بسم الله الرحمن الرحيم ملايين اللاجئين السوريين في دول الجوار ملايين النازحين من مدنهم وقراهم إلى مدن وقرى أخرى آمنة في الداخل السوري آلاف المعتقلين الذين يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب والتصفية بكل وحشية وسادية آلاف المحاصرين الذين قطع عنهم الغذاء والدواء ويضطرون إلى أكل الجيف براميل متفجرة تحيل المدن إلى خراب،أرحم منها سلاح كيماوي يأخذ الأرواح بسرعة،والسوريون يتمنون الموت بسرعة فلا يجدونه تراجيديا لم يسبق لها مثيل في التاريخ المعاصر تتم فصولها على مرأى ومسمع من العالم وعلى يد نظام بعثي مستبد اعتمد بخبث ومكر سياسة تغليب الأقليات لإخراس الأغلبية،تُرك الشعب السوري وحيدا لمصيره،اغتر بالدعم الظاهري أول الأمر لآل سعود الذين يخدمون أجندتهم الخاصة ويتحركون هم كذلك من منطلقات مذهبية،ومعاداتهم للحركات الإسلامية "السنية" لا تحتاج إلى دليل،وخاب ظنه في معارضة لاهم لبعض فصائلها إلا التنقل بين الفنادق،وثالثة الأثافي مساندة إيران للنظام من منطلقات مذهبية في تنكر واضح للتراث الحسيني المقاوم للمستبدين والناصر للمستضعفين،الشعب السوري يعيش كربلاء يومية،إنها النكبة السورية تتم على يد احتلال داخلي،ولما تلتئم بعد جراح النكبة الفلسطينية التي تمت على يد احتلال صهيوني خارجي،وإنها لعملية خلط أوراق معقدة ، وتديرها القوى الكبرى مستغلة الانقسامات المذهبية للعالم الإسلامي للحيلولة دون إقامة ديمقراطية حقيقية وتفكيك منظومة الاستبداد،ومن مصاديق تلك العملية: إيران تدعم "حزب الله" في لبنان السعودية تدعم حزب الحريري في لبنان روسيا تحمي إيران أمريكا تحمي السعودية الأسد تحميه روسياوإيران السيسي تحميه أمريكا والخليج عصارة التعصب المذهبي والانقلاب على الثرات الحسيني المقاوم:إيران عصارة تحنيط الإسلام ونهب الثروة وتسليط العجزة والمعوقين على رقاب الناس:آل سعود غدا ستعض السعودية أصابع الندم على تفريطها في كنوز استراتيجية كالإخوان،وستعض إيران أصابع الندم على ما ضيعته من رصيد شعبي يوم تجد نفسها وحيدة في مواجهة مستقبلية حتمية مع غرب لا يحب سنة ولاشيعة ولكن تهمه مصالحه. ستستدعي "النكبة السورية" جل المعجم الذي ألفناه مع "النكبة الفلسطينية":اللاجئون،المخيمات،الشتات،حق العودة...إلخ،وكم هي معبرة تلك الرسالة الرمزية تلك بعث بها لاجئ فلسطيني إلى السوريين،جاء فيها: "ستكون الخيمة مزعجة في الليلة الأولى، ثم في السنة الأولى، بعد ذلك ستصير ودودةً كواحدٍ من العائلة، لكن حاذر أن تقع في حبها، كما فعلنا! لا تبتهج إن رأيتهم يقيمون لكم مركزًا صحيًّا، أو مدرسةً ابتدائية، هذا خبرٌ غير سارّ أبدًا! وإيّاك أن تتورط بمطالبات غبية مثل بناء بيوت بسيطة بدل الخيام، أو