يبدو أن أحزاب المعارضة بمجلس النواب عازمة على المضي قدما نحو تقديم ملتمس الرقابة بالغرفة الأولى من البرلمان، على الرغم من علمها المسبق بأن الخطوة لن تؤدي إلى إسقاط حكومة عزيز أخنوش التي تحظى بأغلبية مريحة وانتفاء أي خلافات بين مكوناتها يمكن أن تفتح باب التكهنات بخصوص إمكانية إسقاطها. ينظر الكثير من المتابعين والمراقبين إلى الخطوة التي تتجه فرق المعارضة لتنفيذها في أبريل المقبل أنها لا تعدو أن تكون مجرد صرخة في واد ولن يكون لها أي أثر مباشر على الحكومة، على الرغم من طابع الجدية الذي يحيط بها. وفي هذا السياق، ربطت جريدة هسبريس الإلكترونية اتصالات مع عدد من قيادات أحزاب التحالف الحكومي وبرلمانييها، الذين أجمعوا على أحقية المعارضة في اللجوء إلى تقديم ملتمس الرقابة بمجلس النواب، باعتبار ذلك من "الآليات التي يمنحها الدستور للمعارضة". وقال أحمد التويزي، رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، في أول تعليق رسمي حول الموضوع، إن "من حق المعارضة أن تقدم ملتمس الرقابة لإسقاط الحكومة"، معتبرا أن الخطوة تبقى "عادية، ونتمنى أن تنجح المعارضة في تقديم المقترح". وأضاف التويزي لهسبريس: "لا أظن أننا كأغلبية حكومية سنساير المعارضة في رغبتها بإسقاطها"، مؤكدا أن الخطوة ستمثل فرصة لفتح "النقاش في البرلمان حول السياسات العمومية التي تسهر على تنفيذها الحكومة". وزاد رئيس فريق "البام" بمجلس النواب موضحا: "الملتمس يبقى مجرد محاولة لتحريك المشهد السياسي والنقاش العمومي في البرلمان"، معتبرا أن هذه الخطوة مهمة وستفتح "مجالا للنقاش داخل البرلمان ونخرج من روتين الأسئلة الشفهية إلى نقاش عميق يجعل المواطن المغربي يتابع مؤاخذات المعارضة على تنزيل الحكومة برنامجها الانتخابي والذي سندافع عنه من موقع الأغلبية". وذهب المتحدث ذاته إلى أن مقترح المعارضة من شأنه أن يعيد النقاش السياسي والعمومي إلى داخل مؤسسات البرلمان ومتابعته من طرف المغاربة، بعدما أصبحوا يتابعون "نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي و"يوتيوب" الذي يتحول فيه أي شخص إلى محلل وناقد". من جهته، قال عبد الجبار الرشيدي، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، تعليقا على الموضوع، إن الدستور المغربي "أقر بالاختيار الديمقراطي كأحد الثوابت الدستورية، ومنح للمعارضة العديد من الآليات الدستورية لمراقبة العمل الحكومي؛ بما فيها الحق في تقديم ملتمس الرقابة". وأضاف الرشيدي مستدركا: "لكنه وضعا شروطا لإعماله، إذ لا يمكن قبوله إلا إذا وقّعه على الأقل خُمس الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب حسب الفصل 105 من الدستور، كما اشترط للتصويت عليه الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس النواب؛ وهي شروط من الصعب تحقيقها". وتابع القيادي في حزب الاستقلال موضحا أن المشرع الدستوري "خول للمعارضة حق تقديم ملتمس الرقابة؛ لكنه في الوقت نفسه راعى البعد المتعلق باستقرار الحكومة. لذلك، وضع شروطا لذلك حتى لا يصبح إعمال هذا الحق مثل «سيف ديموقليس»". واستبعد تفعيل هذه الآلية، مؤكدا أن الحكومة تتمتع ب"أغلبية مريحة داخل مجلس النواب، وهي أغلبية متضامنة ومتعاونة فيما بينها ولها مؤسساتها القيادية وآليات التنسيق فيما بين مكوناتها التي تجتمع بشكل مستمر وفق ما ينص على ذلك الميثاق المؤطر لهذه الأغلبية، وتساند بقوة الحكومة في تنزيل برنامجها الذي حصلت بمقتضاه على ثقة مجلس النواب". وزاد المتحدث ذاته مبينا أن الحكومة مقبلة على تقديم "حصيلة نصف ولايتها أمام البرلمان، والتي ستكون موضوع مناقشة وتقييم بين الأغلبية والمعارضة؛ وهي على كل حال حصيلة جد إيجابية، بالنظر إلى الأوراش الإصلاحية الكبرى التي أنجزتها بكفاءة، بتوجيهات من الملك محمد السادس حفظه الله". وأشار الرشيدي إلى أن السؤال الذي يطرح هو "ما إذا كان انتصار الحكومة لهذه الاختيارات الاجتماعية يتطلب إعمال آلية ملتمس الرقابة في مواجهتها؟ لا أعتقد ذلك. أم أن الأمر مرتبط فقط بمحاولة خلق نقاش سياسي وإعلامي حول عمل الحكومة؟"، وذلك في تقليل واضح منه لقدرة المعارضة على إسقاط الحكومة وإشارة إلى أن الخطوة تبقى محاولة لخلق نقاش سياسي لا أقل ولا أكثر.