وجه المجلس الأعلى للحسابات في تقريره السنوي الصادر يوم السبت، انتقادات لاذعة للطريقة التي يتم بها تدبير تحديد أسعار الأدوية في المغرب وهوامش الأرباح الخيالية التي يجنيها الصيادلة المغاربة من خلال تسويقهم لأدوية مصنعة محليا أو مستوردة من الخارج. وجاء في تقرير المجلس الأعلى، الخاص بسنة 2012، أن التحقيقات التي أجراها حول قطاع تسويق الأدوية في المملكة أبانت عن حقائق مذهلة حيث أن أسعار الأدوية في المغرب تفوق أسعارها في فرنسا مثلا بنسبة تتراوح ما بين 200 و300 في المئة. وضرب المجلس الأعلى، الذي يرأسه ادريس جطو، المثل بمجموعة من الأدوية، من ضمنها "سيفادروكسيل" الذي يبلغ سعره بالجملة 128.21 درهم في المغرب في حين لا يتجاوز ثمنه 42.81 درهم في فرنسا. نفس الشيء بالنسبة للمستحضر الدوائي "ريسبيريدون" الذي يسوق بالجملة بسعر 484 درهم في المملكة في حين يبلغ سعره في فرنسا 214 درهم. المجلس الأعلى للحسابات، وفي إطار كشفه لهذه الحقائق المثيرة، اعتبر أن مقارنة أسعار بعض الأدوية بالنسبة لتلك المعمول بها في الدول التي تنجز معها وزارة الصحة مقارنات، أن أسعار بعض المستحضرات مرتفعة جداً بينما مستوى العيش و القدرة الشرائية في هذه الدول مرتفعة بالنسبة للمغرب. وأوضح نفس المصدر أن هوامش ربح الموزعين بالجملة و الصيدليات بالمغرب محددة كيفما كان سعر الدواء بالتتابع في 10 بالمئة و 30 بالمئة، وهذا على خلاف دول أخرى مثل بلجيكا و فرنسا و ألمانيا و إسبانيا التي تتبنى نظام هوامش تناقصي حسب السعر أو هوامش جزافية. وأشار تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن كون هوامش الربح بالمغرب محددة يجعل قيمة هذه المستحضرات الدوائية تتغير بشكل كبير، مشيرا إلى أن هامش ربح الموزع بالجملة يتغير من 3,5 إلى 3.500 درهم بينما يتغير هامش ربح الصيدلي من 15 إلى 15.000 درهم. وانتقد المجلس الأعلى في تقريره عدم اضطلاع وزارة الصحة بدويها في مراقبة تطبيق الأسعار المصادق عليها و لا سيما عند تفتيش الصيدليات، مما يترتب عنه احتمال عدم احترام الأسعار المصادق عليها أو تسويق بعض الأدوية بأسعار لم يصادق عليها بعد. وقد حدث هذا الأمر مثال مع مستحضر تم تسويقه بسعر غير مصادق عليه، واكتشفت وزارة الصحة ذلك عن طريق الإشهار في مجلة. وقد راسلت الوزارة املؤسسة الصيدلية الصناعية المعنية إلا انها لا تتوفر على أية معطيات حول ماَل هذه القضية. انتقادات المجلس الأعلى تواصلت بالإضافة إلى ذلك، عند مراجعة الأسعار لم يتم إحداث أية مسطرة لتنظيم سحب الحصص التي تحمل السعر القديم وتعويضها بالسعر المراجع ولا تقوم الوزارة بأي تتبع للتأكد من تطبيق السعر الجديد. وقد أوصى المجلس وزارة الصحة بضرورة العمل على مراجعة النصوص التنظيمية المتعلقة بتحديد أسعار الأدوية وكذلك هوامش الربح المرتبطة بالتوزيع، وتحديد و تنظيم معايير للطعن في الأثمنة المحددة للأدوية. وطالب المجلس الوزارة كذلك بضرورة العمل على تتبع ومراقبة تطبيق الأسعار بعد نشرها أو بمناسبة مراجعتها.