لم تكن جورجيا قوة كروية من قبل؛ ولكن مع ذلك حقق منتخب جورجيا معجزة بكل معنى الكلمة بتأهله إلى الأدوار الإقصائية، في أول مشاركة له في نهائيات كأس أمم أوروبا (يورو 2024) بألمانيا. وبدأت الرحلة الخيالية لمنتخب جورجيا بالفوز على اليونان بطلة أوروبا عام 2004، في الدور الفاصل من التصفيات المؤهلة لكأس أمم أوروبا، عبر ركلات الجزاء الترجيحية ليتأهل إلى البطولة القارية في ألمانيا للمرة الأولى في تاريخه. وظهر منتخب جورجيا بمستوى جيد رغم هزيمته أمام تركيا 1-3 في مستهل مشواره بالمجموعة السادسة ليورو 2024، وأعقب ذلك بالتعادل مع التشيك 1-1 بعد معركة شرسة. وبالأمس، سجل منتخب جورجيا فوزا كبيرا على نظيره البرتغالي، بطل أوروبا 2016 ومتصدر المجموعة السادسة، بهدفين دون رد في وجود القناص كريستيانو رونالدو؛ لكن وسط تغيير كبير في تشكيل الفريق البرتغالي مقارنة بأول مباراتين. وفشل رونالدو، الهداف التاريخي لكأس أمم أوروبا وأول لاعب يشارك في ست نسخ من البطولة القارية، في تسجيل أي أهداف خلال دور المجموعات للمرة الأولى في مسيرته. وتقدم منتخب جورجيا بهدف مبكر عن طريق خفيشا كفاراتسخيليا، نجم نابولي، في الدقيقة الثانية؛ ثم أضاف جورج ميكوتادزي الهدف الثاني في الدقيقة ال57 من ضربة جزاء، ليصبح هداف البطولة برصيد ثلاثة أهداف. وقال الفرنسي ويلي سانيول، مدرب جورجيا، في مؤتمر صحافي بعد التأهل إلى دور ال16 الأوروبي: "بصراحة، لا أتذكر ما قلته للاعبين قبل المباراة؛ لكن الرسالة كانت اللعب بطريقتهم المعهودة والحفاظ على الانضباط حينما لا تكون الكرة بحوزتنا، وحينما تكون بحوزتنا نلعب". وأضاف: "أخبرتهم بأن يتذكروا كيف كانوا يلعبون حينما كانوا في ال16 أو ال17 من عمرهم، دون أي تفكير، وقد أدوا بشكل مذهل اليوم، فوق كل التوقعات". وجاء النجاح في يورو 2024 تزامنا مع الأزمة السياسية التي تعيشها جورجيا في الوقت الراهن، إذ أصدرت الحكومة قانونا يشدد القواعد المتعلقة بتلقي المنظمات غير الحكومية للتمويل الأجنبي؛ مما أدى إلى احتجاجات حاشدة في الشوارع... وفشلت محاولات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية في إثناء حكومة جورجيا عن قرارها. ولكن يوم الأحد المقبل ستحتشد الدولة بأكملها لمشاهدة أبطالها وهم يقارعون إسبانيا، أحد أبرز المنتخبات المرشحة للفوز باللقب في كولونيا، في دور الستة عشر من البطولة القارية. وأشار سانيول: "حينما تكون الفريق الصغير تدرك أنه ليس لديك ما تخسره، الشيء الوحيد الذي قلناه قبل البطولة هو أننا لن نندم". وأوضح: "ليس لدينا أثقال على أكتافنا، المسؤولية الوحيدة لدينا هي جعل الشعب الجورجي فخور بلاعبيه، وأعتقد أننا قمنا بذلك بأفضل طريقة ممكنة". ولا تكترث الجماهير لكون المواجهة أمام إسبانيا ستنتهي بعد منتصف الليل في تبليسي، حيث سيكونوا على أهبة الاستعداد لليلة من الاحتفالات بصرف النظر عن النتيجة.