بخطوط مياه وكهرباء، ذلك يعني أنك بدأت تتعايش.. وهنا مَقتلُ اللاجئ، وهنا أيضًا مَقبرته! انتبه دائماً أن لا تترك غضبك في الخيمة حين تخرج، كُن غاضباً دائما، غضبك هو الذي سيجعلك حيّا، غضبك مَعدات بقائك، وإن استرحتَ يومًا فهذا يعني أنك لم تعد تلهثُ باتجاه "العودة"! ولا تُدرّب أولادك على الصبر، الصبر حيلة العاجز، وذريعة مَن تَخلّى، واللاجئ يموت إن لم ينظر خلفه مرّتين في اللحظة الواحدة. أنت لستَ ابن "هناك"، تَذَكّر هذا دائما، أنت لك "هنا" جميل ولا يُخان .. لا تنم ليلةً دون أن تُعدّد محاسنه لأطفالك، واقرأ عليهم كيف مات الناس، وكيف ذُبحوا على شاشات التلفزيون لأنهم لم يُصفّقوا للخِطاب، وقل لهم إنك تنام بين أشجارٍ غريبة، لأنك لم تشأ أن تُلدغَ من جُحر واحدٍ مَرّتين! سيبيعك الناس لبعضهم، تلك هواية السياسيين، وسيجيئك المتضامنون من كل البلاد، ستصير أنتَ شعارهم الانتخابي، ويتقربون بك إلى الله، وستزداد همّة الناس في تفقّدك في "رمضان"، وفي الأعياد والمناسبات الدينية! والبعض سيصوّر أطفالك منهكين وجائعين، لمجرد أن يحصل على مكافأة من رئيس التحرير، أو مدير المحطّة، وزوجتك النائمة الآن في الظلّ قد تكون موضوعًا لصورةٍ تفوز بجائزةٍ دولية! تلك حياتك الجديدة: سينشب حبٌّ في الخيام، ويولد رَسّامٌ موهوب، وسيولد أيضًا عميلٌ وعاهرة، وسيولد فدائي مهنته أن يصنع (من جزمةٍ أُفقا!) ستتعلّمون لغات جديدة، ومشاعر جديدة، وستنشأ علاقةٌ مُلتبسةٌ مع المنفى، وقد تشعر في ليلةٍ ماكرةٍ بأنه لا ينقصهُ شيء ليكون كافياً كوطن.. لكنك سرعان ما ستنتبه: الأشجار هنا لا تخضرّ كما يجب، والملح ليس مالحا، والذين ماتوا لن يغفروا لي، وتعود تنظر للوراء مرّتين! وهنا سيتقدمُ ابنك الذي صار رجلاً دون أن تنتبه ليحمل عنك الذاكرة.. ليحمل حُلمك الذي أنقض ظهرك! ربما يا صديقي أن الأمر سيبدو مُعقّدًا في البداية، لكنّه واضحٌ: أنت "هناك" لأن ال"هنا" متوعكة، وقد يطول غيابك ليلتين، لكنك لستَ في رحلةٍ للبحث عن هويّة جديدة، ولن تُفكّر حتماً في مدّ سلك كهرباء إلى الخيمة.. تلك خطيئتنا نحن، حين قُلنا: الخيمة ضيّقةٌ ونحتاج خيمتين إضافيتين! يا صديقي لا تُفكّر في الأمر إلا وأنت تنظرُ خلفك، وتذكر أيضًا أنك أدرتَ خدّك الأيسر مرّتين، أيّ خدّ ستدير الآن؟! واسمعني، فأنا أفوقك خبرة ب63 عامًا في هذه "المهنة": لا تلتقط الصور التذكارية مع سفراء النوايا الحسنة، ولا تشكو لهم حرارة الطقس، أو من الحصى في الخبز، وحاذر أن تطالب بخيمةٍ أفضل، ليس ثمة خيمة أفضل من خيمة، وقل لهم إن مشكلتك ليست عاطفية، ولن تحلّها زيارة "أنجلينا جولي" انتهت الرسالة ما لم تقطع الأمة مع الاستبداد ستصبح كل حين على "نكبة"،نسأل الله اللطف.