اختارت إطارات مدنية وجمعوية تشتغل في مجال اللغة والثقافة الأمازيغيتيْن تنبيه البنك المركزي المغربي إلى أن الاستمرار في إصدار أوراق نقدية بدون اللغة الأمازيغية المتمتعة بوضع اللغة الرسمية منذ أزيد من 13 سنة، "لا يواكب ما تم تحقيقه في هذا المجال منذ صدور دستور 2011 ولا يتماشى ومضامين القانون التنظيمي 26.16 المتعلق بمراحل تفعيل الطابع الرسمي للغة ذاتها". الإطارات التي علّقت على إصدار بنك المغرب ورقة نقدية من فئة 20 درهما، تزامنا مع الاحتفاء بعيد الشباب، خالية من اللغة الأمازيغية، تمسكت ب"ضرورة طيّ هذا الملف عبر تسريع اعتماد اللغة الرسمية سواء على مستوى الأوراق النقدية أو البطائق الوطنية، والقطع مع التعامل باستخفاف مع الموضوع لبعده الديمقراطي والثقافي والدستوري"، في وقت وضح فيه البنك المركزي المغربي بأن هذا الملف يرتبط ب"مشروع محكم وطويل الأمد يتطلب تسخير قدر كبير من الموارد"، مؤكدا "الالتزام بالدورية الحكومية عبر اعتماد الأمازيغية على مستوى القطع النقدية التذكارية كنقطة بداية". وتنص المادة 22 من القانون التنظيمي رقم 26.16، المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، على أنه "تُكتبُ باللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية البياناتُ المضمنة في القطع والأوراق النقدية والطوابع البريدية وأختام الإدارات العمومية". "ليست ترفا" من موقعه منسقا لهيئة شباب تامسنا الأمازيغي، اعتبر عادل تنلوست أداسكو أن "عدم إدراج الأمازيغية على مستوى الأوراق النقدية للبلاد، لا يمكن تصنيفه إلا بأنه خرق لدستور وقوانين البلاد وعدم اعترافٍ بمضامينها تجاه اللغة الرسمية بالمملكة؛ فنحن نسجل في هذا الصدد نوعا من المزاجية في التعامل مع هذا الملف الذي حسم فيه القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية". وسجل أداسكو وجود ما اعتبره "مفارقة" في تعامل بنك المغرب مع الأمازيغية، إذ "أصدر البنك نفسه سابقا قطعة نقدية غير قابلة للتداول ضمّنها وقتها اللغةَ الأمازيغية، في حين عند إصداره قطعة نقدية من فئة عشرين درهما موجهة للتداول اليومي ضيّعَ الفرصة واختار تجاهل اللغة الرسمية نفسها وهي في نهاية المطاف ليست ترفا أو زايْدْ ناقْصْ"، موضحا أن "كل هذه التجاوزات بخصوص الأمازيغية تطرأ على الرغم من تأكيد الملك محمد السادس على أساسية المكون الأمازيغي ضمن الهوية المغربية"، خاتما تصريحه بأن "خيار التقاضي يبقى مطروحا ضد أي طرف أو مؤسسة لا تعمل على التنزيل السليم لدستور وقوانين البلاد". "ما موقع الدستور؟" على النحو ذاته سار تدخُّلُ الناشط الأمازيغي رشيد آيت مبارك، الذي اعتبر أن "استمرار بنك المغرب في عدم الاعتماد على الأمازيغية على مستوى الأوراق النقدية التي يتم إصدارها، يطرح عددا من التساؤلات التي ترتبط بما إن كان بنك المغرب يعمل بنص الدستور أم لا، ما دام أن هذه الوثيقة الدستورية الوطنية أقرت منذ أزيد من 13 سنة برسمية اللغة الأمازيغية بالمملكة". "فعن أي ترسيم نتحدث إذن؟"، يتساءل آيت مبارك ضمن تصريح لهسبريس، قبل أن يشير إلى "أننا في نهاية المطاف نبقى أمام مفارقات يقبل عليها مدبرو الشأن العام باستمرار وتجعلنا في شك من نواياهم تجاه مكونٍ هوياتي يُعتبر رئيسيا وأساسيا كما أكد على ذلك الملك محمد السادس في أحد خطاباته"، متابعا: "هذا الموضوع نحاول كمتابعين إثارته مع كل إصدار لأوراق نقدية جديدة لا تتضمن لغة رسمية بحكم الدستور الذي يبقى أسمى قانون بالبلاد". المتحدث ذاته المهتم بالموضوع بيّن ضرورة وجود "مسايرة مؤسساتية فعلية لكل ما تم تحقيقه في ورش الأمازيغية خلال السنوات الأخيرة. مع الأسف، ما تزال هناك عقليات تمارس ايديولوجيتها وتعمل على محاربة الأمازيغية من داخل المؤسسات؛ فقد قمنا خلال السنوات الماضية بحملات للتأكيد على ضرورة وجود اللغة الأمازيغية الرسمية في جميع الأوراق الرسمية التي تمثل بلدا بحجم المغرب، سواء على مستوى البطاقة الوطنية أو الأوراق النقدية، ووصل صداها إلى ليبيا والدول المجاورة كذلك". موارد وبرنامج زمني تواصلت هسبريس مع مصدر خاص من داخل بنك المغرب الذي اعتبر أن "إنجاز الإصدارات الجديدة للأوراق البنكية والقطع النقدية، مشروع طويل الأمد يتطلب تعبئة قدر كبير من الموارد وفق برنامج محكم؛ فعلى هذا النحو تم إطلاق مشروع السلسلة الجديدة للأوراق البنكية والقطع النقدية قبل اعتماد الدورية الحكومية التي تنص على إدراج اللغة الأمازيغية". المصدر ذاته أورد أنه "نظرا لصعوبة مشروع السلسلة الجديدة وتداخل مختلف مراحله، كان من غير الممكن إدراج اللغة الأمازيغية أثناء هذا المشروع بالنظر إلى ضرورة احترام الآجال المحددة لإتمامه"، قبل أن يعود للتأكيد على أن "بنك المغرب ملتزم بتسخير كافة الإمكانيات اللازمة حتى يتمكن من تطبيق مقتضيات الدورية سالف الذكر في الأجل المحدد لذلك، وهو شهر شتنبر 2029′′، لافتا إلى أن البنك "شرع هذه السنة في إدراج اللغة الأمازيغية في الإصدارات النقدية، وذلك على مستوى الميداليات والقطع النقدية التذكارية".