قفزت أسعار الذهب في الأسواق المغربية اليوم الأربعاء بشكل متسارع، بعدما سجلت ارتفاعا تاريخيا في السوق العالمية خلال جلسة أمس، حيث بلغت ذروتها عند 2141.79 دولارا للأوقية. وانتقل سعر الغرام من 510 دراهم إلى 530 خلال ساعات فقط، ما كبح العرض في السوق، بالنظر إلى تطور كلفة الذهب الخام وعدم استقرار سعره. ولجأ تجار ذهب إلى تخفيض حجم معروضاتهم في السوق، تجنبا لخسائر مالية مهمة خلال موجة الارتفاعات الحالية، المتأثرة بالسوق العالمية، باعتبار أن بيع المنتجات حاليا بأسعار مرتفعة سيوفر سيولة لا يمكن استغلالها في دورة التجارة، خصوصا من خلال اقتناء الذهب الخام، إذ إن كلفة اقتنائه تصاعدت وقلت الكميات المعروضة منه. ويعتبر التزود بالذهب الخام من أهم المعضلات التي تواجهها سوق الذهب الوطنية، ذلك أنه بخلاف دول أخرى يعرض المعدن الأصفر للبيع بالجملة عبر البنوك، فيما تظل السوق المغربية محكومة بقوانين السوق السوداء، التي توفر المادة الخام بأسعار خاضعة لمبدأ المضاربة وتعدد الوسطاء. وأفاد حسن أوداود، تاجر ذهب ومتخصص في تصنيع وتسويق المصوغات، بأن تجارة الذهب تخضع لدورة مالية معينة، تحركها السيولة والأرباح، موضحا أنه عند ارتفاع أسعار الذهب يعمد التجار إلى تخفيض المعروضات تفاديا لتحصيل سيولة لا يمكنها أن تغطي تكاليف اقتناء المادة الخام، خصوصا في ظل عدم استقرار أسعار البيع، المرشحة للارتفاع كل لحظة. وأضاف أوداود أن أسعار البيع تظل مرشحة للارتفاع في السوق المغربية، متأثرة باستمرار منحاها التصاعدي في السوق العالمية، مؤكدا أن سعر البيع النهائي للمصوغات والقطع الذهبية لا يحدد سعر الغرام فقط، وإنما تضاف إليه تكاليف أخرى تتعلق بنوعية الذهب وطريقة التصنيع، التي تختلف بين اليدوية والآلية، وكذا تصميم القطعة، وموضحا أن أسعار بيع بعض المصوغات تبدأ من 580 درهما للغرام فما فوق. وفي ظل عدم استقرار وارتفاع أسعار الذهب الخام بالسوق السوداء، يلجأ مصنعون وتجار إلى المصوغات القديمة والتالفة بغاية تذويبها وإعادة تصنيعها، ثم إنتاج تصاميم حديثة تستجيب لمتطلبات الزبائن، سواء داخل المغرب، أو عبر تصدير الكميات الخام إلى تركيا لتصنيعها هناك، إذ تسمح الإجراءات الجمركية بعملية التصدير من أجل التصنيع. وأوضح المحجوب زهاني، خبير جمركي متخصص في تعشير الذهب، في تصريح لهسبريس، أن هناك مكتبا جمركيا في الدر البيضاء متخصصا في تقييد وتسجيل الصادرات من الذهب الموجهة إلى التصنيع، والواردات كذلك، مؤكدا أن أغلب التجار يختارون تركيا لتوفرها على أجهزة وآليات متطورة لتصنيع الذهب، تحول دون هدر كميات مهمة منه. وتابع زهاني بأن "كميات الصادرات من الذهب لغاية التصنيع بدأ تتراجع خلال الفترة الأخيرة، بعد تنامي استيراد المصنعين المغاربة آليات متطورة توفر مزايا التصنيع في تركيا ذاتها"، مشيرا إلى أن "المقتضيات الجمركية صارمة في مراقبة صادرات وواردات المعدن الأصفر من خلال أختام خاصة، تحول دون التهريب أو التملص من أداء الواجبات والرسوم لفائدة إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة".