كذبت الفيدرالية الوطنية لنقابات صيادلة المغرب في بلاغ لها، ما يروجه بعض مصنعي الأدوية، الذين قالت إنهم يريدون خلق نوع من البلبلة وتغليط الرأي العام حول هامش الصيادلة بخصوص تحديد ثمن الأدوية. كذبت الفيدرالية الوطنية لنقابات صيادلة المغرب في بلاغ لها، ما يروجه بعض مصنعي الأدوية، الذين قالت إنهم يريدون خلق نوع من البلبلة وتغليط الرأي العام حول هامش الصيادلة بخصوص تحديد ثمن الأدوية. كما استنكر أعضاء المجلس الفيدرالي بعد ظهر يوم الجمعة الماضي، الخرجات الإعلامية المغرضة التي يقودها المصنعون للنيل من حقوق الصيادلة الممارسين، منددين بالمؤامرة التي تحاك ضد الصيدلي، وبالأكاذيب التي تستهدف الوزارة وانفرادها بقرارات في غياب المصنعين، مذكرين الجميع بالاجتماعات الماراطونية التي قادتها الوزارة من خلال الوزير شخصيا أو من خلال الكاتب العام، التي خلصت إلى قبول بتخفيض ثمن الأدوية وصفق لها الجميع، قبل أن ينقلب البعض ويولي ظهره ى للمواطنين وتغيير الخطاب لغاية في نفس يعقوب، متقمصين دور الضحية في لقاءات مع بعض الوزراء. وأمام هذا الوضع، أعد المجتمعون ملفا تقنيا يكشف حقائق هامش ربح المصنعين لعرضها على أنظار رجال الإعلام في أقرب وقت ممكن، بعدما تعالت أصوات من داخل المجلس تشير إلى نسبة الأرباح التي تتراوح ما بين 90 و300 في المائة، مهددين بإضراب لم يشهده المغرب بعد في حالة تراجع الحكومة عن التزامها مع المهنيين، متوعدين الصناع برد مؤلم وبفصل ساخن. وفي سياق متصل، ذكر الدكتور الصيدلاني والخبير في الأدوية كريم آيت أحمد أن البلاغ يبين تضارب المصالح بين المصنعين، الذين يجنون أرباحا طائلة في غياب نظرة شمولية لحل مشكل ارتفاع أسعار الأدوية، مضيفا أن هذا المشكل ليس وليد اليوم، وإنما هو مشكل أغفلته الدولة والحكومات المتعاقبة. وأشار إلى أن مهنيي القطاع لايزالون يشتغلون بظهير 1969، والمطلوب حاليا هو وضع سياسة دوائية شمولية داخل المنظومة الصحية، وليس بمعزل عنها، تكون واضحة المعالم بفصول وعناوين واضحة أيضا. وأكد أن الوزارة الوصية، هي المسؤولة عن تحديد ثمن الأدوية، وأن هناك إرادة سياسية، لكن كيفية تدبير الملف تسير في مسار غير صحيح، بسبب غياب توافق بين كل مكونات المنظومة الدوائية والمتمثلة في المصنعين والموزعين والصيادلة، الذين يعتبرون الحلقة الأضعف في هذه السلسلة. وأبرز أن تدبير الملف يجب أن يتم في إطار شمولي يحصل بخصوصه توافق من طرف الجميع تحت إشراف وزارة الصحة التي لا يمكن لها أن تحاور كل طرف على حدة، بل يجب أن تحاور الجميع في آن واحد حتى يتسنى لها معالجة المشكل بتوافق كل المعنيين، وإلا فإن غلاء الأدوية سيبقى بدون حل، في ظل التضارب المتزايد للمصالح. وأوضح أن مشكل ارتفاع أسعار الأدوية لم يكن يطرح بشدة إلا بعد حكومة التناوب، وصدور تقرير برلماني سنة 2006 حول الأدوية ومنذئذ أصبح الموضوع يطرح بحدة، خصوصاً في ظل المقارنات