تقديمها ؟