في ثالث اجتماعاته الفصلية برسم سنة 2024، المنعقد اليوم الثلاثاء 24 شتنبر، تدَارس مجلس البنك المركزي المغربي "تطور الظرفية الاقتصادية الوطنية والدولية، وكذا التوقعات الماكرو اقتصادية للبنك على المدى المتوسط"، خالصا في أبرز استنتاجاته إلى استمرار "الإنتاج الفلاحي رهينا بدرجة كبيرة بالظروف المناخية"، ومسجلا أن "التضخم لا يزال يتطور في مستويات معتدلة منذ بداية السنة". وأفاد بلاغ رسمي لبنك المغرب، طالعته هسبريس، بأن "البيانات دون السنوية المتاحة تُشير، عموما، إلى استمرار انتعاش الأنشطة غير الفلاحية؛ وهو توجه يُرجح أن يدعمه على المدى المتوسط الزخم المنتظر في الاستثمار بالقطاعين العام والخاص". وتابع البنك المركزي معلقا: "موازاة مع ذلك، لا يزال التضخم يتطور في مستويات معتدلة منذ بداية السنة؛ وهو ما يعكس، بالأساس، انخفاض أثمنة المواد الغذائية مُتقلبة الأسعار وتباطؤ مكونه الأساسي". وفي التفاصيل، أشار بنك المغرب إلى أن "التضخم، بعد أن سجل 5,6 في المائة في 2023، يواصل تأرجحه حول نسبة 2 في المائة". وسيظل، حسب توقعات بنك المغرب، قريبا من هذا المعدل خلال الفصول الثمانية المقبلة". وفسر البنك ذلك بالقول: "أخذا بالاعتبار بالخصوص التغيرات المعلن عنها فيما يخص دعم أسعار المواد الأساسية، ومع فرضية تغير محدود على المدى المتوسط في أسعار المواد الغذائية متقلبة الأثمنة، من المتوقع أن يتباطأ التضخم الإجمالي من 6,1 في المائة في 2023 إلى 1,3 في المائة هذه السنة قبل أن يتسارع إلى 2,5 في المائة خلال سنة 2025". وسجل المجلس أيضا، خلال اجتماعه، "تعزيز تثبيت توقعات التضخم كما تشير إلى ذلك معطيات الاستقصاء الفصلي لبنك المغرب لدى خبراء القطاع المالي"، مستدلا بأنها "تراجعت في الفصل الثالث من السنة الحالية إلى 2,2 في المائة بالنسبة لأفق 8 فصول وإلى 2,3 في المائة بالنسبة لأفق 12 فصلا". تباطؤ النمو إلى 2,8% على المستوى الوطني، سجل الاجتماع الفصلي الثالث أنه "بعد تسارعه إلى 3,4 في المائة في 2023، يَتَوقع بنك المغرب أن يتباطأ النمو الاقتصادي إلى 2,8 في المائة هذه السنة، قبل أن يرتفع إلى 4,4 في المائة في العام 2025". هذا التوقع ناتج، حسب تحليل مجلس البنك المركزي، عن "انكماش القيمة المضافة الفلاحية بالمغرب بنسبة 6,9 في المائة في 2024، ثم نموا بواقع 8,6 في المائة في 2025، مع فرضية تحقيق محصول حبوب متوسط قدره 55 مليون قنطار". أما النمو غير الفلاحي، فارتقب المصدر ذاته أن "يُواصل تحسنه، متنقلا من 3,6 في المائة في 2023 إلى 3,9 في المائة في سنتي 2024 و2025، مدفوعا بالخصوص بدينامية الصناعات التحويلية والاستخراجية وكذا الأنشطة المرتبطة بالسياحة". في مجال المالية العمومية، أشار تنفيذ الميزانية برسم الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2024 إلى "تحسن المداخيل العادية بواقع 11,2 في المائة، مدعومة بالأساس بالأداء الملحوظ للعائدات الضريبية. وبموازاة ذلك، تزايدت النفقات الإجمالية بنسبة 8,9 في المائة نتيجة بالخصوص لارتفاع نفقات السلع والخدمات والاستثمار". وعلق المجلس أنه "أخذا بالاعتبار هذه المعطيات والتطور المرتقب للنشاط الاقتصادي والتوجهات المعلن عنها في مشروع قانون المالية لسنة 2025، يَتوقع بنك المغرب أن يستقر عجز الميزانية في حوالي 4,4 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2024 قبل أن ينخفض إلى 3,9 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2025". آفاق وتوقعات مشوبة ب"اللايقين" في سياق متصل، أكد بنك المغرب أن "الآفاق الاقتصادية والاجتماعية في أفق التوقعات الماكرو اقتصادية للبنك تظل مُحاطة بمستوى عال من اللايقين المرتبط، على الصعيد الدولي، باستمرار الحرب في أوكرانيا وتصاعد النزاع في الشرق الأوسط والتوترات الجيوسياسية التي تزيد من حدة الانقسام الاقتصادي؛ وهو ما لا يخلو من عواقب على وتيرة النشاط وعلى تطور الأسعار، لاسيما الطاقية". أما على المستوى الوطني، فإن البنك نبّه إلى أن "توالي فترات الجفاف والإجهاد المائي يمثل عائقا بالنسبة للإنتاج الفلاحي والنمو الاقتصادي ككل. كما قد تكون لتنزيل التوجهات العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2025، إلى جانب استمرار المفاوضات في إطار الحوار الاجتماعي، تداعيات أكبر مما هو متوقع على تطور الطلب والأسعار"، وفق تقديره. على الصعيد الدولي، سجل المجلس أن "النشاط الاقتصادي أبان عن قدرة نسبية على الصمود؛ غير أنه من المرتقب أن يعرف تباطؤا في أفق التوقع في العديد من البلدان المتقدمة والصاعدة، متأثرا بالخصوص بالأوضاع النقدية التقييدية. أما التضخم، فيواصل منحاه التنازلي؛ لكن مع استمرار ارتفاع أسعار الخدمات في الاقتصادات المتقدمة الرئيسية".