انطلقت الحملات الدعائية للانتخابات الرئاسية الجزائرية المُقررة في السابع من الشهر القادم، التي "يتنافس" خلالها ثلاثة مترشحين، أبرزهم الرئيس المنتهية ولايته عبد المجيد تبون، الذي دشن حملته أمس الخميس بظهور تلفزيوني استعرض خلاله ما أسماه الإنجازات التي حققتها الدولة إبان عهدته، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، دون أن يفوته أن يقحم قضية الصحراء والمغرب في خطابه الانتخابي. وسجل تبون، المرشح الأوفر حظا في هذه الانتخابات بالنظر إلى ضعف منافسيه وإجماع المؤسسة العسكرية على التمديد له، أن الجزائر تصدت في ولايته لمخططات ومحاولات تفجير البلاد من الداخل، "كما استرجعت الدولة الجزائرية هيبتها لتصبح معها ذات كلمة مسموعة ومدافعة أولى عن حقوق المستضعفين والمقهورين في العالم، وعلى رأسهم الشعب الفلسطيني ونظيره الصحراوي"، بتعبيره. في سياق مماثل، أوضح الرئيس الجزائري المنتهية ولايته أن عهدته الأولى لم تكن سهلة، إذ تميزت بمجموعة من الأحداث، أبرزها تفشي فيروس كورونا الذي "استغلته بعض النفوس المريضة التي كانت تحاول تخريب البلاد بطريقة غير مباشرة"، على حد قوله، مشيرا أيضا إلى "إشعال آلاف الحرائق في الجزائر في سنة 2021، التي كانت بفعل فاعل، إذ تقرر شهرين قبل ذلك في دولة من الدول المعروفة بعدائها لنا أن الجزائر ستحترق في صيف ذلك العام، وبالفعل احترقت"، في إشارة إلى المغرب الذي سبق أن اتهمته السلطات الجزائرية بذلك. تصريحات تبون جاءت مباشرة بعد بث وسائل الإعلام الجزائرية وثائقيا تحت عنوان "حركة ماك الإرهابية.. أيادي الغدر والعمالة"، تم تضمينه ادعاءات شخص يُدعى "موسى زايدي" بوجود تواطؤ من جهات أجنبية لإدخال أسلحة إلى الجزائر، مشيرا أيضا إلى تلقي حركة استقلال القبائل لدعم كبير من المغرب وفرنسا والإمارات وإسرائيل. في هذا الإطار، قال شوقي بن زهرة، ناشط سياسي جزائري معارض، إن "ادعاء المرشح عبد المجيد تبون أن الدولة الجزائرية استرجعت هيبتها في عهدته، هو هذيان سياسي، خاصة في السياق الحالي الذي تشهد فيه علاقات الجزائر مع مجموعة من الدول تدهورا كبيرا، دون أن ننسى رفع دخولها إلى منظمة البريكس حيث أعلن الروس وهم أقرب حلفاء النظام الجزائري أن معيار الدخول إلى هذه المنظمة هو وزن الدولة وهيبتها على المستوى الدولي. وعليه، فعن أي هيبة يتحدث تبون؟". وأضاف بن زهرة، ضمن تصريح لهسبريس، أن "الجزائر إنما فقدت هيبتها وتضررت صورتها بشكل كبير في الولاية الأولى للرئيس المُعين عبد المجيد تبون، وكانت حصيلة هذه العهدة هي تراكم الأزمات الخارجية والمشاكل مع عدة دول إقليمية، منها المغرب وفرنسا والإمارات والنيجر وليبيا ومالي"، مبرزا أن "النظام خسر في العديد من القضايا نتيجة الهوس التقليدي بالمغرب وقضية الصحراء ورهن مصالح الشعب الجزائري كلها بهذه القضية". وبين الناشط الجزائري المعارض أن "النظام يتلقى الصفعة تلو الأخرى في قضية الصحراء، آخرها تأييد باريس لمخطط الحكم الذاتي غير آبهة بطبيعة رد الفعل الجزائري، ثم الخطوة التشادية الأخيرة بفتح قنصلية لها في الأقاليم الجنوبية للمغرب رغم المحاولات الجزائرية الأخيرة لدفع الرئيس التشادي إدريس ديبي إلى تطبيع علاقة بلاده مع البوليساريو"، مشددا في هذا الصدد على أن "قضية الصحراء أصبحت شبه محسومة لصالح المغرب". وسجل المتحدث لهسبريس أن "تلميح تبون إلى مسؤولية المغرب عن الحرائق التي تشهدها الجزائر وترويجه لمسرحيات مفضوحة في هذا الإطار، ثم اتهامه بتزويد حركة الماك بالأسلحة لضرب استقرار البلاد، هو استمرار لمسلسل العداء المرضي تجاه المملكة التي يعلق عليها النظام كل فشله"، موردا أن "هذا المسلسل اتخذ في السنوات الأخيرة أبعادا أخرى إثر عجز النظام عن تقديم حلول تنموية للوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم في الجزائر". وزاد شارحا بأن "النظام العسكري يحاول التلاعب بالرأي العام الداخلي من خلال ادعاء وجود خطر خارجي قادم من المغرب من أجل تبرير نفقاته الضخمة وتصيد هامش الفساد في صفقات التسلح، في وقت يحتاج فيه الشعب الجزائري أكثر من غيره لهذه الأموال التي تنفق على الأسلحة أو على دعم ميليشيا البوليساريو".