انتهت زيارة المبعوث الشخصي لدى الأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، ستيفان دي ميستورا، نحو جنوب إفريقيا، حاملا معه تساؤلات عن مستقبل علاقته مع الرباط، وهل أصبح حبل الثقة بين المملكة والمسؤول الأممي الإيطالي ضعيفا. وراكم الدبلوماسي السويدي الإيطالي المخضرم "الكثير من الخيبات" في أبرز ملف تولاه، وهو الحرب السورية، فبعد أربع سنوات من جهود التوصل إلى حل تنحى عن مهمته لأسباب قال إنها "شخصية". ومن الأزمة السورية يأتي دي ميستورا لتولي مهمة حل نزاع الصحراء المغربية المفتعل، لكن منذ تعيينه سنة 2021 لم ينجح في إقناع الجزائر بالعودة إلى طاولات المفاوضات، وذلك من أجل تطبيق قرارات مجلس الأمن، وهي المعضلة التي تواصل الرباط التنبيه إليها. وعوض التركيز على هذا المعطى، قرر دي ميستورا التوجه نحو جنوب إفريقيا، التي تلعب أوراق الجزائر العدائية نفسها في ملف الصحراء، بثوب الدفاع عن الشعوب المتحررة، خاصة في الظرفية الراهنة، حيث يسعى الحزب الحاكم قبل الانتخابات المقبلة إلى لعب أوراق القضية الفلسطينية، والصحراء المغربية. ولم تفرج وزارة الخارجية الجنوب الإفريقية عن مخرجات اللقاء مع دي ميستورا، معتبرة أنها "كانت مفيدة"؛ فيما برر الناطق الرسمي باسم الأممالمتحدة، ستيفان دوجاريك، الزيارة قائلا: "دي ميستورا يذهب للتحدث مع الأطراف التي يعتقد أنه يريد نقاش الملف معها، فهذا جزء من ولايته". التزام بالمسار الأممي يرى لحسن أقرطيط، خبير في العلاقات الدولية، أن زيارات دي ميستورا مهما كانت وجهتها "لن تغير من طبيعة قرارات مجلس الأمن، كما أن مجهوداته تسير وفق آخر قرار أممي". وأضاف أقرطيط لهسبريس أن "زيارة دي ميستورا لن تغير موقف الأممالمتحدة، كون نزاع الصحراء المفتعل محصورا بين الجزائر والبوليساريو وموريتانيا والمغرب"، مشددا على أن "عودة الجزائر إلى طاولة المفاوضات أمر ضروري". ولفت المتحدث ذاته إلى أن جنوب إفريقيا "لا يمكنها أن تلعب أي دور في هذا الملف، وغير مؤهلة لإيجاد حل سياسي، باعتبارها صاحبة أجندات واضحة المعالم". وبخصوص ثقة الرباط في دي ميستورا، أشار الخبير في العلاقات الدولية إلى أن الرباط سبق أن أعلنت التزامها بالمسار الأممي، وأنها ستدعم مهمة دي ميستورا طالما أنه لا يخرج عن سياق القرار الأممي الأخير، لافتا إلى أن "هاته الزيارة لن تغير موقف المغرب من مهمة دي ميستورا الرئيسية، التي تتزامن مع مطلب دولي واضح، وهو إنهاء الصراع في ظل مقترح الحكم الذاتي، وتحت سيادة المملكة على أراضيها". وأبرز المتحدث عينه أن "دي ميستورا سبق أن كشف تعنت الجزائر في إحاطته الأممية حول الملف، والممارسات العسكرية التي تخوضها الجبهة الإرهابية، وتعرقل مهام بعثة المينورسو، في سياق مغامراتها منذ سنة 2020". وأجمل أقرطيط بالقول إن "زيارة دي ميستورا إلى جنوب إفريقيا تستدعي من نظام بريتوريا أن يعي توجه المنتظم الدولي إلى ضرورة تطبيق مقترح الحكم الذاتي"، مبينا أن "هاته الدولة الإفريقية صاحبة مواقف سلبية تجاه الوحدة الترابية المغربية، ودي ميستورا يجب أن يكون قد نبهها إلى هذا الخطأ الذي يعارض الرغبة الدولية". ملف الصحراء محسوم من جانبه سجل محمد نشطاوي، خبير في العلاقات الدولية، أن زيارة دي ميستورا يجب أن ترى من زاوية أخرى، خاصة أن دوجاريك بين أن المبعوث الأممي يريد التحدث مع جميع الأطراف التي تهتم بالملف. ويضيف نشطاوي لهسبريس أن "المغرب يرى وفق المتغيرات الحاصلة أن زيارات دي ميستورا، سواء إلى الجزائر أو جنوب إفريقيا، لا يمكن أن تغير من الواقع، الذي يعيش على وقع ارتفاع أسهم مبادرة الحكم الذاتي، ما يعني أن فقدان الثقة فيه من عدمها غير مهم". وأوضح الخبير في العلاقات الدولية أن "ملف الصحراء حسم للمغرب منذ زمن طويل، إذ إن هنالك قنصليات في العيون والداخلة، مع تصاعد وتيرة المسلسل التنموي في الأقاليم الجنوبية"، وشدد على أن هاته الزيارة من الممكن أن تكون محاولة من دي ميستورا وفق القرار الأممي الأخير "لإقناع جنوب إفريقيا بمخطط الحكم الذاتي"، مشيرا إلى أن "مجلس الأمن كان واضحا بخصوص هاته المسألة".