بكثير من "التشكيك" و"المفاجأة" تلقى نواب برلمانيون وآباء الأرقام التي قدّمها عبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، بخصوص مُقاطعة الامتحانات بكليات الطب والصيدلة، اليوم بمجلس النواب؛ فقد قال المسؤول الحكومي سالف الذكر إن نسبة الطلبة المقاطعين لم "تتعدّ، إلى حدود دورة أكتوبر، 40 في المائة، أي أن ما يصل إلى 60 في المائة من الطلبّة علّقوا إضرابهم واجتازوا هذه الامتحانات، وذلك ثمرة للحوار بين الوزارة والطلبة الذي استمّر منذ شهر يونيو إلى اليوم". وشكك مصطفى إبراهيمي، النائب عن مجموعة العدالة والتنمية، بالرقم المقدم من لدن ميراوي خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب، قائلا إن "الوزير فاجأنا بحديثه عن رفع 60 في المائة من الطلبة إضرابهم؛ في الوقت الذي تؤكد الاستطلاعات أن أقل من 5 في المائة من طلبة الطب فقط هي اجتازت امتحانات دورة 21 أكتوبر التي انطلقت هذا اليوم". وأضاف إبراهيمي أن "النسبة المرتفعة للطلبة المقاطعين دليل على أن الحكومة عاجزة عن إيجاد حل لإنقاذ 25 ألف طالب من الرسوب وإهدار سنة جامعية كاملة، ودفعهم تاليا إلى الانتقال صوب كليات القطاع الخاص وربما إلى كليات الخارج؛ في الوقت الذي تعد جميع النقاط العالقة سهلة ولا تطرح إشكالا كبيرا". بدوره، عقّب سعيد سرار، النائب عن الفريق الحركي بالغرفة الأولى، على "أرقام ميراوي"، مسجّلا أن "نسبة مُقاطعة الامتحانات بكليات الطب والصيدلة وصلت هذا اليوم إلى 97 في المئة"، مخاطبا المسؤول الحكومي الوصي على قطاع التعليم العالي: "تفوقتهم في صناعة الاحتقان، أبنتم عن فشلكم الذريع في تدبير هذا الملف.. وخير دليل عليه هو اللجوء إلى مجموعة من الوساطات؛ ولكن دون التوصل إلى اتفاق مع الطلبة. ولذلك، نُطالب بأن يكون هناك حسم نهائي لهذا الملف، من خلال تدخل مباشر من رئيس الحكومة". وقال والد لطالبة الطب بالسنة الثانية بكليات الطب والصيدلة، في تصريح لجريدة هسبريس، إن "تقديم الوزير لهذا الرقم الكاذب أمر يندى له الجبين، وهو ينطوي على استغباء للبرلمانيين"، لافتا إلى أن "نسبة المقاطعة بأغلب الكليات فاقت هذا اليوم 95 في المائة"، مُردفا أنه "لو بالفعل كانت نسبة الطلبة غير مضربين هي 60 في المائة لما كانت الوزارة تلجأ إلى برمجة دورات استثنائية في كل مرة، لنصل إلى 13 دروة تقريبا خلال هذه السنة الجامعية". ودعا والد الطالبة وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار إلى "أن يكون مسؤولا؛ لأن الإحصائيات التي تخص المقاطعة كما يعلنها الطلبة ليست كاذبة.. ونحن في نهاية المطاف في دولة المؤسسات، حيث ثمة عمادات وإدارات يمكن التحقق منها". وخلال الجلسة ذاتها، شدد النواب والنائبات على ضرورة الاستجابة لمطلب الطلبة باستثناء الدفعات الخمس الأولى من قرار تقليص سنوات التكوين؛ إذ أكد سرار في مداخلته أنه "يجب استثناء الطلبة القدامى من هذا القرار، وتطبيقه على الطلبة الجدد فقط". بدورها، قالت نادية التهامي، النائبة عن فريق التقدم والاشتراكية بالغرفة الأولى، إن "مبدأ عدم رجعية القوانين يفرض على الحكومة أن تستثني الطلبة من القرار الجديد وتمكنهم من 7 سنوات كاملة؛ لأنهم تعاقدوا في نهاية المطاف مع كلياتهم على أساس 7 سنوات وليس ست سنوات، على أن يتم تطبيقه على الطلبة الجدد". وأبرزت النائبة ذاتها أنه تم استدعاء الوزير إلى قبة البرلمان؛ لكنه "لم يستجب إلا بعدما تفاقم الوضع"، مخاطبة ميراوي: "لم تستطيعوا إبداع الحلول، وقمتم بتقديم عرض وحيد". وفي جوابه عن أسئلة النواب والنائبات، رفض ميراوي "المزايدات في ملف طلبة الطب والصيدلة؛ لأن نُقطة الست سنوات على وجه التحديد مُبالغ فيها بيداغوجيا وسياسيا"، مُخاطبا الابراهيمي "بأنه من بين مخرجات الاتفاق، الذي وقع خلال أزمة سنة 2019 في عهد حكومتكم، كان الاتفاق على ست سنوات". وأضاف وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار أن هناك "فُرصة ل40 في المائة من الطلبة لاجتياز الامتحانات؛ ومن تمكن منهم من النجاح فسوف يلتحق بمقاعد الدراسة الجامعية في مستوى جديد، ومن لم يتمكن فسوف يكرر السنة الجامعية". وشدد ميراوي على أن "تقليص سنوات الدراسة بكليات الطب والصيدلة إلى ست سنوات لن يضر بجودة التكوين، والعديد من الدول المجاورة للمغرب من جهة الشمال اتجهت نحو اتخاذ هذا القرار؛ بل إن بريطانيا تتجه نحو اعتماد 5 سنوات، فقط، كمدة التكوين بهذه الكليات"، مُردفا أن وزارته أكدت "على حق الطلبة في سنة سابعة؛ ولكن على أساس أن تكون اختيارية تُجرى فيها التداريب الاستشفائية". وبخصوص النقاط العالقة الأخرى، أوضح المسؤول الحكومي الوصي على قطاع التعليم العالي أن "نُقطة العقوبات التأديبية هي مسألة متجاوزة، ونفس النهج الذي تعاملنا به معها مع طلبة الصيدلة الذين توصلنا معهم إلى تسوية، سنطبقه من جديد مع طلبة شعبة الطب"، لافتا إلى أنه "بخصوص نُقطة مكاتب طلبة الطب فنؤكد أنها جميعها غير قانونية؛ لأن الأصل في هذه المكاتب أن تكون مُخصصة بالأنشطة الثقافية والموازية ككل؛ ومع ذلك فكرنا في أن نمنحهم (الطلبة) مدة ستة أشهر لترتيب أمورهم القانونية بمعية الأساتذة الباحثين". وأشار ميراوي إلى أن الطلبة يطالبون "بتنظيم دورتين في امتحانات كل أسدس"؛ وهو "مطلب سيكلف في حال تمت الاستجابة له ثلاثة أشهر على الأقل"، بتعبير المتحدث ذاته، الذي لفت إلى إنهم "يريدون أيضا تقليص مدة التداريب الاستشفائية المستشفيات لتُجرى في ثلاثة أشهر فقط؛ وهو أمر ستنتقدونه أنتم (النواب) قبل غيركم إن تم".