أعوامٌ ثلاثَة مضتْ بتمامهَا، على انبثاقِ حركة العشرِين من فبراير بالشارع المغربِي، من أجل التغيير، محدثَة رجاتٍ لا تزالُ تداعياتها ماثلةً في الراهن السياسي المغربِي، وإنْ اختلفَ تشخيصُ بواعثها، وما أفرزته من تجارب. النسخَة المغربيَّة من ربيعٍ هادئ، والتي كان لها دستورها واستحقاقاتها وحكومتها، يختلفُ الفاعلُون في المشهد السياسي كما المواطنون، اليوم، فِي موقفهم منها وقراءتهم لما جاءتْ به. هسبريس نقلتْ سؤال رؤية العشرين فبراير إلى أكثر من شخصٍ، وكانتْ الأجوبةٍ فِي غير منحَى واحد؛ بناجحْ: الجماعة حريصةٌ على الجوهر لا الأشكال حسن بناجح، القيادي في جماعة العدل والإحسان، يقول إنَّ ما أسفر عنه الحراك الشعبِي منذ انبثاق حركة 20 فبراير كلُّه مكتسباتٌ إيجابيَّة، معتبرًا مجيئها قبلَ سنواتٍ ثلثة لحظةٍ من عمر نضالاتٍ بدأت منذ عقود في المغرب، بالتضحيات والاعتقالات بين شرفاء الوطن من أجل إحداث التغيير، وكلُّ محطةٍ في ذلك لها سياقاتها واعتباراتهَا. لقدْ حركت العشرون من فبراير الواقع المغربِي، كما يقول بناجح، نحو تغيير حقيقي، يحاول الاستبداد والمنتفعون منه أنْ يحوروا مساره أوْ يجهزُوا عليه، "لكننا نعتقد أنَّ ما نتج عن الحراك، من تكسيرٍ لحاجز الخوف، تحرك فئاتٍ واسعة من المجتمع لأجل المطالبة بحقوقها الأساسيَّة، وما يؤطرها من عدلٍ وحريَّة وعيشٍ كريم، كلُّ تلك مكتسباتٌ نرى أنها صالحة لأن تكون قاعدة أساسيَّة للاستمرار والمضي قدمًا. وعنْ موت الحركة، أوضحَ بناجح أنَّ جماعة العدل والإحسان ليست حريصةً دائمًا على الأشكال، لأنَّ الارتباط يكون بالجوهر، والجوهر الذي برز خلال السنوات الثلاث الماضية، هو تبين جميع الراغبين في التغيير، وبروز إمكانية للعمل المشترك، "إذَا ما استنفذ شكلٌ من الأشكال أغراضه، تمكننا المحافظة على الروح من إيجاد أشكال وأساليب أخرى للتغيير. أفتاتي: 20 فبراير نسفت مشروع الدولة العميقة القياديُّ في حزب العدالة والتنمية، عبد العزيز أفتاتي، يقول إنَّ العشرين من فبراير جاءتْ فِي سياقِ تراكم نضالات الشعب المغربي، وفِي مرحلةٍ مفصليَّة، أصيبت فيها الأحزاب المغربيَّة بحالة إعياءٍ رهيبة، بصورةٍ نسفت مشروعًا كانت تحوكه الدولة العميقة عبر حزب الأصالة والمعاصرة. أفتاتِي يرَى أنَّ ما أنجزتهُ حركَة عشرين من فبراير كانَ تاريخيًّا وكبيرًا، لأنَّ استطاع أنْ يوقفَ المد النكوصي، وإنْ كنَّا لا لا نزالُ نعيشُ ارتباكًا حتَّى اللحظَة فلأنَّ المسار مستمرٌّ إلَى أنْ يبلغَ مداه، أمَّا الحديث عن خذلانِ حزب العدالة والتنمية، للحركة، لدى انبثاقها بعدم مساندتها والخروج، في صفوف نشطائها، فاعتبرهُ المتحدث غير صائبٍ، لاعتباراتٍ لخصَها فِي أنَّ الحركة ليستْ رأسمالًا لأحد، ولأنَّ كثيرًا من المنتمِين إلى حزب المصباح، خرجُوا فيها مطالبِين بالإصلاح. وعمَّا إذَا كانت الحركة قدْ ماتتْ سريريًّا في ذكراها الثالثة، أوضحَ أفتاتِي أنَّ الحديث عن موتٍ يفرضُ وجود هيئة عضويَّة، فِي