قال الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، إن "التدبير الأمثل لمرفق العدالة اليوم وتحقيق النجاعة والرفع من جودة أداء العمل القضائي لا يتوقف فقط على ضرورة التمسك بالقيم الأخلاقية، والتوفر على المهارات التدبيرية والكفاءة القانونية، بل إن عماد النجاح يبقى رهينا بضرورة اعتماد الجدية في العمل وفرضها كمنهج متكامل يربط المسؤولية بالمحاسبة". وأضاف رئيس النيابة العامة، في كلمة ألقاها بمناسبة تنظيم دورة تكوينية للمسؤولين القضائيين الجدد، اليوم الإثنين، أن "انعقاد الدورة التكوينية يأتي في سياق تطبعه عدة تحولات تعرفها العدالة بالمغرب، تتمثل في مراجعة القوانين المنظمة للسلطة القضائية وغيرها من القوانين ذات الصلة بمجال العدالة ومَا وَاكَبَهُ ذلك من تَعْدِيلٍ لبعض النصوص القانونية". وأشار الداكي، في افتتاح الدورة التكوينية التي يشرف عليها المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بتنسيق مع رئاسة النيابة العامة ووزارة العدل، لفائدة المسؤولين القضائيين الجدد والنواب الأولين للمسؤولين القضائيين في مجال الإدارة القضائية، إلى أنه "أمام جسامة وتعدد المهام التي يضطلع بها المسؤول القضائي فإن المجلس الأعلى للسلطة القضائية يولي مسألة اختيار المسؤولين القضائيين عناية خاصة، تتمثل في المعايير التي وضعها لهذه الغاية والمؤهلات التي ينبغي توفرها في المسؤول القضائي". وأكد المسؤول القضائي ذاته أنه "استحضارا لثقل وتعدد المهام المنتظرة، سواء من المسؤول القضائي باعتباره المخاطب الأول بالمحكمة أو من نائبه الأول الذي يتولى تدبير المؤسسة نيابة عنه كلما كانت لذلك ضرورة، فإن النجاح في هذه المهام يتطلب تملك قواعد وتقنيات التدبير الإداري"، موضحا أن "المسؤول القضائي أو من ينوب عنه مطالب اليوم بأن يكون متمكنا من أدوات القانون، وفي الوقت نفسه متوفرا على مهارة المُدبر للمرفق الذي يرأسه". وجاء ضمن الكلمة ذاتها أن "النجاح في مجال تدبير الإدارة القضائية يتطلب من المسؤول القضائي وضع برنامج للعمل يربط فيه تحقيق النتائج بالأهداف، مستحضرا في ذلك الإمكانيات المتوفرة والإكراهات المطروحة واستشراف المستقبل، وهو ما يقتضي منه التوفر على لوحة قيادة تُحدد المهام والمسؤول عنها وآليات التنفيذ وآجالها، مع وضع مؤشرات يستطيع من خلالها قياس مستوى الأداء ومعرفة مستوى النجاح الذي تحقق ونقط الضعف التي تؤثر على عمله قصد تلافيها مستقبلا، بالإضافة إلى ترصيد المكتسبات والمنجزات المحققة في إطار التخطيط المستقبلي". كما قال الحسن الداكي إن "عُدَّة المُدَبِّر الإداري في هذا المجال لا تكتمل، في نظرنا، إلا بتملك أدوات التواصل، لأن الإدارة القضائية تقوم على علاقات متشابكة مع القضاة ومع مصالح كتابة الضبط وهيئة الدفاع، وكل مساعدي العدالة والسلطات العمومية والمحلية والإعلام"، موردا أنه "بالنسبة للنيابة العامة تضاف إلى ذلك كيفية ضبط العلاقة مع ضباط الشرطة القضائية بمختلف أصنافهم، وكذا مع فعاليات المجتمع المدني وغيرها، وهي علاقات تتطلب إتقان أسلوب الحوار البناء وسبل بناء جسور التواصل والتعاون في إطار من الاحترام المتبادل والالتزام الصارم بالتطبيق السليم للقانون". وبهذه المناسبة، حث الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض المسؤولين القضائيين بالنيابة العامة ونوابهم الأولين على "مضاعفة جهودهم من أجل الارتقاء بعمل النيابة العامة، بما يُحقق انتظارات المواطن من العدالة الجنائية بصفة خاصة"، طالبا منهم الوفاء بالالتزامات التي تفرضها عليهم مسؤولياتهم واستحضار توجيهات الملك محمد السادس التي أمر فيها ب"الدفاع عن الحق العام والذود عنه وحماية النظام العام والعمل على صيانته، مع التمسك بضوابط سيادة القانون ومبادئ العدل والإنصاف التي ارتآها نهجا موفقا لاستكمال بناء دولة الحق والقانون، القائمة على صيانة حقوق وحريات المواطنين والمواطنات أفرادا وجماعات، في إطار من التلازم بين الحقوق والواجبات".