مع أسعار الأدوية في الدول المجاورة، والتي تقل بكثير عما هو عليه في المغرب. وأضاف أن منظمة الصحة العالمية أشارت في عدة تقارير أصدرتها إلى ارتفاع سعر الأدوية في المغرب، ودعت إلى ضرورة إيجاد حل لذلك لأن المتضرر الوحيد والأول من هذا المشكل هو المواطن المغربي. وأكد أن الحل موجود بيد وزارة الصحة، التي هي ملزمة بتوفير ثلاثة شروط أساسية في السياسة الدوائية وهي الجودة وتوفير الأدوية وتسهيل الولوج إليها، إضافة إلى أنها ملزمة بنشر نتائج الصفقات العمومية، ليطلع المواطنون على الثمن الحقيقي للأدوية، مشيراً إلى أن كل هذا من شأنه أن يدفع المصنعين إلى تقديم تنازلات وبالتالي تخفيض ثمن الأدوية. وردا على هذه الأكاذيب، أكد الدكتور خالد الزوين، باحث مختص في السياسة والصناعة الدوائية، أن المصنعين يسعون إلى تغليط الرأي العام والسياسيين من خلال معلومات وهمية تفيد أن الصيدلي وبعد مراجعة هامش الربح سيحصل على 57 درهما عن دواء قيمته 100 درهم، مستخفين بعقول المعنيين، موضحا أن عموم المواطنين يعلمون جيدا أن هامش الربح الخام للصيدلي لا يتجاوز 30 في المائة، بمعنى أن على كل عملية بيع دواء قيمته 100 درهم يحصل هذا الأخير على مبلغ 30 درهما دون اقتطاع رسوم الضريبية والمصاريف المصاحبة ( أجرة المساعدين، الكراء والماء والكهرباء والحراسة والانخراط وهاتف.....) قبل أن يتقلص الربح إلى أقل من 10 في المائة، مشيرا، أنه وبعد تخفيض ثمن الأدوية، والرفع من هامش الربح إلى 34 في المائة بدل 30 في المائة بخصوص قائمة الأدوية التي لا تتجاوز 300 درهم، فالصيدلي لم يجن وراء ذلك أرباحا تحسن وضعه المادي بقدر ما حافظ الصيدلي على نفس الدخل، ليظل القطاع مهددا بالتراجع بسبب الفوضى والترامي والتسيب الذي يطال هذه المهنة. وتماشيا مع سياسة الوزارة لتسهيل ولوجية المواطنين للدواء والعلاج، يسجل الدكتور الزوين الموقف الإنساني والمواطن الصيدلة، الذي تحمل تداعيات القرار واكتفى بهامش ربح لا يتجاوز 300 درهم بخصوص الأدوية الباهظة الثمن التي تتراوح قيمتها ما بين 1000 و3000 درهم، كما تنازل عن حقه بخصوص الأدوية التي تتراوح قيمتها 4000 درهم وما فوق، بما في ذلك الأدوية التي تتجاوز 25000 درهم على سبيل المثال واكتفى بمبلغ جزافي حدد في 400 درهم كمصاريف التخزين والتنقل وتغطية باقي المصاريف، بدل نسبة 30 في المائة المحددة قانونا، التي لا تقل الأرباح في مثل هذه الحالات عن 2700 درهم إذا تعلق الأمر بدواء قيمته 9000 درهم، موجها انتقاده إلى المصنعين المغاربة، الذين لا يرغبون في تطوير صناعتهم وتقويتها على المستوى التنافسي الميداني والعلمي، معلقا، أنهم يوظفون كل جهد لوبياتهم لإبقاء الوضع على ما هو عليه. وأوضح خالد الزوين، أن تشبث المصنعين بموقفهم، يزيد من معاناة المواطن ويحرم العديد من المرضى من الاستشفاء والعلاج، ويعرض القطاع للمزيد من التراجع والإفلاس، مذكرا بالقانونين 1969 