"ما هي التأثيرات المحتملة لمشاركة الأساتذة في عملية الإحصاء هذه السنة على الدخول المدرسي، الذي تبقى أسابيع قليلة على بدايته؟"، سؤال لا يزال مثيرا للنقاش داخل الأوساط التربوية، وسط تأكيدات الوزارة على "غياب هذه التأثيرات". عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وجه "انتقادات حادة" إلى رجال ونساء التعليم، وصلت إلى "توصيفات قدحية" بسبب مشاركتهم في عملية الإحصاء، وهو ما اعتبرته أسرة التعليم بمثابة "حملة تشهير". وقال مصدر مسؤول بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، في تصريح سابق لهسبريس، بأن "لا تأثير للإحصاء على الدخول المدرسي للموسم الدراسي المقبل". أكد المصدر ذاته أن تدبير الدخول المدرسي يتم وفق مقرر تنظيم السنة الدراسية، موضحا أن "الوزارة سمحت للأساتذة المعنيين بالمشاركة في الإحصاء العام للسكان والسكنى". وتغيب معطيات رسمية حول عدد الأساتذة المشاركين في عملية الإحصاء، في وقت انتقت فيه المندوبية السامية للتخطيط بشكل عام "ما يصل إلى 200 ألف مترشح". وفي تجربة إحصاء 2014، قرر رشيد بن المختار، وزير التربية الوطنية وقتها، تأجيل توقيع محاضر الدخول المدرسي بالنسبة للأساتذة إلى ما بعد العشرين من شتنبر. وقال المقرر المدرسي لوزارة بنموسى الخاص بموسم 2024/2025 إن "التلاميذ يعودون للدراسة بين الرابع شتنبر والسادس من الشهر نفسه، وبشكل فعلي، وإلزامي بالنسبة للتعليم الأولي في التاسع من شتنبر، وفي الثلاثين من الشهر نفسه بالنسبة لأقسام التربية غير النظامية، وأقسام الفرصة الثانية". وقبل تلك التواريخ، يعود الأطر والموظفون بالوزارة إلى مقرات عملهم بتاريخ 2 شتنبر، وفي الثالث من الشهر نفسه يلتحق أطر التدريس أيضا بمقرات عملهم، وفق المصدر ذاته. وقال جمال شفيق، خبير تربوي: "لا أحد يعرف حجم التأثير؛ لكن أسرة التعليم واعية بقدرتها على تجاوز مختلف الإشكالات". وأضاف شفيق، ضمن تصريح لهسبريس، أنه في ظل غياب العدد الرسمي من الأساتذة المشاركين، فإن "كل الصعوبات التي يمكن أن تظهر يمكن حلها". وتابع الخبير التربوي ذاته: "تجربة محطات الإحصاء الماضية أظهرت أن الأمور كانت دائما تسير بشكل عادي بالنسبة لمشاركة الأساتذة"، مبينا أن "تجربة هذه السنة يجب على جميع الفاعلين بحث مكامن الخلل ومعالجتها بسلاسة حتى يضمن التلميذ التحصيل الدراسي الكافي". وشدد شفيق على أن "مشاركة الأساتذة في عملية الإحصاء يجب ألا تأخذ بعدا سياسيا، ويجب أن يتم البحث عن حلول ناجعة للمشاكل المطروحة مثل تعداد عدد المشاركين حسب كل مؤسسة، وطرح الإجراءات التي يمكن أن تشمل تطوع أساتذة غير مشاركين لتغطية النقص". من جهته، عدد عبد الناصر الناجي، خبير في الشأن التربوي، تأثير هذه المشاركة قائلا: "المستوى الابتدائي أكثر المتضررين من غياب الأساتذة شهر شتنبر". وأضاف الناجي، في تصريح لهسبريس، أن النقاش حاليا هو عن حجم هذا التأثير في ظل غياب العدد الرسمي، مبينا أن "الأكيد هو مشاركة أساتذة المستوى الابتدائي ستكون الأكبر". وأورد المتحدث عينه أن تلاميذ المستوى الابتدائي "محتمل أن يتأثر فصل كامل منهم فقط لغياب أستاذ واحد"، مشيرا إلى أن " التلميذ القادم من العطلة الصيفية يكون فاقدا للعديد من المعلومات، ونخص بالذكر التلاميذ المتعثرون؛ وبالتالي هم يحتاجون إلى تتبع ومواكبة بشهر شتنبر". وزاد: "شهر شتنبر يخصص عادة للتقييم، وتشخيص مستويات التلاميذ، من أجل وضع مخطط تعليمي سواء لمعالجة التعثرات، أو بحث استراتيجية تشمل بقية التحصيل خلال العام الدراسي". وتابع الناجي: "تغييب الأساتذة شهر شتنبر سيدفع التلاميذ إلى الدخول مباشرة نحو التحصيل الدراسي دون تشخيص؛ ما سيؤثر بشكل واضح عليهم بقية الأشهر". وعدم سماح الوزارة لأساتذة مدارس الريادة بالمشاركة بالإحصاء، وفق المتحدث عينه، "اعتراف واضح بوجود تأثير لهذه المشاركة على الدخول المدرسي"، لافتا إلى أن "هذا الأمر سيؤزم وضعية المدارس، ويحدث فارقا شاسعا في جودة التكوين". وختم قائلا: "كان من الأفضل على الوزارة والمندوبية أن يفكرا في الطلبة والعاطلين عن العمل من أجل إنجاح عملية الإحصاء شهر شتنبر".