حجّ مهنيو الصحة من كل حدب وصوب للاحتجاج أمام البرلمان، ضد "عدم استجابة الحكومة لمطالب الشغيلة الصحية بكل فئاتها". ويأتي هذا بالتوازي مع الإضراب الوطني بالمستشفيات العمومية، الذي انطلق منذ يوم أمس الأربعاء ويستمر حتى اليوم الخميس. وهدد التنسيق الوطني بقطاع الصحة ب"تصعيد غير مسبوق"، مطالبا بضرورة تنزيل مضامين الاتفاق السابق الذي تم توقيعه عقب عشرات جولات الحوار. وفي هذا الإطار، قال كريم بلمقدم، الكاتب العام الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، إن "تنفيذ هذه المحطة النضالية يأتي للتنديد بالتجاهل الحكومي غير المفهوم وغير المبرر للركيزة الأساسية لأية منظومة صحية وهي الموارد البشرية، وبالأحرى إذا كانت هذه المنظومة مقبلة على تغيير عميق من أجل تأهيلها لتوفير خدمات صحية جيدة لفائدة المواطنين بعد تعميم التغطية الصحية الشاملة في إطار الورش الكبير للحماية الاجتماعية". وأوضح بلمقدم، ضمن تصريح لهسبريس، أن "ما يشهده قطاع الصحة العمومية هو مثير للاستغراب؛ لأن ما يتم تقديمه من منجزات حكومية في هذا الباب هي بعيدة كل البعد عن المهنيين بكل فئاتهم، الذين هم العمود الفقري للمنظومة"، معتبرا أن "أوضاعهم لم يتم تحسينها، سواء ماديا أم معنويا.. إن ظروف العمل لم يتم تجويدها بالشكل الذي يلبي الاحتياجات الصحية للمواطنين ويجيب عنها بشكل مرن، بعيدا عن كل الإكراهات التي تتحول إلى قيود تحدّ من نجاعة ومردودية القطاع". وتابع الكاتب العام الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية قائلا: "إننا ندين سياسة التجاهل وصم الآذان التي تنهجها الحكومة تجاه الأوضاع المهنية المزرية لعموم مهنيي الصحة عامة والأطر التمريضية بشكل خاص، والهجوم على حقوقهم ومكتسباتهم المشروعة والتاريخية؛ وفي مقدمتها التلكؤ في تنزيل محضري 29 دجنبر و26 يناير المنصرمين المتوافق عليها بين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية والنقابات القطاعية في ختام جولات متعددة وطويلة من الحوار الاجتماعي القطاعي". ونبه الإطار النقابي إلى أن "الشغيلة الصحية جد غاضبة من التعامل الحكومي مع مطالبها الذي يطبعه الاستخفاف والاستهتار بالمسؤولية الملقاة على الفاعل الحكومي، هذا الأخير الذي عليه أن يذلّل كل العقبات والصعاب التي تحول دون الجلوس إلى طاولة حوار مسؤول لحلّ المشاكل؛ الأمر الذي ينتفي كلّيا في هذا الوضع الذي يعيشه مهنيو الصحة بالقطاع العام". ووجه المتحدث ذاته الدعوة إلى الحكومة من أجل "مراجعة أوراقها ذات الصلة بقطاع الصحة، ونؤكد أن الحكمة تقتضي التعامل مع مطالب الشغيلة الصحية بكثير من التبصر ومع مصالح المواطنين الصحية بحكمة أكبر؛ لأن خدمة المواطن المغربي وتحقيق الأهداف المسطرة في البرامج والسياسات الصحية والارتقاء أكثر بالتصنيف المغربي في ترتيب مؤشرات التنمية البشرية لا يمكن أن يتحقق في ظل ظروف يطبعها الاحتقان والتعنت والتصلب، والاستمرار في إهانة مهنيي الصحة على أكثر من مستوى". من جانبه، قال حبيب كروم، عضو المكتب الوطني للمنظمة الديمقراطية للصحة، إن "هذا الإضراب جاء لعدم تجاوب الحكومة مع الملف المطلبي لقطاع الصحة، بالرغم من أنها استجابت لقطاعات أخرى؛ مثل قطاع التعليم ومجموعة من القطاعات في الوظيفة العمومية". وتابع كروم، ضمن تصريح لهسبريس: "وقّع الفرقاء الاجتماعيون اتفاقا مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية يشمل وعدا بالزيادة بألف وخمسمائة درهم بالنسبة للممرضين وتقنيي الصحة وألف ومائتي درهم بالنسبة لكافة الإداريين؛ بالإضافة إلى مجموعة من المطالب الفئوية الأخرى والعامة، كإضافة دراسة جديدة لكافة الفئات والرفع من قيمة التعويضات عن الحراسة والإلزامية وتعويضات عن البرامج الصحية". وأردف عضو المكتب الوطني للمنظمة الديمقراطية للصحة: "كان لدينا أمل كبير بعد جولات تجاوزت الخمسين جولة للحوار مع وزارة الصحة، وفي الأخير وقعنا ووقع جميع الفرقاء الاجتماعيين اتفاقا مع الوزارة التي كان لديها الضوء الأخضر من رئاسة الحكومة ووزارة المالية"، لافتا إلى أن "الاختلاف كان بشأن بداية التطبيق الذي كنا نأمل أن يكون في يناير 2024؛ لكن مرت ستة أشهر دون استجابة أو تصريح أو تجاوب لإيقاف الإضرابات التي لها انعكاسات وآثار سلبية على المواطنين الذين تضيع مصالحهم في الاستشفاء وفي المواعيد وفي التشخيص". وانتقد المتحدث عينه أسلوب الحكومة في التعامل مع الملف قائلا: "هذه ليست طريقة في التعامل مع الملفات المطلبية.. يجب الجلوس إلى طاولة الحوار بكل مسؤولية وجدية، ويجب الاعتناء بالمواطن المغربي وبحقوقه وأيضا حقوق الشغيلة الصحية التي تلقت وعودا منذ كورونا بأن الأوضاع الاجتماعية والمادية تتحسن؛ إلا أننا نرى العكس".