ثلاثة أسابيع بعد الحكم الابتدائي على ستة مواطنين مغاربة بالإعدام رميا بالرصاص من قبل محكمة عسكرية صومالية، نددت به ست هيئات مغربية نشطة في مجال إلغاء عقوبة الإعدام، ضمن بيان مشترك، بعد أن رأت أنه "ينال من حقهم في الحياة الذي لا يمكن أن تبرره حتى أخطر الجرائم". ودعت الهيئات المغربية ذاتها السلطات إلى "اتخاذ الإجراءات المستعجلة لإنقاذ أرواح هؤلاء المواطنين من القتل وترحيلهم، حيث وصلوا إلى الصومال بحثا عن العمل، قبل أن يتم التغرير بهم من قبل جماعة إسلامية متطرفة، ليتهموا فيما بعد بالانتماء إلى تنظيم الدولة الإسلامية داعش". كما لفت المصدر ذاته إلى أن الرأي العام الدولي ومختلف الهيئات الحقوقية مدعوان إلى التدخل "بشكل عاجل من أجل مطالبة الصومال باحترام حقوق الإنسان وإلغاء حكم إعدام المواطنين المغاربة، حتى لا تظل الإنسانية تحت رحمة عقاب همجي بلون الإعدام". وبالعودة إلى تفاصيل الواقعة، قضت محكمة عسكرية صومالية بمدينة بوساسو شمال البلاد، بداية مارس الجاري، بإعدام المغاربة الستة بسبب "محاولتهم تدمير حياتهم وحياة المجتمع المسلم وحياة الشعب الصومالي وزرع الفوضى في البلاد"، وفقا لما نقلته تقارير إعلامية دولية، في وقت أشار فيه محامي المتهمين إلى أنهم "تعرضوا للتضليل". وحسب المصدر ذاته، فإن المعنيين "تم منحهم 30 يوما كمهلة من أجل التقدم بطلب الاستئناف حتى لا يتم تنفيذ الإعدام رميا بالرصاص الصادر في حقهم ابتدائيا"، في وقت جرى الحكم على مواطن صومالي بدوره بعشر سنوات سجنا نافذا. عبد الإله بنعبد السلام، عضو "الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام"، قال إن "الحق في الحياة حق كوني ودستوري يسمو على باقي الحقوق، حيث يتعارض مع عقوبة الإعدام التي تظل مرفوضة مهما كانت الدواعي والأسباب التي دفعت إلى الحكم به ضد أي شخص كان". وأضاف بنعبد السلام، في تصريح لهسبريس، أن "المواطنين الذين تم الحكم عليهم في الصومال بالإعدام، مغاربة في نهاية المطاف وعلى الدولة أن تجتهد حتى يظفروا بحقهم في الحياة الذي لا يعوض أبدا، في وقت جمدت فيه تنفيذ عقوبة الإعدام منذ سنة 1993". وبيّن المتحدث أن "المغرب يشغل في الوقت الراهن رئاسة المجلس الدولي لحقوق الإنسان، وبالتالي يجب عليه ألا يقبل بمرور حكم بالإعدام كهذا خلال هذه الفترة التي يظل فيها مراقبا للحالة الحقوقية العالمية"، لافتا إلى أنه "المغرب مطالب بالتدخل بشكل ودي وحقوقي من أجل أن تتم إعادة النظر في الحكم في المرحلة الاستئنافية، وهذا ما نتمناه". وتابع: "ندعو الحكومة إلى التعامل مع الأمر بالجدية اللازمة، لأن المسألة تتعلق بحق أشخاص مغاربة في الحياة، حيث يمكنها التشاور بخصوص الآلية التي من الممكن أن تتدخل من خلالها، سواء من خلال وزارة العدل أو المندوبية الوزارية لحقوق الانسان، أو حتى المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي له موقف إيجابي من إلغاء عقوبة الإعدام". من جهته، قال محمد العوني، عضو "شبكة الصحافيات والصحافيين ضد عقوبة الإعدام"، إن "المغرب مدعو إلى التفاعل بشكل عاجل مع الحكم على المواطنين المغاربة الستة بالإعدام، بالنظر إلى كون هذا الحكم يتنافى مع كونية الحقوق وسمو الحق في الحياة، فضلا عن كونه يتزامن مع تولي المملكة رئاسة مجلس حقوق الإنسان الدولي". وأكد العوني، في تصريح لهسبريس، أن المغرب "يجب أن يتدخل بأقصى سرعة ممكنة في هذا الملف ليعطي النموذج على المستوى العالمي، حيث انخرط منذ سنوات التسعينات في وقف تنفيذ عقوبة الإعدام الصادرة عن المحاكم الوطنية، وسيكون كذلك نموذجا حقوقيا دوليا تزامنا مع سقوط الغرب في اختبار حقوق الإنسان بفلسطين". ولفت المتحدث إلى "وجود توجه عالمي من أجل الوقف النهائي والكلي لتنفيذ عقوبة الإعدام، حيث مازالت دول قليلة هي التي تتمسك بالتنفيذ على المستوى الإفريقي"، مشيرا إلى أن "المغرب لديه علاقات مع دولة الصومال يجب أن يستغلها لإنقاذ هؤلاء المواطنين الذين يواجهون الموت بالإعدام". وخلص العوني، العضو بالائتلاف المغربي ضد عقوبة الإعدام كذلك، إلى أن "المملكة مدعوة إلى تسخير جميع هياكلها ومؤسساتها في هذا الصدد، من الخارجية إلى وزارة العدل، المجلس الوطني لحقوق الإنسان وكذا المندوبية الوزارية المكلف بحقوق الإنسان؛ فالتنسيق بين هذه المؤسسات يمكن أن يعطي ثماره في هذا الصدد".