عاد جدل هجرة القصر غير المصحوبين إلى مدينة سبتةالمحتلة، تزامنا مع خوض حوالي 200 شاب مغربي وجزائري، بينهم قصر، محاولة جماعية للوصول سباحة إلى الثغر المحتل فجر أمس الخميس، وتمكن بعضهم من تجاوز حاجز الأمواج ودخول المدينة، وفق ما أفادت به صحيفة "إلفارو دي سيتا". وقدرت صحيفة "إلبريوديكو" من جهتها عدد القصر الذين شاركوا في هذه المحاولة بحوالي عشرين قاصرا، ليرتفع عدد القصر الذين تستقبلهم سبتةالمحتلة إلى 434 قاصرا غير مصحوبين بذويهم، في حين يحذر عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي من تناسل "الفيديوهات" التي تحرض هذه الفئة على الهجرة "سباحة" إلى الثغر المحتل، مصورة "هذه المغامرة على أنها سهلة وفي متناول القاصرين". ويؤكد خبراء في الهجرة، تحدثت إليهم هسبريس، أن نشر هذه الفيديوهات "التي تتغذى على وضعية الهشاشة التي تعيشها أسر هؤلاء الأطفال، وتتجاهل العشرات من حالات الغرق والاختفاء جراء السباحة إلى الثغر المحتل، يبقى فعلا مخالفا للقانون يستوجب تكثيف المراقبة الأمنية". تتغذى على الهشاشة قال خالد مونة، خبير في الهجرة، إن "هذه الفيديوهات التي تريد زرع فكرة سهولة العبور إلى الثغر المحتل في المخيال الاجتماعي لدى هؤلاء القاصرين، تتغذى على العامل الرئيسي الذي يدفعهم إلى التفكير في الهجرة، وهو وضعية الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها أسرهم"، مسجلا أن "أصحاب هذه المضامين يشتغلون بطريقة انتقائية تسلط الضوء على المحاولات الناجحة للسباحة إلى سبتة، وتتجاهل العشرات من حالات الغرق والاختفاء". وأضاف مونا، في تصريح لهسبريس، أن "الإقبال على هذه المضامين ينطلق أيضا من كونها تشجع على طريقة مجانية و[سهلة] للهجرة، ورغم أنها تكون صادرة عن أفراد لا ينتمون إلى شبكات التهريب أو لديهم نوازع استغلال هؤلاء لأطفال، إلا أنها تبقى فعلا منافيا للقانون؛ لأن الحديث عن سهولة العبور إلى الثغر المغربي المحتل يعد بمثابة تغرير بهؤلاء القاصرين"، مؤكدا بدوره أن "الرهان المطروح على الدولة هنا هو مدى توفيقها بين ضمان الحق في التعبير من جهة، وحماية حقوق فئة القاصرين من جهة ثانية". وشدد الخبير في مجال الهجرة على ضرورة "محاصرة ناشري المضامين الصريحة المشجعة والمسهلة على الهجرة على شبكات التواصل الاجتماعي، للقطع مع بيع الخطر والوهم لهؤلاء القصر"، مسجلا أنه "من جهة أخرى، هناك رسائل ضمنية تسوّق لرفاهية يعيشها المهاجرون في سبتة وأوروبا عموما، وهو ما يفرض مضاعفة التوعية داخل الأسر والمدارس انطلاقا من الأسلاك الابتدائية في إطار تعبئة حقيقية تتجاوز فصل الصيف". تشديد المراقبة شكيب الخياري، ناشط حقوقي مختص في قضايا الهجرة، أكد بداية أن "تشديد المراقبة الأمنية على المحتويات المتعلقة بالهجرة غير النظامية، خاصة تلك التي يتم بثها لتحريض القصر على الهجرة غير النظامية والترويج لسهولة العبور سباحة صوب سبتة، يمكن أن تكون جزءا مهما من استراتيجية شاملة لمكافحة ظاهرة هجرة القاصرين نحو الثغر المحتل". وعن عدم قانونية نشر هذه المحتويات، أوضح الخياري، في تصريح لهسبريس، أن "الهجرة غير النظامية مجرمة بموجب القانون رقم 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية والهجرة غير الشرعية، الذي يعاقب بالحبس من شهر إلى 6 أشهر وغرامة من 3000 إلى 10000 درهم من قام بمغادرة التراب المغربي بصفة سرية"، لافتا إلى أن "التحريض على هذا الفعل يعتبر وفق القانون الجنائي مشاركة في ارتكاب الجريمة، ويعاقب عليه بنفس عقوبة الجريمة المحرَّض على ارتكابها". وأشار الخياري من جهة أخرى إلى أن "تنفيذ المراقبة على المحتويات المتعلقة بالهجرة غير النظامية يجب أن يتم بحذر لضمان عدم انتهاك حقوق الإنسان الأساسية، وفي مقدمتها حرية التعبير، لأنه في سياق إنفاذ القانون دائما ما يكون هناك تحد في تحقيق توازن بين حماية الحدود والسيادة الوطنية من جهة، وضمان حقوق الأفراد وحرياتهم من جهة أخرى".