دافع والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، عن قرار "خفض" سعر الفائدة الرئيسي ب0,25 نقطة أساس إلى نسبة 2,75 في المائة، بعد أن كان استمر مستقراً في 3% لأربعة اجتماعات فصلية متتالية لمجلس البنك المركزي. الجواهري، الذي كان يتحدث مجيباً عن أسئلة الإعلاميين خلال لقاء صحافي مساء اليوم الثلاثاء عقب الاجتماع الثاني لمجلس البنك المركزي، أكد أن "قرار تقليص سعر الفائدة اتُّخذ بإجماع أعضاء المجلس الذين بينهم خبراء وأكاديميون اقتصاديون"، مسجلا أنه "مستند إلى مجموعة من المؤشرات التي منحَت الضوء الأخضر للخفض بعد اجتماعات سابقة شهدت الرفع أو التثبيت". "كنا قد نُعاتَب ربما لو لم يُقدِم بنك المغرب على هذا القرار في ظل المعطيات القائمة، التي تغيّرت بين مارس ويونيو 2024 بحسب التحليل المنجَز"، يورد والي بنك المغرب، مذكرا بسيرورة كرونولوجية أفضت إلى قرارات الرفع (اجتماعات مارس 2023، ويونيو وشتنبر ودجنبر من السنة نفسها)، بالموازاة مع جهود كبحِ تصاعد سريع للتضخم. وفي تعداده لأسباب تخفيض سعر الفائدة قال المسؤول ذاته: "وصلنا إلى مستوى من التضخم في 2024 أقل من 2 في المائة، مع توقعات بإنهاء التضخم سنة 2024 بنسبة 1.5% ، ثم توقعنا 2.7 خلال 2025، باستحضار الزيادات المرتبطة بسعر غاز البوتان.. وبالنسبة لنا فإن بنك المغرب يشتغل في إطار تحقيق الهدف المرتبط بالتحكم في نطاق التضخم المستهدَف". "الضوء الأخضر" يتمثل أيضاً في "نسبة نمو الأنشطة غير الفلاحية إلى 3.4 بالمائة قبل أن تصل إلى 4.8 في المائة سنة 2025". وفي هذا الصدد علق الجواهري: "بدأنا نلامس الأرقام التي لم نَرَها منذ سنين، إذ كنا دائما نقترب من 3 إلى 3.3%، تضاف إليها وضعية المالية العمومية بتوقعات عجز الميزانية تصل إلى 4.1%، فضلا عن سقف ديون الدولة متحكم فيه في نطاق بين 68 و70% بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي". كما أكد المسؤول المالي الأول بالمغرب أن "العجز الخارجي أبان عن ظروف مريحة مع احتياطي رسمي يكفي لحوالي 6 أشهر، وكذا مشاريع استثمار ضخمة وأوراش كبرى دشنها المغرب (موانئ الداخلة والناظور وتحلية المياه والسدود...)"؛ وكلها مؤشرات "تحسّنت بصفة ملموسة أعطتنا اطمئنانا"، بحسبه. غيرَ أن الجواهري عاد ليستدرك بأنه "في اجتماع شتنبر القادم سيقوم مجلس البنك بإعادة تقييم جميع المعطيات الاقتصادية والمؤشرات المالية للمملكة"، مشددا على أن "عدم اليقين الاقتصادي موجود، خاصة في ظل تحول المعطيات الجيو-سياسية وتصاعد التوترات وكذا ما قد تسفر عنه عدد من الانتخابات في 70 بلداً، بعضُها لها علاقات قوية مع المغرب". كما استحضر المسؤول ذاته ما تضمنته "رسالة رئيس الحكومة المؤطِّرة لقانون مالية 2024 التي حددت أهداف الحفاظ على التوازنات الماكرو-اقتصادية"، مردفا: "...الحكومة حاولت الوفاء بكلمتها بخصوص السنتين القادمتين من حيث التوقعات والتنزيل"، مشيرا إلى أن "هذا الأمر يعد ضوءا أخضر إضافياً لإقرار تقليص سعر الفائدة". في توقيت مناسب في موضوع ذي صلة، وبعد أن عبّر عن دعمه في مارس الماضي لصرف حكومة أخنوش "إعانات الدعم المباشر للأسرة المستحقة"، مضى والي بنك المغرب مسانداً قرار رفع الدعم عن غاز البوتان في إطار تقليص تدريجي لنفقات صندوق المقاصة، وقال إنه "جاء في التوقيت المناسب، إذ تمّ تأخير قرار تقليص الدعم عن غاز البوتان إلى حين إطلاق الدعم المباشر وبدء استفادة الأسر الضعيفة". القرار بحسب الجواهري "لا يطال فقط الأسر المغربية، بل حتى القطاع الفلاحي الذي يستخدم هذا الغاز بشكل كبير"، بحسبه، مشددا في نبرة تنويه على أن "التوقيت الذي اختارته الحكومة مناسب، وتطبيق القرار بشكل تدريجي مناسبٌ أيضاً". والي البنك المركزي المغربي استدلّ في معرض حديثه بأن "قرار رفع سعر 'البوطا' لم يتم تطبيقه دفعة واحدة، بل جاء مدروساً على مسار تدريجي"، مسجلا أن "تقليص تكاليف المقاصة يوفر هوامش مالية مهمة لميزانية المملكة في إطار تمويل مشروع الحماية الاجتماعية والدعم المباشر". يشار إلى أنه في تحيين لتوقعاته أفاد البنك المركزي المغربي، في أعقاب انعقاد ثاني اجتماع فصلي له هذه السنة، بأن "التضخم الداخلي، بعد تسجيل نسبة 6,6% في 2022 و6,1% في 2023، يواصل تراجُعه إلى معدلات متدنية نتيجة انخفاض الضغوط التضخمية خارجية المصدر، وتدني أسعار المواد الغذائية متقلبة الأثمان". وقال بنك المغرب إنه "من المتوقع أن يُنهي التضخم السنة الجارية بمتوسط 1.5% قبل أن يرتفع في العام المقبل 2025 إلى 2.7%"، "آخِذاً بالاعتبار هذه المعطيات واستئناف عملية رفع الدعم"، بحسبه.