حول موضوع "سياسة التعمير والسكنى" ومقاربة "أثرها على الدينامية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية والمجالية"، قال رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، إن "المغرب راكم منذ مطلع القرن العشرين، في سياق التحولات الاقتصادية والاجتماعية والديمغرافية التي يعرفها تحت قيادة جلالة الملك، مكتسبات مهمة في مجال السياسات العمومية المرتبطة بالتعمير والإسكان وكذا إعداد التراب". متحدثاً مساء اليوم الاثنين من منصة مجلس النواب في جلسة عمومية للأسئلة الشفهية الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة، ذكر أخنوش أن "الحكومة عاكفة منذ توليها المسؤولية على إصلاح القطاع الاستراتيجي للتعمير والإسكان ضمن منظومة الإصلاح الشامل للسياسات العمومية"، موردا أنه إصلاح "أمْلَتْه سياقات وطنية ترتبط بتوفير كل الإمكانات اللازمة لمواكبة التحولات الديمغرافية التي تعيشها بلادنا في السنوات الأخيرة". واستحضَر أخنوش الدعوة الملكية سنة 2017 إلى " بلورة رؤية جماعية مشتركة حول منظومة متكاملة لإعداد التراب، تقوم على الاستشراف، وتروم ترشيد استغلال المجال والموارد المتاحة، وتساهم في إعادة التوازن للشبكة الحضرية، وتقوية قدراتها على التكيف والتأقلم مع مختلف التحولات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتكنولوجية، مع العمل على تقليص الفجوة بين المجالات الحضرية والأحياء الهامشية والمناطق القروية". 56 ألف أسرة لغة الأرقام لم تغِبْ عن حديث المسؤول الحكومي الأول أمام نوّاب الأمة، موردا أن "تدابير زلزال الحوز خلُصت إلى استفادة فعلية ل 56.000 أسرة من الدعم المخصص لإعادة بناء وتأهيل منازلها المتضررة بقيمة 1.4 مليار درهم". وتحدث عن "التدابير المتخذة لإعادة إعمار المناطق المتضررة جراء زلزال الحوز، باعتباره حدثا استثنائيًا شهدته بلادنا، الذي تطلب تعبئة استثنائية لجميع القطاعات المعنية خَلْف جلالة الملك، من أجل تجاوز مخلفات هذه الفاجعة الطبيعية والمساهمة في استرجاع شروط التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لفائدة الأسر بالمناطق المتضررة". وقال: "بعد انعقاد 10 اجتماعات للجنة بين-الوزارية المكلفة ببرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، استفادت أزيد من 56.000 أسرة من الدعم المخصص لإعادة بناء وتأهيل منازلها المتضررة بنسبة إنجاز تبلغ 95% بغلاف مالي إجمالي ناهز ملياراً ونصف المليار درهم"، مضيفا أن "عدد رُخص البناء الممنوحة للأسر المستهدَفة تجاوز 53.000 رخصة، بنسبة 90 في المائة من الساكنة التي تم إحصاؤها، بكل من أقاليم الحوز، شيشاوة، مراكش، تارودانت، أزيلال وورزازات". صرف دعم السكن بلغة الأرقام دائمًا، واصل أخنوش كلمته المطولة في السياسة العامة حول الإسكان والتعمير، مبرزاً أن "البرنامج الملكي المتعلق بالدعم المباشر للسكن سيمكن من تسهيل عملية ولوج الطبقات الاجتماعية ذات الدخل المحدود والطبقة المتوسطة إلى سكن يُلبّي حاجياتها المعيشية ويحفظ كرامتها وحقوقها، وكذا الرفع من العرض السكني وإعطاء دفعة قوية للقطاع الخاص، إضافة إلى تحفيز المقاولات الصغرى والمتوسطة وخلق فرص الشغل". ومنذ إطلاقه في يناير 2024، "حَقق برنامج دعم السكن نتائج جد مهمة فاقت التوقعات المنتظرة، كما لقي إقبالا كبيرا من طرف المغاربة داخل وخارج أرض الوطن، وهو ما تعكسه بوضوح الحصيلة الإيجابية