أكبر دليل على أن مدارس الدولة و جل مؤسساتها التعليمية فاشلة ،أن مسؤولين كبار في هذه البلاد السعيدة لا يرسلون أبناءهم إلى مدارس و مؤسسات الدولة، ولا غرابة أن نجد من هؤلاء من يتقلد مناصب عليا في قطاع التربية و التعليم. "" وكيف لهم أن يرسلوا أبناءهم إلى مؤسسات المخزن، وهم العارفون بأمرها و أسرارها و بحالاتها الصحية التي تزداد ترديا كل ساعة. ثم ،أليس هذا هو أكبر إحتقار لمدرستنا العمومية ! فقط أولاد الشعب المهلوكين تجدهم كل صباح يذهبون إلى مدارسهم و أغلبهم بلا فطور، كل سنة يصارعون الفصول على تقلباتها، ببردها و مطرها و حر شموسها. الجوع و العطش و الفقر و في حالات أخرى المرض، فكيف لهذه الأمة أن تأسس لمستقبلها بشكل سليم بعيدا عن الفشل و قريبا جدا من ما يسمى ب" الهدر المدرسي" ؟ أما البقية القليلة المحظوظة من أبناء الشعب، فتجدهم وقد تكدسو مثل السردين داخل علبة / عربة النقل المدرسي للتعليم الخصوصي الرخيص الذي لا فرق بينه و بين التعليم العمومي ربما سوى في الإسم ،مادام هدف هذا الأخير هو الربح المادي لا غير! أقسام مكتضة تفوق العدد المعقول و المناسب لإنجاح العملية التعليمية التعلمية، الشيء الذي يصعب معه تحقيق ما يشاع تحت إسم "ضبظ القسم": فكيف يمكن لمدرس أن يضبط قسما يفوق عدد أفراده أربعون تلميذا، أغلبهم له مشاكله و همومه الخاصة ماديا و إجتماعيا و نفسيا ...ناهيك عن الظروف الصعبة التي يدرس فيها المدرس طلبته، و هي أمور أنتم أعلم بها.. فمن منا لم يمر من( دهاليز) المدرسة العمومية ، وربما لازال بها !! ليس جديدا أن المدرسة العمومية أصبحت تطرح مشاكلها بكل جدية، لا على مستوى البنيات التحتية ، ولا على مستوى مواردها البشرية ، ولا على مستوى المناهج و المقررات المدرسية علاوة على مشاكل أطرها و موظفيها من ترقية و إنتقال ...إلخ. دون أن نتحدث عن الجرائم و الأحداث المؤلمة من ضرب و جرح و مخدرات و قتل داخل المدرسة المغربية كما حدث في وزان مثلا( هنا سأقصي عمدا الجامعات، و هذه طامة أخرى) وهي ظواهر إن لم يتم محاربتها و القضاء عليها، ستنذر لا محالة بقرب إنهيار منظومة القيم الأخلاقية و التربوية بصفة عامة داخل مؤسساتنا التعليمة. فماذا سيتبقى من مجتمع إن فسدت أخلاق فلذات كبده في هذه المؤسسات ؟ لكن الغريب أن الدولة على الرغم من المجهودات التي تقوم بها في هذا المجال،فهي كلها لا تسمو إلى المستوى المطلوب، و تبقى دون معالجة شاملة لكل المشاكل التي يطرحها هذا القطاع.. هنا نطرح أكثر من سؤال: هل الدولة أصبحت عاجزة عن مسؤولياتها تجاه هذا القطاع؟،و هذا السؤال يستمد مشروعيته إنطلاقا من تلك الأصوات التي تدعو إلى خوصصة التعليم ...يعني و بطريقة أسهل ستصبح الشركات الخاصة و ربما الأجنبية هي التي تشرف على تربية و تعليم أبنائنا !! ناهيك عن مصاريف هذه الخوصصة بالنسبة للأسر المحدودة إلى المنعدمة الدخل ... شعب بدون تعليم كشخص بجسد دون عقل .. فماذا عساه أن يصير!! رحم الله أيام الطفولة، يوم كنا ننشد كعصافير الربيع : مدرستي الحلوة ...مدرستي الحلوة ..