أثارت تصريحات لوزيرة الثقافة الجزائرية استغراب عدد من الباحثين والمهتمين بالتراث الثقافي وهي تسرد مجموعة من العناصر التراثية، وتقول إن بلادها تعتزم تسجيلها في قائمة اليونيسكو لهذه السنة، من بينها الزليج والملحون المسجل مؤخرا لدى اليونيسكو. تصريحات المسؤولة الحكومية الجزائرية تعبر مرة أخرى عن جهل هذا البلد ومسؤوليه بمساطر العمل متعددة الأطراف، وكيف تشتغل منظمة اليونيسكو، حسب مصدر مطلع، نفى إمكانية قبول اليونيسكو تسجيل هذه العناصر سنة 2024. وحسب المصدر ذاته فإن اللجنة الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي، التي تجتمع مرة كل سنة، تقبل تسجيل عنصر واحد لكل بلد مرة خلال سنتين، وآخر اجتماع كان ببوتسوانا، وشهد تسجيل فن الملحون تراثا عالميا ضمن قوائم اليونيسكو بالنسبة للمغرب، الذي سجل قبل ذلك سنة 2021 فن التبوريدة. المصدر ذاته اعتبر تصريحات وزيرة الثقافة الجزائرية "بروباغندا" فارغة، في جهل تام للقانون الدولي في هذا المجال، وفي مقدمة ذلك اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي لسنة 2003 التي دخلت حيز التنفيذ سنة 2006، مضيفا أن الجزائر لا يمكنها تسجيل أكثر من عنصر واحد خلال سنتين، إذ سبق أن سجلت فن الراي، وستقوم بتسجيل أحد الأزياء التقليدية سنة 2024، وليس القفطان كما تزعم بعض وسائل الإعلام الجزائرية، وزاد أن اليونيسكو لا يمكن أن تقبل تسجيل عنصر مسجل سلفا من طرف دولة أخرى كما هو الحال بالنسبة لفن "الملحون". إلى ذلك فإن الجزائر لم تكتف بمحاولات السطو، كما فعلت مع الزليج، الذي سجله المغرب لدى مكتب الملكية الفكرية، بل وصل الحد بهذا الجار إلى نقل أعمى لمشاريع مغربية كانت الرباط سباقة في إطلاقها، كما هو الحال بالنسبة لمركز وطني للتراث غير المادي الذي أعلن عن إنشائه الملك محمد السادس في رسالته الملكية الموجهة للمشاركين في اللجنة الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي المنعقدة بالرباط سنة 2022. الجزائر، وفي لقاء مع ممثل مكتب اليونيسكو بالمنطقة المغاربية، الدبلوماسي الفرنسي إريك فالت، المعين حديثا في هذا المنصب والقادم من الخارجية الفرنسية في سياق سياسي ودبلوماسي معروف بين الرباط وباريس، ناقشت عبر وزيرة ثقافتها مشروعي مركز إقليمي للتراث غير المادي وعزمها تنظيم ندوة للتراث المغمور بالمياه، فيما سبق للمغرب أن نظم ندوة مماثلة بمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، ما يعني أن الجارة الشرقية ووزيرة ثقافتها وفنونها أصبح شغلها الشاغل نقل وتقليد مبادرات المغرب، ومناقشة ذلك مع مسؤول اليونيسكو المقيم بالرباط، الذي يحاول اللعب على الحبلين أو يخدم أجندة إدارته السابقة إقليميا.