لا تخلو أسرة مغربية مهما بلغ مستواها الفكري والثقافي من سيطرة هاجس العذرية لبنت من بناتها على تفكيرهم، ليلة الزفاف تصبح العذرية بمثابة “حسن سيرة ” للعروس، ترفع به شأن أسرتها كدلالة على شرف العائلة وطهرها وحصن حصين لمسارها الأخلاقي. "" الحفاظ على العذرية صار موروثا ثقافيا اجتماعيا ،يوجب الحفاظ عليها من منطلق شعبي يكرس مبدأ “أنا عذراء إذن أنا موجودة”إذا ما ضيعت هذا الكنز من وجهة نظر العائلة المتماشية مع أعراف وتقاليد المجتمع تكون قد داست على كرامتها ومرغتها في الوحل ،وحل الفضيحة، وصارت وصمة عار بجبين الأسرة مهما توالت السنين. ومن منطلق حب الفضول وبما أنني مغربية:”التبركيك فدمنا” حاولت استقصاء ارتسامات بعض بنات حومتي وجيراننا وصديقاتي علي أجد جوابا شافيا وكافيا على سؤالي:هل لازالت العذرية هاجسا للأسر المغربية في الألفية الثالثة أم أن الأمر لايعدو أن يكون من عبق الماضي وثقافة بالية أكل عليها الدهر وشرب . شيماء ذات 20 ربيعا ،مخطوبة لابن عمها بايطاليا، تحضر لحفل الزفاف هذا الصيف ،بعدما تمنيت لها زفاف سعيدا ودعوت لها بالرفاه والبنين ،لمست من كلامها أنها متخوفة من هذه المسألة بحكم أن والداها حريصين على أن لا تجلب لهم العار وأن تكون فخرا لهم ،فجاء في معرض حديثها معي :(عرفتي أختي الله يحفظ وصافي إلى مكنتش ديك الليلة عذراء ، بابا يذبحني من الوريد للوريد) بدأت شيماء ترتعش (متفكرينيش أختي الله يدير لي فيها الخير وصافي). نفس الإجابة لمستها من فاطمة بنت الجيران ،31 سنة حاصلة على دبلوم الدراسات العليا المعمقة في الأدب الانجليزي وعلى الرغم من سموها الفكري والثقافي،إلا أنها هي كذلك مرعوبة من هذه الليلة، وأرجعت هذا التخوف إلى طغيان العرف على حياتنا ،فصار بذلك دستورا مقننا لكل الأسر المغربية لا محيد عنه. بين شيماء وفاطمة وسلوى ونسرين، تبقى العذرية ثقافة سائدة بمجتمعنا المغربي، ما يحز في نفسي كيف يكون مقياس الشرف علامة في جسد الأنثى؟ممكن أن تولد هذه الفتاة عذراء أو لا؟ وهذه حقيقة طبية يغفل عنها الكثيرين ،وهاكم إحصائية تتبث صحة كلامي ما يقارب ٪40 من البنات يولدون بدون غشاء بكارة،كيف لبنت بريئة أن تتبث أنها شريفة وعفيفة في مجتمع يتخذ العذرية مقياس شرفها وعفتها ويغض الطرف عن مقاييس أخلاقية وإنسانية أكثر واقعية وأقرب للإنسانية؟؟ بكل أسف لما أصبحت العذرية معيارا عند الرجل وأسرة الفتاة أصبح التمويه والتدليس مسيطرا على عقول الفتيات لكي ترضي غرور الرجل وعنجهيته فصرن يلتجئن إلى أساليب ما أتى الله بها من سلطان ، فمنهن من يلتجئن للجراحة لعمل ما يصطلح عليه طبيا بالترقيع، لإيهام الزوج أنها عذراء،كيف يرضى على نفسه أن يعيش حقيقة مزيفة ومع امرأة غير واضحة ،كيف له أن يرضخ لعبودية الأعراف البالية ويصدقها ويغفل الجانب العلمي والحقائق الطبية ؟؟ومتى كان ديننا الحنيف معارضا للطب ؟أيهما أهون عليك أيها الرجل العربي أن ترضخ لعرف ساخر أم تصدق حقيقة طبية؟ أنا هنا لست في معرض اتهام أحد أو الدفاع عن أحد ؟ أنا لا أبرئ المرأة التي تتخذ من الإباحية الجنسية مشوار حياتها بدعوى الانفتاح أو تكريس حق الممارسة الجنسية كما تطالب بعض المنظمات النسائية، لأنها هي التي تضع نفسها في قفص الاتهام وتطلق العنان لمجتمعها يحكم عليها بما شاء وكيف شاء؟ بنفس الوقت أطالب الرجل المغربي أن لا يرضخ لثقافة العرف ويصدقها ،ويضح الحقيقة الطبية والعلمية نصب عينه متى أراد أن يحكم على تلك الفتاة التي أراد الارتباط بها بالفتاة العفيفة أو الغير الشريفة من وجهة نظره،نحن مطالبين اليوم بتغيير عقلياتنا وتحررها من كل عرف بالي وتقاليد تكرس الهجران ،وأن يتغير مقياس الشرف عندنا إلى أبعد من العذرية و يركز اهتماماته على معايير أخلاقية و إنسانية.