- صور وتمثلات المغاربة في الشتائم - "" "المعيورة"،السب،القذف،الشتيمة،الإهانة،التجريح،الخدش،"حشيان الهدرة"،"دفيع لكلام"،"التمنقيص" تعابير درج عليها المغرب كبقية الشعوب للتعبير عن شدة الحنق أو التعبير عن لحظات من الغضب وأحيانا عن " الضحك الخايب " كما يسميه المغاربة .
تختلف الشتائم عند المغاربة من الشتيمة المباشرة قولاإلى الإيحاءات الجسدية إلى الكتابة على أي شيء وفي أي مكان(جريدة،حائط،،دفتر،مدونات،تعاليق،مرحاض)، لا مكان لحرمة الشتيمة سواء بين الناس العاديين والعوام حتى تصل لهرم السلطة .
والشتيمة تعبير صريح عن مواريث الثقافة الشعبية المغربية والثقافة الشفهية عموما وعنوان كبير عن ذهنية مغربية لم تتخلص من رواسب الماضي.
كيف يتمثل المغاربة الشتيمة ؟
وماهي صورة المغربي من خلال الشتائم؟
وكيف يتقبل المغاربة الشتيمة؟
وكيف تنظر السوسيولوجيا المغربية وعلم النفس للشتيمة وتمثلاتها لدى المغاربة؟
تاريخ الشتائم في المغرب
المغاربة كبقية سكان البحر الأبيض المتوسط معرفون بشدة الإنفعال، كما أن التاريخ العربي ملئ بقصص الهجاء التي تضم قسما كبيرا من الشتم ، وهناك قبائل عربية كان لها شعراء يحمون هيبتها بتفنن في رد الهجاءات والسب من طرف الخصوم . لايخرج تاريخ الشتيمة في المغرب عن هذا الإطار وهناك قبائل مغربية تنعث قبائل مجاورة لها بأحط السباب وتصف سلاطين تعاقبوا على حكم المغرب بشتائم ظل يتناقلها المغاربة شفهيا .
ويمكن أن نقسم تاريخ الشتيمة إلى قسمين ، جزء منه مكتوب وهو عبارة عن نتف تاريخية هنا وهناك وجزء أخر تناقلته الذاكرة الشعبية شفهيا نظرا لما كان يظهره المخزن من بأس شديد وتنكيل بكل من يلحق " الأذى " لسلاطين المغرب وهم المنحدرون من الدوح الشريف،وكذلك رجال المخزن الذين زرعوا الرعب والقمع في النفوس. لذلك كانت الشتيمة في " الظهر" بأحط الأوصاف من صنع المغلوبين على أمرهم لعدم تعادل الكفتين بين الشاتم والمشتوم.
الملاحظة الأساسية أن المغاربة لم يكتبوا في هذه الموضوعة الشديدة التعقيد التي تكشف بعضا من عيوب المغاربة وكيف يتصرفون في حالة الحنق والهيجان وفي حالة الإحساس بالظلم وكذلك في التعبير عن الواقع اليومي البائس بعيدا عن تصنع فعل التحضر في أوقات كثيرة .
صور وتمثلات المغربي من خلال الشتائم
يصور المغربي من خلال الشتائم المتدوالة في المغرب في حالة من الإنتقاص التام لإنسانيته وكرامته المجروحة بمهانة كبيرة ويحمل الشاتم شحنات زائدة من العدوانية يفرغها في لحظات غضب بكلمات جارجة وقاسية تضفي عليها الدارجة جرعات زائدة من السخرية، وهي أشد من الضرب الجسدي دون أن تترك كدمات واضحة ولكن الشتائم تبقي أثرا نفسيا عميقا من الكآبة ومن الإحساس بالظلم و بالإحتقار في نفسية المشتوم.ويتصورها المغاربة جميعا "كأذية" تنزل بهم من طرف الحاقدين والمتسلطين.
يصور الطفل المغربي في حالة السباب والشتم ب"البرهوش""البرهوشة " "البعلوك""البعلوكة" الفاقد للأهلية والذي لايمكن محاسبته وتنتقل حالة الصييانية هاته إلى وصف الإجتماع الذي لايفضي إلى شيء ب"اجتماع ديال البراهش"كيفما كان هذا الإجتماع وهي كما يسميها الباحث الإسباني أماندو دي ميغيل بالخروج من متاهة الشتائم التقليدية وإختراع بعض التعابير الجديدة مع إبقاء بنية السخرية للإضفاء على الشتيمة مسحة جديدة.
وتصور المرأة المغربية في الشتائم المتدوالة بأحط الأوصاف بالعاهرة والفقيرة و"الخانزة""البركاكة""الكلبة"... والحط من كرامتها في أي نزال بسيط أو خصام.في حين لايتم شتم المرأة الغنية وهذه من المفارقات.
وتوصيف المرأة المشتومة بأنها " سهلة الإغواء" نظرا للوضع الإجتماعي والإقتصادي البائس وهذا يحيل إلى كيف يفكر الرجل والمجتمع عموما في المرأة المغربية.من جهة أخرى فإن ربط المرأة في الشتيمة بالحيوان" الكلبة"" بنت الكلب" فيه إهانة كبيرة للمرأة بالحط من إنسانيتها والغريب في الأمر إعادة إنتاج نفس القيم من خلال إنتاج مجموعة من الأغاني الشعبية التي لقيت نجاحا باهرا مثال( نجاة اعتابو/ شوفي غيرو شوفي الكلبة تبعاه).
وتبقى هذه النعوتات المستمدة من الشتائم "لحرامية" ""لحريمية" "الخانزة" "صوبيصا"،"مريوة"،"سكايرية"...أي الحرام،الحيل،عدم الطهر والنظافة والإنتقاص الكامل من أنوثتها هي إسقاطات لمرجع ديني محض يقلل من المرأة ومن مكانتها.
وتصور المرأة من جانب أخر ب"المسخوطة""الواعرة" "القبيحة" وهوتمثل يحيل إلى قدرة المرأة على القيام بأي فعل دنئ في نظر المجتمع.
كما يتمتلها المجمتع من خلال صورة "البايرة""المسخة" "لهبيلة"،"الحمقا"،"قبيحة" وهذه التوصيفات وهذه الشتائم تعكس رؤية المجتمع بصفة عامة للمرأة حينما تتخلف عن موعد الزواج قليلا أو لها نسبة معينة من الجمال مظهريا.
أما الرجل فلايخرج عن نطاق هذه التمثلات الشتائمية مع إضافة تلك العبارة المغربية الشهيرة "راه غير راجل والمعيور ما غاديش يلصق به راه ماشي مرا" وهنا يمكن إبداء ملاحظة جوهرية أن الشتائم تلتصق فقط بالمرأة أما الرجل فيظل قويا رغم ما يوصف به "سكايري"، "حشاش" خلواض"... وهذه من المفراقات العجيبة، ينضاف إليها عدم سب الرجل الغني.
وإذا كانت الشتائم في المغرب تعكس قوة الرجل وضعف المرأة فإنها تبرز طريقة تفكير المجتمع ويمكن التطرق إلى حالة العلاقات العاطفية وعلاقات الزواج وحالات السب والشتم التي تنبني على ضوء هذه العلائق.ونجد "مذلولة"(من الذل)، المهانة،"الشايطة"،"الرخيصة"...في وصف طبيعة المرأة داخل هذه العلاقة سواء كانت زوجة أو خليلة أو خادمة.