لم تسلم خسارة المنتخب المغربي لكرة القدم، أمس الأربعاء أمام نظيره الجنوب الإفريقي ضمن ثمن نهائي كأس الأمم الإفريقية التي تحتضنها الكوت ديفوار، من محاولات لربطها بالمواقف السياسية والخطوات التي أقدم عليها المغرب في السنوات الأخيرة، خاصة خطوة إعادة العلاقات الدبلوماسية مع دولة إسرائيل، في تجل آخر من تجليات ما أسماه كثيرون "توسيخ الرياضة بالسياسة". وفي وقت فسر المحللون الرياضيين هزيمة المنتخب المغربي باختيارات الناخب الوطني أو تأثير بعض الغيابات على أداء النخبة الوطنية، فسرت بعض الصفحات ووسائل الإعلام الجزائرية الأمر بما أسمتها "العدالة الإلهية" التي انتصرت حسبها ل"البافانا بافانا"، أو منتخب "المقاومة"، في إشارة إلى مواقف بريتوريا تجاه القضية الفلسطينية، على حساب "أسود الأطلس"، الذي أصابته "لعنة التطبيع" بحسبها؛ فيما خرج مواطنون جزائريون إلى الشوارع احتفالا بهذه الهزيمة. ويبدو أن هذا النقاش لم يعد يقتصر على وسائل الإعلام والصفحات الجزائرية المتوقعة سلفا ردة فعلها، بل انتقل أيضا إلى المغرب نفسه، حيث أثار عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، غضب المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ هاجموا الرجل إثر اعتباره في "تدوينة" له أن مباراة المنتخبين المغربي والجنوب إفريقي هي "مقابلة بين التطبيع والمقاومة"، قبل أن يقوم لاحقا بحذف "التدوينة"، فيما اعتبره البعض "موقفا غير موفق وتنكرا للمغرب"، بينما دافعت قلة قليلة عن الحقوقي، رافضة التشكيك في مواقفه وفي نضالاته الحقوقية. تفاعلا مع هذا الموضوع، قال البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، إن "سلوك إعلام النظام الجزائري تجاه فوز أو خسارة المنتخب المغربي بشكل خاص، أو أي إنجاز يحققه المغرب في أي مجال، هو أمر تعود عليه الشعب المغربي، ويندرج في إطار السياسات العدائية التي ينتهجها هذا النظام مع جواره الإقليمي بشكل يخدم مصالحه التوسعية". وأضاف البراق، في تصريح لهسبريس، أن "استهداف المنتخب المغربي في هذه الظرفية وربط إقصائه بما يقع من مواجهات عسكرية في قطاع غزة هو محاولة من الجهات المعادية للمملكة المغربية للقتل الرمزي للصورة الذهنية الجميلة التي رسمها منتخب الأسود في مونديال قطر عن المغرب والشعب المغربي، وبشكل عام إمكانيات وكفاءات الإنسان المغربي". وأوضح الخبير ذاته أن "ربط إقصاء المنتخب المغربي من نهائيات 'الكان' بما يقع من مواجهات عسكرية بين حركة حماس والجيش الإسرائيلي هو فضيحة إعلامية مكتملة الأركان يتم الترويج لها من طرف الجهات المعادية، وفق خطة متفق عليها وميكانيزمات واضحة مع جهات خارجية وداخلية من أجل الإضرار بصورة المغرب وسياساته الخارجية". ولفت المتحدث لهسبريس إلى أن "التدوينة الغريبة لرئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تندرج في هذا الإطار، إذ تم استغلالها من طرف أعداء الوطن، خاصة أن صاحبها يتمتع بمكانة اعتبارية، بالنظر إلى ترؤسه جمعية حقوقية لها تراثها النضالي وموقفها الحقوقي وإن اختلف معه قطاع واسع من الشعب المغربي، إذ حاول الرجل أن يمارس وصاية على فرحة الشعب المغربي واختياراته بربط المنتخب المغربي الذي ساندته كل شعوب الأرض في مونديال قطر بقضية سياسية بأبعاد عسكرية لا علاقة لها بالرياضة أو بحقوق الإنسان، في محاولة للتأثير على صورته المشعة بقرارات دبلوماسية لها سياقها السياسي والجيوسياسي الخاص بها". وخلص المتحدث إلى أن "صاحب هذه 'التدوينة' وغيره ممن انخرطوا في هذا المسلسل تناسوا أن جنوب إفريقيا لديها علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل، فهي من بين الدول القليلة التي صوتت لصالح قرار تقسيم فلسطين في 29 نوفمبر 1947، الذي يوصي بإنشاء دولة يهودية على أرض فلسطين، وكانت ثاني دولة إفريقية تعترف بإسرائيل إلى جانب ليبيريا في 2 مايو 1948، أي تسعة أيام بعد إعلان استقلال إسرائيل. كما تناسوا موقف نيلسون مانديلا وتصريحه أمام وسائل الإعلام الإسرائيلية أثناء زيارته إسرائيل ولقائه برئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود باراك سنة 1999 قائلا: 'لقد عملت إسرائيل بشكل وثيق جدًا مع نظام الفصل العنصري، ولكن لم تشارك في أي أعمال وحشية'".