على بعد يومين فقط من انطلاقه، كشفت المندوبية السامية للتخطيط، باعتبارها الجهة الساهرة على سير تنظيم هذه العملية الوطنية الكبرى، عن تفاصيل الميزانية المخصصة لإنجاز "الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024". المندوبية أعلنت أن "ميزانية الإحصاء العام قُدّرت بمبلغ إجمالي 1,46 مليار درهم"، موزعا بين تعويضات المشاركين (الشق الأكبر) و"الوسائل المادية واللوجستية"، فضلا عن "الوسائل التكنولوجية" التي تمثلت أساساً في 55 ألف لوحة إلكترونية حديثة ومطوَّرة خصيصاً بتطبيقات الإحصاء، وُزعت على المشاركين من باحثين ومشرفين ومراقبين. في التفاصيل التي قُدّمت في نهاية الندوة الصحافية المخصصة للإعلان الرسمي عن انطلاق "إحصاء 2024′′، المنعقدة مساء الخميس 29 غشت، فقد شكلت تعويضات المشاركين لوحدها نسبة 67 في المائة من ميزانية الإحصاء (بمبلغ يناهز حوالي 960 مليون درهم). أما الوسائل المادية واللوجيستيكية اللازمة لإعداد وإنجاز الإحصاء (بما فيها وسائل النقل...)، فمثلت ميزانيتها نسبة 20% من الميزانية الإجمالية سالفة الذكر، متبوعة بالوسائل التكنولوجية التي كلفت 13 في المائة، وفق المصدر ذاته. في الصدد ذاته، أكد المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي علمي، متفاعلا مع أسئلة الإعلاميين، أنه بعد انقضاء الفترة الممتدة من 1 إلى 30 شتنبر 2024 المخصصة لإجراء الإحصاء العام السابع للسكان والسكنى بمختلف الجهات والأقاليم، سيتم إرجاع اللوحات الإلكترونية لفائدة وزارة التربية الوطنية قصد استخدامها في عمليات التعليم والتعلّم، كاشفاً أنها ساهمت في اقتناء "طابْليطات الإحصاء" بما نسبته 40 في المائة. كما أعلن المسؤول ذاته حين حديثه في شق الوسائل التكنولوجية أن المندوبية حرصت على توفير "لوحات إلكترونية متقدّمة وحديثة من الجيل الأخير"، صنّعتْها شركة عالمية رائدة في الإلكترونيات والاتصالات، نافياً "كل ما راج بشكل مغلوط عن الصفقات والاستشارات التي فُتحت في هذا الصدد". "توطين جغرافي شامل" حسب مندوب التخطيط، فإن المرور إلى جمع المعطيات سبقته "الأشغال الخرائطية، التي يتأسس عليها تنظيم وإنجاز الإحصاء العام للسكان والسكنى"، مذكّرا بما أسفرت عنه من "تقسيم مجموع التراب الوطني إلى 37109 مناطق إحصاء، لضمان إحصاء جميع الأسر والمساكن بالمدن والقرى دون تكرار أو نسيان". كما مكنت العملية الخرائطية، حسب إفادات الحليمي، من "التوطين الجغرافي لأزيد من 4 ملايين بناية بالوسط الحضري، وحوالي 34 ألف دوار بالوسط القروي". وقامت المؤسسة الإحصائية الوطنية ب"التوطين الخرائطي لجميع المنشآت الاقتصادية"، بما ساهم في إنشاء خريطة ذات مرجعية جغرافية للمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (المساجد والمراكز الثقافية) والتجهيزات الجماعية (كالإدارات العمومية والمدارس والمستشفيات) والمؤسسات الجمعوية (كالجمعيات والنقابات)، وكذلك الأسواق الأسبوعية. خرائط تفاعلية بمؤشرات مفصّلة "ستتيح نتائج هذه العملية، بعد نشرها، لجميع المستعملين إنتاج خرائط ديناميكية وتفاعلية، عبر منصة تم إعدادها لهذا الغرض، تُظهر توزيع الأنشطة الاقتصادية بالإضافة إلى معلومات مفصلة حول هيكل وخصائص القطاعات الاقتصادية والاجتماعية كالخريطة المدرسية والخريطة الصحية، وذلك على مختلف المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية، وعلى مستوى أي منطقة جغرافية يحددها المستعمل، في إطار ما تسمح به القوانين المنظمة لسرية المعلومة الإحصائية"، يورد الحليمي في كلمته. وفي مؤشر دال، لفت المندوب السامي للتخطيط إلى أن "هذه العملية مكّنت من التوطين الجغرافي لأزيد من مليون و300 ألف مؤسسة اقتصادية نشطة، غالبيتها (أكثر من 85%) هادفة للربح"، إلى جانب "أزيد من ألف سوق أسبوعي نشط". الإعلام يحفز المشاركة الفعالة للمواطن لم تخل فعاليات الندوة من رسالة وضعها المندوب السامي للتخطيط في "بريد" الصحافة الوطنية، معتبرا أن "دور الصحافة هامّ وحاسم في تنوير المواطنين وتحفيزهم على المشاركة الفعالة في الإحصاء". وقال بهذا الشأن إن "الإحصاء العام للسكان والسكنى ليس يَمينياً ولا يساريا ولا مِلْكا للحكومة أو المعارضة، فهو عملية سيادية بريئة ليس لها أي هدف جبائي أو زجري، ولكن عملية تشاركية تعطينا صورة حقيقية عن السكان من السكان، يبنى عليها تخطيط السياسات العمومية والآفاق التنموية". ولم يفوّت الحليمي المناسبة دون الإشادة ب"الدور الذي تلعبه الصحافة الوطنية المسؤولة بجميع أصنافها لمواكبتها للعملية الوطنية الكبرى، والتي نُعلّق عليها آمالا عريضة في أن يكون لها الدور الكبير في تنوير سكان المملكة بالمعطيات الصحيحة المرتبطة بمختلف مراحل إنجاز الإحصاء وتحفيزهم على المشاركة الفعالة في هذه العملية". في المقابل، توجه لحليمي بنوع من "اللوم والعتاب لبعض المنابر الإعلامية التي لا تتحرى أهلية وكفاءة مصادرها ودقة الأخبار التي تنشرها بخصوص كل ما يتعلق بالإحصاء"، حسب تعبيره، وقال: "كما تعلمون، فالمندوبية السامية للتخطيط كانت ومازالت في تواصل مستمر مع الصحافة والمواطنين، كما دأبت على نشر جميع المعطيات المرتبطة بكافة مراحل إنجاز الإحصاء على موقعها الرسمي وتخصيص موقع خاص بالإحصاء دون إغفال تفاعلها الإيجابي مع تساؤلات المواطنين على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي". وب"رسالة خاصة إلى جميع المواطنين"، ختم لحليمي حديثه قائلا: "أنا على يقين تامّ أن مشاركتهم في عملية الإحصاء عبر حسن استقبال الباحثين وتقديم أجوبة صحيحة ودقيقة عن كل الأسئلة المطروحة، نابعة من حسّكم العفوي لتلبية نداء الواجب الوطني لإنجاح هذه العملية ذات النفع العام".