الظروف والتحديات: نشير منذ البداية الى أن امتحانات هذا السنة كانت متأثرة باضطرابات وإضرابات الأساتذة التي استمرت حتى شهر يناير، مما أدى إلى إصدار أطر مرجعية مكيفة لامتحانات البكالوريا في شهر فبراير. كما نشير الى أن تكييف برنامج الرياضيات يتعلق بأربع نقط أساسية بخصوص شعبة العلوم الرياضية: – حذف الجزء المتعلق باللوغاريتم ذات الأساس a – حذف الجزء المتعلق بالدالة الأسية ذات الأساس a – حذف المعادلات التفاضلية – حذف نظمات العد ذات الأساس b – حذف الفضاء المتجهي من درس البنيات الجبرية. بالنسبة للجزء المحذوف المتعلق باللوغاريتم ذات الأساس a ودالته العكسية فلا يعتبر أساسيا بالنسبة لمادة الرياضيات وإدراج هذه الفقرة يُبَرر بكون أساتذة مادة الفيزياء يستخدمونه لتقديم بعض الدروس في الكيمياء. الشيء نفسه، بالنسبة للمعادلات التفاضلية وهو درس صغير جدا موجه لأساتذة الفيزياء أكثر من الرياضيات وبالتالي فهو غير أساسي ويمكن الاستغناء عنه في الوقت الراهن على الأقل، خصوصا وأن أستاذ الفيزياء لا ينتظر أستاذ الرياضيات أو يُعَول عليه فهو يقدم المعارف التي يحتاجها من الرياضيات بنفسه لأنها على كل حال معلومات بسيطة وتقدم على شكل قواعد جاهزة للتطبيق بشكل مباشر. نفس الشيء يمكن قوله بالنسبة للأجزاء الأخرى التي تم حذفها بالنسبة للعلوم الرياضية كنظمات العد ذات الأساس b والفضاء المتجهي وهما درسان يمكن تداركهما في المعاهد العليا بسهولة إذا كان ذلك ضروريا أي هناك أسباب معقولة تبرر الحذف بأقل الخسائر. نستنتج مما سبق أن ما تم حذفه هو فقط رسالة للأساتذة مفادها أن يهتم كل أستاذ بالأهم من الدروس وترك الأشياء غير الأساسية التي تم تحديدها بشكل دقيق وواضح للجميع تفاديا للتأويلات أو الاجتهادات الخاطئة. وأعتقد أن هذا الأمر منطقي جدا ولا يمكن حذف الأشياء الأساسية من البرنامج حفاظا على مصداقية البكالوريا المغربية وقيمتها العلمية، حيث لا يجب أن ننسى أن عيون العالم كله تراقب ما يجري وأن شهادة البكالوريا المغربية لا تتعلق بالمغرب فقط بل هناك معاهد ومدارس عُليا يسعى الطلبة المغاربة للدراسة فيها في دول أخرى، وهذه الدول تراقب ما يجري في المغرب وقد تقرر قبول أو عدم قبول هؤلاء الطلبة حسب مجريات الأمور وحسب تكوينهم ووفق ما تم اختبارهم فيه. المسألة الأخرى تتعلق بالوقت، فالمدة الزمنية للاختبار لم تتغير وهي أربع ساعات بالنسبة للعلوم رياضية، وبالتالي فالحيز الزمني المخصص للاختبار لا بد له أن يكون منسجما مع المدة الزمنية التي يتطلبها إنجاز الاختبار وبالتالي فرغم التقلص النسبي لخريطة البرنامج فإن عدد الأسئلة لن يتغير وبالتالي سيتم التركيز على الخريطة المتبقية، وهكذا يمكن القول إن التعامل مع الظروف الطارئة لهذه السنة كان ذكيا وعقلانيا بحيث أن التكييف مس جوانب غير ذات أهمية كبيرة ليتم التركيز على الجوانب الأساسية في برنامج الرياضيات بالنسبة للشعبة العلوم الرياضية، ليتم الحفاظ على قيمة ومستوى البكالوريا المغربية استباقا لكل المشاكل التي يمكن أن تحدث للناجحين مع المدارس والمعاهد العليا التي يرغبون في الدراسة بها سواء داخل المغرب أو خارجه. تحليل اختبار الرياضيات الخاص بالعلوم الرياضية: من المعلوم أن المدة الزمنية المخصصة للاختبار الوطني هي 4 ساعات، وقد تضمن أربعة تمارين، الأول حول التحليل (7,5 نقط) والثاني حول حساب التكامل والمتتاليات (2,5 نقط) والثالث حول الأعداد العقدية (3,5 نقط) والرابع حول البنيات الجبرية (3,5 نقط) والتمرين الأخير حول الحسابيات (3 نقط). يؤكد أستاذ الرياضيات جابر قدور من مدينة فاس أن الموضوع يغطي جل المقرر المعدل إلا درس الاحتمالات ومعظم أسئلته كانت في