و1993، المتعلقين بالأدوية المستوردة، حيث ينص مضامينهما على ضرورة مراجعة ثمنهما كلما وقع ذلك في بلد المنشأ، حيث يؤكد الباحث، أن ثمن هذه الأدوية كان ينخفض في تلك البلدان، لكن المصنع المغربي المستورد لم يسبق أن قام بتطبيق القانون، مطالبا باسترجاع الأموال المغتصبة المتعلقة بالصفقات الدوائية والتي تدفع من المال العمومي لفائدة هذه الفئة من المصنعين، دون أن يستثني انتقاداته الشركات المصنعة للأدوية المتعددة الجنسية، موضحا، أنه يشترط القانون أن تقوم هذه الأخيرة بصناعة الأدوية، بدل أن معظمها عبارة عن مكاتب للتسويق. وقد أكد الزوين في تصريح للجريدة أن معظم المغاربة يدركون عقلية مصنعي الأدوية، واستراتيجيتها «الربحية» في المنطلق والمنتهى، مستوعبين حقيقة واقع الصيادلة الذين بات معظمهم قاب قوسين أو أدنى من الإفلاس والإغلاق، بسبب إغراق الأسواق بالأدوية المهربة المنتهية الصلاحية أو المزيفة القادمة من الصين، أيضا ظاهرة «البارا فارماسي» للإشارة، كلمة بارا تعني المخالف، المعارض، الصادم، وهذه مفارقة ، فضلا عن معاناة المجتمع المغربي ومأساة المرضى وذويهم مع «شراسة أنياب ثمن الدواء» التي تمزق جيوبهم الممزقة، وبالتالي فإن المستفيد الأول من الدواء ليس الصيادلة الذين يعتقد المواطنون أنهم أثرياء، وليس المرضى الذين صنع الدواء من أجلهم، بل المصنعون، الذين راكموا ولا يزالون أموالا طائلة، وهم مقتنعون بكل ما ورد في مشروع مراجعة ثمن الدواء، ولهم موقف فقط من %4 التي سيعطونها للصيدلاني، موضحا، أن المصنعين لا يرغبون في إعطاء الحق لكل الصيادلة بل يختارون من يعتبرونهم نقط رواج استراتيجية ذاتية (رأسمال التعامل هو المحدد للصيدلي المتنافس عليه في الإشهار والتسويق)، حيث هناك مجموعة من الصيادلة يستفيدون من تخفيضات تصل إلى 85 في المائة فوق هامش الربح العادي، وهناك من المصنعين من يقدم 120 عبوة بالمجان مقابل 100 مشترية، إذ أن جزءا كبيرا من هذه الصفقات لا يصرح بها ( 30% من رقم المبيعات السنوية لجل المصنعين)، يقول الدكتور خالد الزوين، مشيرا الى أنهم لا يعترضون على المشروع في مجمله، بل فقط على ما يتعلق بالتعويضات للصيدلاني المقترحة في الأدوية ذات الثمن الصغير، معلقا أنه لا يوجد في كل العالم من يربح في هذه الأدوية ذات الثمن الصغير نسبا تتراوح ما بين %2000 و %8000 على المادة الأولية والأدلة الميدانية موجودة، متهما هذه الفئة بالاغتناء الفاحش دون حسيب ولا رقيب، مخاطبا ضمير المصنعين، قائلا، «ما أحوجنا إلى المبادرات المواطنة فالتاريخ لا يرحم، وأملي وأمل المواطنين رهين بخطوة تمكن الصانع والصيدلي معا لخدمة الإنسانية». وعودة إلى باقي نقط المتضمنة في جدول أعمال المجلس الفيدرالي والتي عرفت نقاشا واسعا، تدارس أعضاء المجلس وضعية المجالس الجهوية ووقفوا عند الكثير من الاختلالات التي تعثر مصالح المهنيين، مطالبين بالتدخل العاجل لتصحيح الوضع.