تعتبر قضية البيئة بجوانبها المتعددة أبرز القضايا التي استغرقت وقتا ولا تزال تأخذ قدرا كبيرا من الاهتمام، جعل الإدارة تتحمل مسؤوليات متزايدة لتدعيم وسائل حماية البيئة والمحافظة على تنمية مواردها، ففي المغرب قد اتخذت في التطبيق العلمي صورا شتى، فأولا قد صرفت جانبا من هذه الجهود لمحاولة بلورة وصياغة القواعد القانونية التي تضبط العمل الإداري في المجال البيئي وصياغة العديد من التشريعات التي تكون مجموعها ما يعرف بقانون البيئة من فروع القانون، فقد كان من المهم أيضا أن ينصرف قدر من هذا الاهتمام المشار إليه للبحث في ضرورة إنشاء أجهزة إدارية تناط بها مهمة الاطلاع بمجمل الوظائف والاختصاصات ذات الصلة بقضايا البيئة وموضوعاتها المختلفة، ومع ذلك فإن معظم مشكلات البيئة مازالت تزداد كثافة وليس هناك ما يدعو للتفاؤل، ولا تزال التحديات البيئية تبعث على الرهبة، بالنسبة للنصوص القانونية هي عبارة عن تشريعات متفرقة تهم مجالات مختلفة لا يجمع بينها منطق شمولي يحيط بالبيئة في إطارها العام وفق سياسة بيئية تستهدف دمج الاعتبارات البيئية في المخططات الاقتصادية والاجتماعية. بالإضافة إلى غلبة التشتت وعدم الانسجام على المستوى المؤسساتي، وقد وعدت عدة دول بضرورة تنسيق أنشطة مختلفة في الإدارات تهم القضايا البيئية وكل الأنشطة التي قد تكون لها انعكاسات على البيئة الطبيعية والصدمات بأشكال عويصة، في ما يتعلق بطبيعة الجهاز الحكومي ونطاق حدود اختصاصاته في مجال حماية البيئة تعلق الأمر بإحداث وزارة البيئة بالمؤسسات. إذا كانت بعض البلدان اختارت إنشاء وزارة مختصة في البيئة فإن بلدانا أخرى فضلت توزيع المهام البيئية بين مختلف الوزارات القائمة، ويمكن تصنيف المغرب بين هذه المجموعة الثانية من البلدان إذا أن تسيير البيئة لم يوكل أبدا لسلطة وزارية مختصة، ولكن وزارات عديدة لها مهام أساسية أخرى وتبرهن الممارسة على عدم قدرتها على القيام بوظيفة التنسيق، فالمسؤولية الإدارية في مجال البيئة تبقى مشتتة بين عدة جهات يصعب الوصل في ما بينها. الوسائل المؤسساتية لها دور كبير جدا وفعال، إذ أن البعض يعتبرها هي الترجمة الفعلية على أرض الواقع عن طريق إخراج مجموعة من القوانين إلى الوجود، في هدف التسريع من وتيرة التنمية داخل البلاد الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة نجد الدولة. وباعتبارها ضرورية لتنفيذ التنمية المستدامة، يجب على الدولة أن تكون قدوة من خلال اعتمادها وتنفيذها داخل مؤسساتها بالتدابير المستدامة والإجراءات التي تحث أو توصي بها الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين. ويقوم الأداء المثالي للدولة على تحقيق مجموعة من الأهداف التي تتعلق بالمشتريات العمومية المستدامة والمسؤولية البيئية ومسؤولياتها الاجتماعية والمجتمعية. وعليه يرتكز المحور الأول من الاستراتيجية الوطنية للتنمية البشرية على اتخاذ إجراءات وتدابير نموذجيه داخل الوظيفة العمومية في كل ما يتعلق بالتنمية المستدامة، وقد أعدت الدولة هذه الاستراتيجية عن طريق الوزارة الوصية من أجل تحقيقها في أفق 2030 ومن أجل تحقيق رؤيتها وبلوغ الأهداف المسطرة عن طريق الوزارة الوصية عبر تركيز عملها على ثمانية أهداف وهي: – تعزيز حماية البيئة وتحسين إطار عيش المواطنين والمواطنات؛ وتشجيع الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر من خلال تطوير الأنشطة المدرة للدخل مع الأخذ بعين الاعتبار مقاربه النوع؛ وترسيخ الحكم البيئية والتنمية المستدامة؛ وتقوية أجهزة الرصد واليقظة والوقاية والتوقعات المستقبلية والتخطيط في مجال البيئة والتنمية المستدامة؛ وتعبئة الفاعلين الأساسيين وتعزيز مبادئ التنمية المستدامة في إطار مقاربة تشاركية متكافئة بين المرأة والرجل؛ والسهر على تنفيذ السياسة الوطنية في محاربة تغير المناخ؛ – تعزيز تنظيم ونجاح تدبير كتابة الدولة على المستويين الوطني والترابي في إطار مقاربة تأخذ بعين الاعتبار التكافؤ بين الرجل والمرأة. وفي إطار توجيهاتها الاستراتيجية حددت الدولة الأولويات الأساسية على المدى القصير والمتوسط في ما يلي: * العمل على مستوى التأهيل البيئي وتحسين إطار المواطنين عبر تحسين جودة الهواء؛ تحسين التدبير، التطهير السائل؛ تحسين تدبير النفايات الصلبة. * الحفاظ على الموارد الطبيعية والأوساط البيئية: المساهمة في الحفاظ على الساحل والمساهمة في تثمين التنوع البيولوجي والموارد الجبلية؛ * المساهمة في مكافحة الآثار السلبية للتغير المناخ في ما يتعلق بتشجيع الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر؛ * تطوير منظومات تثمين النفايات الصلبة؛ المساهمة في إنجاز مشاريع نموذجية مبتكرة في مجال البيئة والتنمية المستدامة وتشجيع خلق فرص الشغل في المهن والوظائف الخضراء والمستدامة. أما الملزم الثاني في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة فهو التصريح الحكومي من خلال برنامجها الذي قدم للبرلمان في أبريل 2017 برسم الولايات التشريعية 2017/2021 بتطبيق الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، ووفقا للبرنامج الحكومي يأتي هذا الالتزام تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية التي تنادي بتكريس الانخراط الإداري للمغرب في الجهود العالمية الرامية لبلوغ أهداف التنمية المستدامة. حيث أكد رئيس الحكومة الدكتور سعد الدين العثماني آنذاك في كلمته خلال قمة رؤساء الدول والحكومات حول أهداف التنمية المستدامة مساء الأربعاء 25 شتنبر 2019، المنعقدة بمناسبة الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، أنه بفضل الإرادة القوية على أعلى المستويات في إطار دستوري وقانون ملائم من خارطة المملكة منذ سنوات في تطبيق التزاماتها في هذا المجال في لجنة وطنية تضم مختلف المتدخلين برئاسة رئيس الحكومة لضمان تتبع أدق وتنسيق أنجع. تمكن المغرب من تحقيق التقدم على مستوى عدد من الأهداف السبعة عشر، خاصة في مجال تقايس عدد الوفيات عند الولادة، مصاريف الفقر وتيسير والولوج إلى الخدمات العامة الأساسية وتحسين الظروف المعيشية للساكنة، وتطوير البنيات التحتية وتعزيز الحقوق والحريات، وتنسيق أسس الممارسة الديمقراطية السليمة. وأوضح رئيس الحكومة أن هذه المكاسب تحققت بفضل إصلاحات واسعة استراتيجيات وطنية، والاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وبرنامج الطاقات المتجددة، كما أكد رئيس الحكومة أن اعتماد خطة 2030 للتنمية المستدامة لسنهة 2015 شكلت خطوة تاريخية في مسيرة الجهود المشتركة. مواجهة تحديات التنمية المستدامة هدف كافة الجهات الفاعلة على أساس التضامن الوثيق والبناء تجاه إفريقيا الأفق، ويسهم في الحفاظ على سلامة كوكبنا للأجيال الحاضر والمستقبل الأممالمتحدة إلى إحداث صندوق مالي لدعم تنفيذ أهداف التنمية المستدامة في القاره الإفريقية كذلك صادق المجلس الحكومي في إطار استكمال البرامج حول التنمية المستدامة على مشروع مرسوم رقم 2 /19 /452 بشأن تنظيم اللجنة الوطنية للتنمية المستدامة، تقدمت به السيدة نزهة الوافي، كاتبة المكلفة بالتنمية المستدامة يوم 13 يونيو 2019، ويستجيب هذا المشروع لتطلعات الحكومة لتكون في مستوى الالتزامات التي أخذتها على عاتقها في إطار البرنامج الحكومي الذي أكد على تكريس الانخراط الإداري للمغرب في الجهود العالمية الرامية لبلوغ أهداف التنمية المستدامة وكذا مع الالتزامات الدولية للمغرب منذ اعتماد خطة التنمية المستدامة في الدورة 70 للجمعية العامة للأمم المتحدة. ويحدد مشروع هذا المرسوم على الخصوص مهام وتشكيلة اللجنة الوطنية للتنمية المستدامة، إضافة أعضاء جدد إلى اللجنة مقارنة مع اللجنة الاستراتيجية للتنمية المستدامة، ويتعلق الأمر بكل من الوزارة المنتدبة لذى رئيس الحكومة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة للتخطيط والوكالة المغربية للطاقة المستدامة والوكالة المغربية للنجاعة الطاقية وجمعية المغرب والاتحاد العام للمقاولات المغرب والمجموعة المهنية لبنوك المغرب. تم إحداث لجنة تتبع ومواكبة أهداف التنمية المستدامة لإرساء نظام حكم خاص بتتبع ومواكبة أهداف التنمية المستدامة، تناط بها مهام التنسيق والتتبع والمواكبة بخصوص ما يتعلق بأهداف التنمية المستدامة كما حدد مشروع المرسوم الأعضاء المكونين لها. مباشرة بعد اعتماد الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة في المجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 25 يونيو تحت الرئاسة الفعلية لصاحب الجلالة محمد السادس نصره الله سارعت الحكومة إلى وضع إطار للحكامة مكون من لجنتين وهما اللجنة الاستراتيجية للتنمية المستدامة تحت رئاسة السيد رئيس الحكومة ولجنه القيادة تحت رئاسة السيدة كاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة. وقد تم عقد ثلاثة اجتماعات للجنة القيادة بتاريخ 22 نونبر 2017 و15 ماي و9 نونبر 2018 على التوالي كما تم عقد الاجتماع الأول للجنة الاستراتيجية بتاريخ 22 فبراير 2019 برئاسة السيد رئيس الحكومة بعد أربعة لقاءات للجنة القيادة التي ترأسها كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة والتي مكنت من إعداد واعتماد خارطة الطريق متكاملة لتحقيق الأهداف ذات الأولوية.