متناول التلميذ الحسن وعدد أسئلته معقول وفي حدود المتداول في اختبارات مدتها أربع ساعات، كما أكد على أن الموضوع خال من أسئلة الفرز وغير المنتظرة أي في وضعيات جديدة. بخصوص تحليل أسئلة التمارين قدم الأستاذ جابر الملاحظات التالية: – التمرين الأول كلاسيكي ومشابه بشكل كبير لأحد مواضيع الباك القديمة ويغطي هذا التمرين جل معارف التحليل وخصوص التأطير واستنتاجاته. – التمرين الثاني جيد وفي الصميم ويستهدف معارفّ ذات أهمية ومهارات معتبرة في التكاملات. – التمرين الثالث فهو عادي وأسئلته مألوفة، لكن الجديد فيه، يقول الأستاذ جابر، أنه على غير العادة لم يتم التصريح بحلي المعادلة وبني الجزء الثاني على هذا المبهم، وكذلك طرأ تغيير في طريقة طرح الأسئلة ومع ذلك يبقى التمرين بسيطا. – التمرين الرابع عادي ولا يشكل أي صعوبة تذكر. اللهم ما وقع من سهو في السؤال الأول. – أسئلة التمرين الخامس عادية لكن بدل استعمال مفهوم الموافقة تم استعمال مفهوم قابلية القسمة. في خلاصة تدخله يقول الأستاذ جابر: لقد رجعوا بنا الى النمطية التي كنا قد تحدثنا عنها من قبل وكنا نظن أننا تجاوزنا ذلك من خلال مواضيع 2022 و2023، لكن يظهر أن هناك حنينا الى الماضي. كما قدم أستاذ الرياضيات "B.LOUKILLIA" من مدينة "KHRIBGA" بعض الإضافات الهامة، ويلاحظ بالنسبة للتمرين الأول أن الدالة المشتقة تحتوي على دالتين مساعدتين تم تحديدهما باستعمال حساب التكامل، يقول الأستاذ يحسب للجنة المشرفة على الاختبار كما أكد الأستاذ نفسه على الإتقان الذي يتميز به التمرين الثاني على مستوى المتميز للطرح. أما أستاذ الرياضيات ياسين مغازلي من مدينة الصويرة فيؤكد أن اختبار الرياضيات بالنسبة لشعبة العلوم الرياضية كان مناسبا جدا وأن عددا من التلاميذ أكدوا له أنهم تمكنوا من إنجاز الاختبار بشكل جيد ودون مشاكل تذكر. يبدو أن اختبار البكالوريا لمادة الرياضيات بشعبة العلوم الرياضية لهذه السنة مناسب جدا ومتوازن، حيث أنه يتضمن تمارين هامة ومفيدة وذات قيمة علمية، ويتضمن العديد من الأسئلة التي يمكن للتلاميذ الإجابة عنها بشكل عادي وهناك أسئلة أخرى تتطلب مجهودا فكريا مهما وهذا أمر طبيعي جدا لما يتعلق الأمر بالبكالوريا علوم رياضية، وهكذا يمكن القول إن هذا الاختبار لا يخلو من صعوبات لكنه يعبر عن مستوى جيد يستحقه تلاميذ العلوم الرياضية الذين تمتعوا بالشجاعة والقدرة على الاستمرار في الشعبة، دون اللجوء إلى الاختيار السهل وبالخصوص أولئك الذين بذلوا مجهودات كبيرة خلال التحضير تتناسب مع ما تتطلبه شعبة العلوم الرياضية من عمل جدي متواصل يعكس القيمة الحقيقية للبكالوريا في شعبة العلوم الرياضية. الخاتمة: كما أسلفنا في البداية يمكن القول إن التعامل مع الظروف الطارئة لهذه السنة من طرف اللجنة الوطنية المكلفة باختبارات الرياضيات كان ذكيا وعقلانيا، بحيث أن التكييف مس جوانب غير ذات أهمية كبيرة ليتم التركيز على الجوانب الأساسية في برنامج الرياضيات بالنسبة لشعبة العلوم الرياضية ليتم الحفاظ على قيمة ومستوى البكالوريا المغربية استباقا لكل المشاكل التي يمكن أن تحدث للناجحين مع المدارس والمعاهد العليا التي يرغبون في الدراسة بها سواء داخل المغرب أو خارجه، ولو بتراجع طفيف عن مسيرة التغيير التي تقودها اللجنة الوطنية والمتمثلة أساسا في محاربة النمطية المدمرة، لكن كما يقال إن ظهر السبب بطل العجب وأعتقد أن الرجوع بخطوة نحو الوراء في بعض الجوانب يكون ضروريا بل إن عدم الرجوع كان سيكون خطأ لا يغتفر نظرا للظروف الاستثنائية التي تحدثنا عنها سابقا. في النهاية نتمنى لجميع المجدين في بلدانا كامل التوفيق والتفوق والنجاح لما فيه خير لبلدنا العزيز.