" أوصت منظمة الصحة العالمية خيرا ب"روطافروس" و لكن فقط بالنسبة للدول التي يفوق فيها عدد وفيات الأطفال (أقل من خمس سنوات) 10 بالمائة، و لكن المغرب اقتنى اللقاح رغم كون وفيات الصغار في المغرب (أقل من خمس سنوات) لا تزيد على 959 حالة... ففرنسا، مثلا، التي يحترم وزراؤها مال الفرنسيين لم تعتمد هذا اللقاح في برنامجها الوطني. فلماذا استعجل إذا المغرب و اعتمد لقاح " روطافروس" ...؟ و أما الفضيحة فهي أن المغرب اعتاد اللجوء إلى اليونيسيف من أجل الحصول على أسعار منخفضة نسبيا، فلما لم يلجأ إلى اليونيسيف قبل اقتناء لقاح "روطافيروس" و كذلك لقاح "بنوموكوك"...؟ و لا داعي للتذكير بأن في هذه القضية تم القفز على عدة مراحل منصوص عليها في المسطرة القانونية الضرورية لإبرام هذا النوع من الصفقات، حيث لم تعرض الصفقة على "اللجنة الوطنية التقنية و العلمية للقاحات"، و لم يتم استشارة مديرية السكان في وزارة الصحة و هي استشارة ضرورية. بعد هذا الاستهتار الجلي بالقانون و كل الأعراف الإدارية المعقولة، أمضى الكاتب العام للوزارة السيد رحال مكاوي يوم 13.07.2010 -حسب بعض المصادر المكتوبة- على طلب عرض 25/2010 و عرض 26/2010. و تم تخصيص 550 مليون درهم من أجل اقتناء اللقاحين. و لأن وزارة الصحة لم تكن تتوفر على هذا المبلغ فلقد تم تحويل 300 مليون درهم من الغلاف المالي المخصص لتمويل نظام المساعدة الطبية (راميد) و هو غلاف لا يتجاوز 640 مليون درهم...و هذا يعني أن من أجل شراء لقاحين، غير ضروريين بتاتا، تم حرمان عدد مهول من الفقراء من المساعدة الصحية الفعلية، و ربما هذا ما يفسر تشكي العديد من الفقراء المتوفرين على بطاقة "راميد" الذين كان يسمح لهم بولوج المستشفيات العمومية و لكن دون أن تقدم لهم المساعدات الطبية الضرورية. ففي سنة 2011 تم تحويل مالي عجيب جعل المال المخصص لشراء المواد الصيدلية و الطبية يذهب إلى شراء اللقاحات و هو مبلغ يناهز 350 مليون درهم. و لا داعي للحديث على كون نفس الشركة التي وفرت اللقاح كلفت بالمساعدة التقنية في تخزينه (-و أما قضية التخزين و إتلاف الأدوية بصفة عامة أو اللقاحات المتجاوزة الصلاحية فتلك ربما قضية أو قصة أخرى...-) مقابل 30 مليون درهم (-و هذا مبلغ تم تقديره من طرف نفس الشركة الموفرة للقاح-)، بالموازاة مع شركة أخرى كلفت بنفس المهام أي تقديم المساعدة التقنية من أجل التخزين... عجيب. و معلوم أن -حسب بعض المصادر المكتوبة- ملف طلب العروض لا يتطرق إلى المساعدة التقنية لا من قريب و لا من بعيد الشيء الذي مكّن السيد الكاتب العام لوزارة الصحة "رحال مكاوي" من إعطاء أوامره الشفوية المطاعة من أجل إضافة ما يتعلق بالمساعدة التقنية في ما بعد... كما تمت تعديلات أخرى كاعتماد معيار الكمية التي يحتاجها كل شخص من اللقاح لتحديد السعر، بدل تحديد سعر اللقاح باعتماد الحقنة الواحدة كوحدة كما كان منصوص عليه في طلب العروض في أول الأمر، مما جعل المغرب يضيع منه مبلغ حوالي 85 مليون درهم ظلما و عدوانا، زيادة على كون شراء اللقاح أصلا لم يكن ضروريا أو يقتضي كل هذا الاستعجال المشبوه. هما إذا شركتين في القضية : شركة "مافار" التي وفرت لقاح "بنوموكوك أو بنوموك أو بنوموتيك أو بنوموكاوكاو" -لا يهم-، و شركة "غلاكسو سميت كلاين أو كلاي" -لا يهم- فازتا بالأموال المهولة المتدفقة من جيوب المغرب و المغاربة من أجل توفير لقاحات تشهد منظمة الصحة العالمية أنها لا تناسب طبيعة البكتريات المسؤولة عن الأمراض في المغرب. و أما اللجنة التي تم تعيينها لدراسة العروض فلقد ضمت صيدليين و إداري و طبيبان أحدهما تحت سلطة السيد الكاتب العام لوزارة الصحة، كما أن أعضاء اللجنة لم يوقعوا على أي محضر و مع ذلك تم صرف المبالغ المالية المخصصة للصفقتين و في غياب أي دليل أو وثيقة تبث قيام الشركتين بالمساعدة التقنية المتفق عليها مقابل 30 مليون درهم لكل مساعدة. تقنية. عجيب. وأما شبه السؤال الجوهري فهو الذي جاء على لسان جريدة أخبار اليوم حول علاقة كل هذه "التلاعبات الكبيرة، و الإختلالات المسطرية العديدة، و هذه الصفقات المشبوهة و المتسمة بالاختلال الفاضح..." بشراء "شقتي باريس"، و معلوم أن هذه قضية تتعلق بالوزيرة السابقة المنتمية لحزب الاستقلال ياسمينة بادو التي يدافع عنها حزبها الذي يتزعمه السيد حميد شباط، المنسحب حزبه من حكومة عبد الإله بنكيران، و عبد الإله بنكيران هو زعيم حزب العدالة و التنمية الذي وعد ناخبيه بمحاربة الفساد. ومعلوم أيضا أن السيدة ياسمينة بادو كانت رئيسة السيد رحال مكاوي أحد أبطال رواية جادة و حقيقية تحت عنوان: "صفقة لقاحات ياسمينة بادو 'غير قانونية' "، صدرت في جريدة أخبار اليوم في الصفحة الثانية للعدد 1299 ليوم الخميس 20.02.2014 المبارك إن شاء الله. ومائة تحية لقضاة المجلس الأعلى للحسابات الذين أنجزوا، أخيرا، تقريرا رسميا موثقا في هذا الموضوع، و هو تقرير "قطع الشك باليقين" -حسب جريدة أخبار اليوم- في هذه القضية الشائكة الواضحة التي لا يلزمها سوى قضاء جالس عادل يعمق البحث و التقصي بسرعة و كفاءة و نزاهة، قضاء لا يحابي أحدا و لا ينحاز لأية جهة و لا لأي طرف، قضاء ليس له هاتف و لا علاقات خارجية و لا داخلية، قضاء نزيه يحمي الشعب من النهب و السلب و الاستهتار بحقوقه المادية و المعنوية، قضاء يحكم بالعدل في سبيل الله الواحد الأحد". و الحمد لله رب العالمين.