جمعت النسخة السادسة للقمة الإفريقية للرقمنة المنعقدة في الدارالبيضاء، خلال ثاني أيامها، خبراء من قطاع الإعلام لمناقشة التغيرات العميقة التي أحدثها التحول الرقمي، حيث شارك المتحدثون في جلسة نقاش، تحت عنوان "التحول الرقمي لصناعة الإعلام"، تجاربهم ورؤاهم حول مستقبل الصحافة، والابتكار، وأساليب قياس الجمهور، مقدمين بذلك لمحة غنية عن التحديات المقبلة. وسلطت هيلين زيمور، مديرة الرقمنة والابتكار في TV5 Monde، الضوء على المبادرات المبتكرة التي اتخذتها القناة لتوسيع جمهورها، مع إطلاق منصة تقدم أكثر من 7000 ساعة من البرامج الفرانكفونية، موردة أن القناة سعت إلى تعزيز حضورها الدولي، ومؤكدة أهمية الترجمة النصية وجعل المحتويات متاحة للجميع في تحقيق هذا الهدف، باعتبارها عناصر أساسية للوصول إلى جمهور عالمي. وأشارت زيمور إلى أنه من خلال تنويع عروضها استهدفت الإدارة تلبية الطلب المتزايد على المحتويات المتنوعة، وترسيخ دور القناة في المشهد الإعلامي الفرانكفوني، مشددة في مداخلتها على ضرورة الابتكار لجذب انتباه الأجيال الشابة، التي تتوق بشكل خاص إلى المحتويات الرقمية. من جهته تناول جوليان روزانفالون، نائب الرئيس التنفيذي في Médiamétrie، مسألة قياس الجمهور في العصر الرقمي، وشدد على ضرورة تطوير أدوات جديدة لتقييم تأثير المحتويات التي تبث عبر منصات متعددة، مؤكدا أنه في بيئة تعرف تزايد تنوع قنوات الاتصال، بدءا من القنوات التلفزيونية، وصولا إلى خدمات البث، أصبحت شفافية أساليب القياس أمرا ضروريا. وأوضح روزانفالون في السياق ذاته أن النقاشات العميقة حول مقاييس القياس مهمة لضمان تقييم عادل ودقيق لأداء الحملات الإعلانية، فيما أشار إلى أن غياب مقياس عالمي لا ينبغي أن يعتبر عقبة، بل فرصة لاستكشاف مؤشرات متنوعة تتناسب مع واقع السوق. واعتبرت بيسان خيرات، مديرة البرمجة والتسويق في الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، الرقمنة رافعة أساسية للنمو، وشرحت بالتفصيل عدة مشاريع رئيسية خاضتها الشركة، بما في ذلك الانتقال إلى البث عالي الدقة (HD)، الذي سمح لها بتحديث بنيتها التحتية وتوسيع توزيع محتوياتها، مؤكدة أن هذا التحول خلف تأثيرا إيجابيا على تجربة المشاهدين، إذ جعل المحتويات أكثر جاذبية وسهولة في الوصول. وتطرقت المتحدثة ذاتها إلى التحديات المرتبطة بمقاومة التغيير، وهي مسألة تجب معالجتها لجذب جمهور أصغر وأكثر تفاعلا، مشيدة بجهود الإدارة في إعادة الابتكار، التي تزامنت مع سياق تنافسي شديد على جذب انتباه الجمهور. أما محمد هيثمي، الرئيس المدير العام لمجموعة "ماروك سوار"، فركز على ضرورة إعادة التفكير في النموذج الاقتصادي للصحافة، وأورد أنه في ظل التطورات السريعة التي يشهدها القطاع من المهم التساؤل حول دور الصحافة في عالم يتدفق فيه المعلومات بسرعة كبيرة؛ كما أشار إلى أن اللوائح الحالية في المغرب لا تدعم هذا التحول، وإلى أن الجائحة زادت من تفاقم التحديات التي تواجهها الصناعة، إذ أجبرت العديد من شركات الصحافة على الإغلاق، ما يثير تساؤلات حول استدامة هذا القطاع. ودعا هيثمي إلى تجديد النموذج الاقتصادي الذي لا يعتمد فقط على الشركات الصحافية، بل يتطلب أيضا دعم الدولة والمعلنين؛ كما سلط الضوء على أهمية دمج التقنيات المتقدمة واستكشاف دور الذكاء الاصطناعي كعناصر أساسية لتلبية توقعات القراء بشكل أفضل، مؤكدا أن "الذكاء الاصطناعي"، على سبيل المثال، يتيح فرصا مثيرة لتحسين المحتويات وتخصيص العروض، ما يساعد على تعزيز وفاء الجمهور الذي بات أكثر تطلبا.