التي أبان عنها"، يقول رئيس الحكومة. وكشف أن "عدد الطلبات الواردة على المنصة المخصصة للدعم بلغ إلى غاية 15 يوليوز 2024 أزيد من 84.000 طلب استفادة"، إضافة إلى "أزيد من 17.000 مستفيد حتى الآن"، مفصّلا أن "44% منهم نساء، و22% مغاربة مقيمون بالخارج"، مع بلوغ "قيمة المساكن التي تم اقتناؤها 6,3 مليارات درهم، بمساهمة إجمالية للدولة تصل 1,3 مليار درهم". وبالموازاة مع هذه الطفرة المحققة، أبرز أخنوش في ثنايا الكلمة ذاتها أن قطاع التعمير والإسكان سجل مؤشرات مهمة منذ انطلاق هذا البرنامج الملكي، حيث ارتفع عدد المشاريع المرخص لها بنسبة 16%، وارتفعت القيمة المضافة لقطاع البناء ب 2.5% خلال الربع الأول من سنة 2024، وارتفعت القروض الموجهة للسكن بنسبة 1.5%، وزادت القروض الموجهة للمنعشين العقاريين بقيمة 3.8%". مدن بدون صفيح كشف رئيس الحكومة خلال الجلسة البرلمانية العمومية أن "61 مدينة مغربية أصبحت بدون صفيح، بفضل اعتماد مقاربة منسجمة، أثبتت فعاليتها في القضاء على المدن الصفيحية في عدد من الحواضر الكبرى". مبرزاً "أثر سياسة التعمير والسكنى على الدينامية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية والمجالية"، تعهّد رئيس الحكومة بمواصلة تعزيز الأوراش والتدخلات العمومية لمعالجة ظاهرة السكن غير اللائق والتسريع من وتيرة استكمال برنامج "مدن بدون صفيح"، بهدف جليّ: "خلق مجالات حضرية عادلة ومستدامة وتحفيزية، في احترام تام للخصوصيات المعمارية والجمالية للمدن المغربية". وكلّف برنامج "مدن بدون صفيح" خزينة الدولة "ميزانية إجمالية تناهز 45,7 مليار درهم"، مساهِماً منذ انطلاقه في تحسين ظروف عيش أكثر من 347.000 أسرة، بنسبة معالجة بلغت 75%"، وفق المعطيات الرسمية التي أعلنها أخنوش. "الحكومة تعتزم تنزيل برنامج خماسي للفترة 2024-2028 لتسريع وتيرة محاربة السكن غير اللائق والقضاء على دور الصفيح بشكل نهائي لفائدة 120.000 أسرة مستهدفة، وهو برنامج يقوم على أساس الدعم المباشر كآلية مالية محفزة لمعالجة السكن الصفيحي، ومواصلة العمل بمقاربة إعادة الإسكان وتعبئة الوحدات العقارية في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص"، وفق المسؤول الحكومي ذاته. وتابع: "لا تفوتني الفرصة للتأكيد على المجهودات المضاعفة التي تبذلها الحكومة لتنزيل الآثار المنتظرة من هذا البرنامج الملكي ذي الأبعاد الاجتماعية، إذ عمِلنا خلال هذه الولاية على تسريع وتيرة تحسين ظروف سكن حوالي 44.000 أسرة". وأفاد بأن المعدل السنوي للإنجاز ارتفع من 6200 أسرة مستهدفة في الفترة 2018-2021، إلى أكثر من 18.000 أسرة سنويا خلال السنتين الماضيتين، أي بحوالي ثلاثة أضعاف، مع مضاعفة وتيرة الإنجاز خاصة بالمناطق والتجمعات الحضرية الكبرى كالدار البيضاء، مراكش، تمارة، الصخيرات وسلا. وأشار رئيس الحكومة إلى أنه نتيجة لمضاعفة التدخلات الهادفة للحد من ظاهرة تزايد دور الصفيح، تراجعت وتيرة انتشارها خلال فترة السنتين ونصف السنة الماضية بنسبة "ناقص 48%"؛ إذ انتقل معدل التزايد من 10.400 أسرة سنويا ما بين 2012-2021 إلى أقل من 6500 أسرة سنويا خلال الولاية الحكومية الحالية. وبحسب أخنوش، فإن الحكومة التي يرأسها "تمضي قدُمًا نحو إحداث قطيعة مع كل الاختلالات والنواقص التي كان يعيشها قطاع التعمير والإسكان، وتتحمل المسؤولية السياسية كاملة لإحداث التغيير المنشود في هذا الميدان".