إذا كانت لك رغبة في دخول لعبة القمار الانتخابي ، ما عليك في البداية إلا أن تجهز نفسك ماليا وتقصد حزبا سواء كان حزبا يمينيا معروفا أو كان حزبا غير معروف شبيه بأطفال الأنابيب .فلا يهم أن لا يكون له حضورا ولا ملامح ولا تاريخ . ولا يهم كذلك إن كنت أنت نفسك مشبوها وغير صالح. الأهم هو أن تتجاوز خطوتك الأولى وتشتري تزكية تخول لك الدخول غمار المقامرة بكل الوسائل المتاحة لك في هذا المجال.فلا يهم أن تتنافس من أجل حصول حزبك الذي بالمناسبة لا تعرف عنه شيئا ولم يسبق لك أن سمعت عنه مطلقا،على أغلبية تمكنه من تسيير شؤون المدينة.وإنما ما ينتظرك سوى تهيئ لائحة تضم مجموعة أعضاء كل واحد منهم يقطن حيا أو زقاقا أو دربا لا مخرج له ، وتجهز نفسك للركوب على ظهران هؤلاء الأعضاء المساكين كوكيل لهم أو واكلهم. واجمع قليلا من الرعاع والمنحرفين والعاهرات وسماسرة الانتخابات ، فلكل ثمنه . "" واكتري دكانا لمدة 15 يوما لتجعله مقرا رئيسيا لك .وها أنت في طليعة حملتك الانتخابية كما العريس، تعرف بنفسك لدى السكان المستهدفين عن طريق المنشورات التي تتصدرها صورك وتحتها صور أذيالك الذين بايعوك بمنحك وجوههم للاستعمال المؤقت. ولم يبقى لك سوى موعد يوم الاقتراع.فبكل تأكيد سيكون السوقسوقك ، اشتري فيه كل الأصوات التي تراها قابلة للبيع، أو اعتمد على من سيشترون لك ذمم الجياع ، فأنت ستكون واثقا من إخلاصهم مادمت قد جعلتهم يقسمون لك بكتاب الله المبين (فالمغاربة يخافون القسم بالقران)قبل أن تسلمهم المالالمستعمل في هذا القمار المسموح به من طرف الدولة والسلطة المحلية بمختلف مستوياتها. لا تخف . فالقائد والأعوان والمقدمين وحتى بعض رجال الأمن الذين يدسون أنوفهم في شؤون لا تعنيهم ، سوف يخدمونك بحيادهم أحيانا وبتدخلهم أحيانا أخرى مقابل ما قدمته لهم من أكرامات بسخاء. فأنت في النهاية لا تفقه في السياسة ولا تمارسها أصلا. وما عليك إلا المراهنة بشتى الوسائل بما فيها الممنوعة وتحصل آنذاك على الأقل بفوز وكيل لائحتك الذي هو أنت. ليتسنى لك انتظار طلبات الأحزاب المنافسة على رئاسة مجلس المدينة . وبع ذمتك وذمم كل من تبعوك من سذج وجهلة ومغفلين في حملتكهاته لأي كان بالسعر الذي يرضيك . وليس هذا وحده ما ينتظرك أكله يا واكيل. فعندما يستقر الحال ويصبح فيه مجلس المدينة او المقاطعة على أحسن ما يرام. فستصبح بإذن القمار رجلا غنيا يضرب له ألف حساب . وستصبح الفرصة سانحة أمامك لانقضاض على كل ما يحلو لك من منافع الملك العام كالأكشاك ومحطات وقوف السيارات والدكاكين الحضرية والأسواق والسمسرة في الصفقات ، والارتماء على البقع والأراضي بالإضافة إلى الرشاوى التي ستحصل عليها مقابل توسطاتك لقضاء أغراض المفسدين الأقل منك فساد، فيما يتعلق بعشوائية البناء وكل ما هو محسوب على ملكية جماعتك أو مقاطعتك. أرأيت كيف ستصبح غير مفلس ، في ظرف 15 يوما. وستعيد كل ما خسرته في لعبة القمار الانتخابي بأضعاف الأضعاف.ولن تجني من وراء هذه اللعبة غير النفع الشامل والخير العميم. والفضل يعود طبعا لطريقة التصويت على الائحة التي أبدعتها عبقرية الداخلية عوض التصويت الأحادي.إنها الطريقة الوحيدة التي فتحت لك المجال وللمفسدين والسماسرة أمثالك. والتي ستجعل منك شخصا مهما يقام له ويقعد. كلام خارج التغطية أبله ومغفل وأحمق من يعتقد أو يظن أو حتى يخال أن المغرب بالفعل يسير نحو بناء الديمقراطية والحداثة وحقوق الإنسان. وسنكون لا نملك ولو غراما من المخ لو صدقنا أن الدولة لها إرادة حقيقية في التغيير،أمام ما نراه من اغتصاب بوحشية في حق الديمقراطية التي لا زال بيننا وبينها مسافات وأزمنة وحقب. و مانراه في هذه الاستحقاقات من مشاهد وصور ووقائع لتبشرنا بمستقبل سياسي أكثر بلقنة ، سيجعل مصائرنا في أيادي قذرة لن تعمل إلا على المزيد من التيئيس وقتل ما تبقى فينا من أمل في أن نكون شعبا له إرادة وكبرياء .إنهم يحشون وعينا للقضاء على كل أحلامنا وأمانينا المشروعة في هذه البلاد . فهل نحن شعب يستحق بالفعل كل هذه المهازل ؟ وهل ستظل أحلامنا في أن نكون شعبا يستحق التقدير والاحترام بعيدة المنال ؟ هذا ما تبشر به استحقاقات هذا العام.. وبه وجب الإعلام