في أُولى الجلسات التي أعقبت إطلاق "مؤسسة محمد الخامس للتضامن" النسخة الرابعة والعشرين من عملية "مرحبا" لاستقبال المغاربة المقيمين بالخارج (بين 5 يونيو و15 شتنبر 2024)، لم يغب موضوع يثار بداية كل صيف حول "غلاء أسعار الرحلات ومطالب الجالية المغربية" عن اهتمامات عدد من المستشارين والمستشارات من فرق برلمانية مختلفة ساءلت الوزير الوصي. وفضلاً عن "وضعية قطاع النقل الطرقي بالمملكة" أياما قليلة قبل احتفاء المغاربة ب"العيد لْكبير" التي أثارها "الفريق الاشتراكي–المعارضة الاتحادية"، مبرزا "التهاب أسعار النقل الطرقي للمسافرين"، أشعلت أسعار الرحلات الملتهبة، ومطالب الجالية المغربية، القديمة–المتجددة كل سنة، بتدخُّلٍ واضح لدى مالكي الشركات الأوروبية للنقل البحري والجوي لتخفيض أسعار التذاكر، أطوار حصة الأسئلة الموجهة إلى وزير النقل واللوجيستيك، محمد عبد الجليل، الذي أقرّ بهذا الارتفاع، عازياً إياه إلى ما وصفه ب"حرية الأسعار المعتمدة في إطار اقتصاد السوق المنتهج بالمغرب منذ عقديْن، وعوامل أثمنة عالمية لارتفاع أسعار الوقود نظراً لتضخم الاقتصاد العالمي"، وفق تعبيره. في هذا الإطار، طرح فريق "الاتحاد العام للشغالين بالمغرب" سؤالا شفويا حول موضوع "تخفيض تذاكر التنقل نحو المغرب لفائدة مغاربة العالم"، مبرزاً من خلال المستشارة واضعة السؤال معالمَ "مفارقة معاناة هذه الفئة بينما تعتزّ بالخطب الملكية والرعاية السامية التي يوليها لهم عاهل البلاد مقابل غلاء فاحش تُقابل به رغبتهم في قضاء عطلتهم الصيفية مع الأهل بوطنهم الأمّ، خاصة باستحضار التزامن مع عيد الأضحى". وأكد الفريق ذاته، مخاطبا الوزير عبد الجليل، أنه "لا يجب تركُ مغاربة العالم الذين يقدمون خدمات جليلة للمملكة، خاصة من حيث التحويلات وجلب العملة الصعبة سياحيا، عُرضة لما يعرف بقانون العرض والطلب، أو المَقولات بأن هذه السوق مُحرَّرة ولا سلطان لنا عليها". وطالبت مستشارة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب ب"التصدي لكل أشكال الجشع وضمان صوْن قدرة مغاربة العالم الشرائية لكيْ لا يقف التهاب أسعار التذاكر خلال موسم العودة حائلاً أمام عودتهم إلى بلادهم"، حسب تعبيرها. في المقابل، اكتفى وزير النقل واللوجستيك بالحديث عن "حصيلة عملية "مرحبا" خلال موسم الصيف الماضي، التي سجلت، وفق إفاداته، توافد وعبور 3,2 مليون مغربي ومغربية من الخارج، معظمهم من دول جنوب أوروبا، خاصة من موانئ إسبانيا. وقال عبد الجليل مجيبا عن السؤال ذاته: "لا بد أن أذكّركم بأن بلادنا تعتمد على اقتصاد السوق كمبدأ في قطاعات ذات طابع تجاري، وهو ما ينطبق على أسعار النقل البحري والجوي الدولي"، مستحضرا "توقيع اتفاق الأجواء المفتوحة مع الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الأخرى، مما مكن من تنويع عروض النقل الجوي ودخول شركات النقل الجوي ذات التكلفة المنخفضة على خط المنافسة التي تكثّفت في هذا المجال بشكل انعكسَ إيجاباً على مستوى الخدمات المقدَّمة". "عمليات النقل البحري للمسافرين بين المغرب ودول جنوب أوروبا (خاصة إسبانيا) شهدت تطوير النقل بمضيق جبل طارق من كلا الطرفين، بالترخيص لشركات الملاحة التي توفر عروضا متنوعة تتماشى مع حاجيات مستعملي هذا النمط من النقل"، يورد المسؤول الحكومي في محاولة ل"تبرير غلاء التذاكر" الذي تجددت بشأنه شكاوى مغاربة العالم. وقال إن "عملية مرحبا موضوعة في صلب اهتمامات الوزارة"، وإن "900 ألف مغربي مقيم بالخارج دخلوا عبر الموانئ خلال عملية مرحبا 2023، مقابل 800 ألف دخلوا عبر المعابر البرّية، و1.5 مليون عبر المطارات"، مشددا على أن "حركية العبور شهدت منذ سنة 2000 (بداية الألفية) تسارعاً تمثل في انتقال الوافدين من الجالية عبر الموانئ من 760 ألفا إلى 900 ألف، ومن 200 ألف إلى 1.5 مليون عبر المطارات". وبعد إشارته إلى "تضاعُف عدد المغاربة المقيمين بالخارج ثماني مرات بين سنتي 2000 و2023′′، أقرّ الوزير بوضوح بأن أسعار تذاكر النقل البحري والجوي مازالت خاضعة لمبدأ العرض والطلب، كما أنها مرتبطة أساسا بالأثمنة العالمية للوقود". جدير بالتذكير أن مؤسسة محمد الخامس للتضامن، التي تقوم ب"تنفيذ وتنسيق عملية مرحبا" بوصفها الواجهة الأساسية للتواصل مع أفراد الجالية، قد فتحت 24 فضاء للاستقبال "مرحبا"، لتقديم خدمات المساعدة الاجتماعية والرعاية الطبية. وتم داخل المغرب، بحسب المعطيات الرسمية للمؤسسة، "تشغيل 18 فضاء للاستقبال بكل من موانئ طنجة المتوسط، وطنجةالمدينة، والحسيمة، والناظور، وبمطارات الدارالبيضاء محمد الخامس، والرباط سلا، ووجدة أنجاد، والناظور العروي، وأكادير المسيرة، وفاس سايس، ومراكش المنارة، وطنجة ابن بطوطة، وبباحات الاستراحة طنجة المتوسط، والجبهة، وتازاغين، وسمير المضيق، وكذلك بمعابر باب سبتة وباب مليلية". أما خارج التراب الوطني، يتابع المصدر نفسه، فتتواجد مراكز الاستقبال "مرحبا" الستة على مستوى الموانئ الأوروبية: جنوة بإيطاليا، وسيت ومرسيليا بفرنسا، وألميريا، والجزيرة الخضراء وموتريل بإسبانيا.