حينَ أنَّ "20 فبراير" لمْ تستنفذْ أغراضها بعد "حين سننهِي مع الظلم والفساد يومهَا تحديدًا، سيكون بوسعنَا الحديثُ عن موتِ الحركة، واندثارها، أمَّا اليوم فلا مجال لذلك، لأنها نفسٌ وبرنامجٌ للمستقبل". أبو حفص: 20 فبراير يومٌ تاريخي في ذاكرة شرفاء الوطن الشيخُ محمد عبد الوهاب رفيقي، الملقب بأبِي حفص، يقولُ في تصريحٍ لهسبريس، إنَّ العشرين من فبراير يومٌ تاريخيٌّ، استطاع أنْ يضع له قدمًا في ذاكرة "شرفاء هذا الوطن، الذين خرجُوا بكل سمليَّة يطالبُون بإصلاحاتٍ تحقق كثيرًا من مطالبهم، وتلبي كثيرًا من تطلعاتهم، تناغمًا مع رياح الربيع العربي التِي حملت معها قيم التحرر والرقي". فبضل الحراك الشبابِي، يقول أبو حفص "نعيشُ اليوم أجواءً من الحرية والحركة لمْ نعدهَا من قبل، خاصة مع التجاوب الذي كان سريعا، وإنْ لم يكن في مستوى طموح هؤلاء الشباب وتطلعاتهم، إلا أنه كان مشجعًا ودافعًا للاستمرار، ومواصلة النضال، ولذلك علينا أنْ نستغل هذا النفس لتحقيق المزيد من الإصلاحات والتغيير المنشود في أفق تحقيق أقصى ما يمكن من الحريَّة والكرامة وحقوق الأفراد والجماعات". التوكِي: الدستور سحب البساط من الحركة الدكتور وائل التوكي، الذي يعملُ صيدليًّا فِي مدينة مراكش، يرى أنَّ 20 فبراير كحركة احتجاجية أثثت الشارع المغربي، استطاعت أن تلقي على الأقل حجرا في المياه السياسية المغربية الراكدة، بإطلاق مسيرات احتجاجية في نفس الوقت في عدة مدن مغربية، و هذا لم يكن ممكنا لولا التنظيم المحكم لجماعة العدل و الإحسان و منتسبيها. "شباب الحركة اعتادوا أيضا القول أن الدستور الجديد أتى بفضل ضغطهم، هذا صحيح إلا حد ما، لكن الدستور يبقى إجراء متقدما أقدم عليه العاهل المغربي لسحب البساط من تحت أرجل الحركة، و هذا ما نجح نسبيا" يستطردُ وائل. وائل يضيفُ أنَّ حركة عشرين فبراير، وبعد ثلاث سنوات من وجودها، يبقى إنجازها الرئيسي فِي وصول حزب العدالة و التنمية إلى "السلطة"، الذي استطاع القفز على غليان الشارع وفهم كيف يجب استغلال الحركة لتحقيق مآربه السياسية، "فهل كان انسحاب جماعة العدل و الإحسان من الحركة مباشرة بعد صعود الإسلاميين إلى "الحكم"، و الذي حكم على الحركة بالموت الإكلينيكي، تضامنا إسلاميا-إسلاميا، أو تكتيكا سياسيا يدخل ضمن منظومة استراتيجية أكبر بكثير؟ الأيام فقط بإمكانها الإجابة عن هذا التساؤل" يستاءلُ المتحدث. إبراهيم: 20 فبراير ولدت من رحم المعاناة إبراهيم، الطالب في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، يرى أنَّ 20 فبراير كفكرةٍ نبيلة ولدت من رحم المعاناة وكان هدفٌ سامٍ يتطلعُ إلى مغربٍ أفضل يسع الجميع، وتتحقق فيه الحرية والعدالة والاجتماعية، "فكرةٌ كتلك هناك من يتبناها ويدافع عنها، كما أنَّ ثمة في المقابل من يرفضها، لكنَّها بعد التلاشِي، في ذكراها الثالثة، تظلُّ موجودةً كحلمٍ، ما دامَ هناك شبابٌ يؤمنُ بها؛ شبابٌ غير انتهازِي ولا يكترثُ بالمناصب". ينهِي ابراهِيم كلامه.